نتنياهو يفرغ قراره مقاطعة تركيا من مضمونه: الاستيراد عبر طرف ثالث

16 يوليو 2024
لجأ المستوردون إلى طرف ثالث للحصول على السلع التركية/ تل أبيب 4 يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -

سخر عدد من المعلقين في تل أبيب من مشروع القرار الذي وزعه ديوان رئيس حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي، والذي تلتزم فيه حكومته بمقاطعة مطلقة لتركيا تتجسد بالتوقف تماماً عن استيراد أية سلعة من تركيا حتى بعد توقف الحرب على غزّة، رداً على قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثاني من مايو/أيار الماضي وقف التبادل التجاري مع إسرائيل في أعقاب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزّة.

ووصف دين ألماز، كبير المعلقين في صحيفة "غلوبس" الاقتصادية مشروع القرار بأنه "طفولي" لأنه يسمح باستيراد البضائع التركية في الوقت ذاته عن طريق طرف ثالث، مما يعني أن دولة الاحتلال تدلل على أنه لا يوجد بديل عن البضائع التركية. وبحسب ألماز، فإن الحكومات التي ترأسها نتنياهو منذ العام 2009 كرست إدماناً إسرائيلياً على البضائع التركية على نحو لا يترك أمام إسرائيل خيارات أخرى سوى الاعتماد مجدداً على هذه البضائع، عندما يتراجع أردوغان عن قراره.

وكشف ألماز أنه في ظل أزمة الخيارات التي واجهت دولة الاحتلال بعد قرار أردوغان، فإنه لم يكن أمام شركات الاستيراد الإسرائيلية إلا الاستعانة بشركات في دولة ثالثة لكي تعتمد عليها في استيراد البضائع التركية، مما يعني أن نص مشروع "العقوبات" الذي بلوره نتنياهو ضد تركيا راعى هذه الحقيقة، الأمر الذي يعني أن رئيس حكومة الاحتلال أفرغ قرار مقاطعة تركيا من مضمونه.

ولفت إلى أن حكومات نتنياهو هي التي سمحت بالاعتماد على الاستيراد من تركيا لتأمين 29% من الإسمنت و11% من البلاستيك و10% من النسيج، لافتاً إلى أن عمق الاعتماد على السلع التركية هو الذي منح أردوغان فرصة الإضرار بإسرائيل. وبحسب ألماز فإن شركات استيراد في كل من سلوفينيا واليونان وبلغاريا ودول أخرى تستورد البضائع التركية وتصدرها بدورها إلى إسرائيل.

ويبرز المعلق الإسرائيلي حقيقة أنه على الرغم من أن قيمة الاستيراد المباشر من تركيا إلى إسرائيل هبطت بعد قرار أردوغان من 308.6 ملايين دولار في شهر إبريل/نيسان إلى 1.5 مليون دولار في مايو، بعد إصدار أردوغان قراره، إلا أنه يرى أن هذه المعطيات مضللة، على اعتبار أن التصدير يتواصل عن طريق أطراف ثالثة. وشدد على أنه ليس في وسع إسرائيل تحقيق أي إنجاز من وراء "العقوبات" التي تخطط لفرضها على تركيا، لأن الأتراك لن يتأثروا عملياً بهذه العقوبات، إذ إن قيمة الصادرات التركية قفزت بعد قرار أردوغان وقف التبادل التجاري مع تل أبيب بنسبة 4.5%، حيث بلغ 106.9 مليارات دولار.

من ناحيتها أفادت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية بأن الاعتماد على طرف ثالث في استيراد البضائع التركية يفضي فقط إلى زيادة كلفة الاستيراد مما يسهم في تفاقم مشكلة ارتفاع الأسعار. ولا يوجد شك لدى سيمي سبولتر، المعلق في الصحيفة بأن أي توجه إسرائيلي لتحدي تركيا على صعيد التبادل التجاري يمكن أن يدفع أردوغان إلى شن خطوات لا يمكن لإسرائيل تحملها.

انتقادات لقرارات نتنياهو

وعلى الرغم من أن سبولتر لم يوضح هذه الخطوات، فإن معلقين آخرين أشاروا إلى إمكانية أن يقدم أردوغان على توجيه ضربة قاصمة إلى قطاع الطاقة في إسرائيل من خلال منع وصول النفط من أذربيجان إلى إسرائيل عبر ميناء جيهان التركي، مع العلم أن أذربيجان من أهم الدول التي تعتمد عليها تل أبيب في استيراد النفط.

من ناحيته استهجن رئيس اتحاد الغرف التجارية في دولة الاحتلال شاحر تورجمان إقدام حكومة نتنياهو على أية خطوات عقابية ضد تركيا، قد تسدل الستار على الاستيراد منها مستقبلاً، مشيراً إلى أن حكومة نتنياهو سترغَم على تعويض أرباب شركات الاستيراد بمليارات الشواكل حال اتخذت مثل هذه الخطوة. ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن تورجمان قوله إن استطلاعاً أجراه اتحاد الغرف التجارية بين أصحاب شركات الاستيراد أظهر أنهم يجمعون على أن قرار أردوغان وقف التبادل التجاري سيفضي إلى ارتفاع أسعار السلع بنسبة 20%.

ومما يشي بحالة الإرباك التي تتسم بها السياسات الاقتصادية الإسرائيلية تجاه تركيا في أعقاب قرار أردوغان وقف التبادر التجاري، حقيقة أن وزير المالية الإسرائيلية المتطرف بتسلئيل سموتريتش تراجع عن خطة قدمها لفرض ضريبة بقيمة 100% على كل البضائع التي تستورد من تركيا، حتى لو كانت عن طريق طرف ثالث.

في هذه الأثناء واصلت وسائل الإعلام الإسرائيلية تسليط الأضواء على خطوات تركيا الهادفة إلى تضييق الخناق على تل أبيب. فقد أشارت صحيفة "معاريف" أن السلطات التركية رفضت مؤخراً السماح بتزويد طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية بالوقود بعد أن هبطت اضطرارياً في مطار أنطاليا. واعتبرت الصحيفة أن الخطوة التركية تعد "انتهاكاً" لميثاق الطيران المدني.

المساهمون