النقابات العمالية في تونس تستعجل مفاوضات زيادة الرواتب

21 مارس 2018
احتجاجات متواصلة لتحسين المعيشة التونسيين (فتحي بلعايد/ فرانس برس)
+ الخط -

تستعجل النقابات العمالية التونسية الحكومة وممثلي القطاع الخاص من أجل تحديد موعد لبدء مفاوضات زيادة أجور الموظفين، مشددة على ضرورة تحقيق مكاسب جديدة للعمال تتماشى وحجم الضغوط المسلطة عليهم بفعل التضخم وارتفاع كلفة المعيشة.

ويعدّ الدخول في جولة جديدة من المفاوضات حول الزيادة في رواتب العاملين في القطاعين الحكومي والخاص تحدياً كبيراً أمام النقابات العمالية وسط توقعات بأن تزيد المفاوضات في توتير الأجواء بين النقابات والحكومة من جانب واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال من جهة ثانية).

وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في تصريحات إعلامية، أخيراً، أن الظروف الاجتماعية التي تمر بها البلاد على خلفية ميزانية الدولة لسنة 2018، تقتضي التسريع في انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام والوظيفة العمومية المقررة في إبريل/ نيسان.

وشدد الطبوبي على ضرورة إفراد بعض القطاعات بمفاوضات خاصة، تشمل بالخصوص أساتذة التعليم العالي والأطباء الجامعيين، بالنظر إلى "اهتراء" القدرة الشرائية لهؤلاء بصورة ملحوظة، وفق تعبيره.

ويطالب اتحاد الشغل بأن تكون الزيادة في الرواتب هذه المرة مختلفة عن نسب الزيادات في المفاوضات السابقة، مؤكدا أنه لن يقبل بزيادة أقل من النسبة الحقيقية للتضخم بما يمكن من تغطية جزء من الزيادات التي طاولت أسعار جميع المواد الاستهلاكية والخدمات.

وفي نهاية فبراير/ شباط المنقضي سجل معدل التضخم رقما قياسيا ببلوغه 7.1% مقابل 6.9% في يناير/ كانون الثاني وسط توقعات بأن يواصل التضخم المنحى التصاعدي هذا العام، على أمل الاستقرار في حدود 6.8% سنة 2019، وفق محافظ البنك المركزي مروان العباسي.




وقال القيادي النقابي سامي الطاهري، في حديث لـ"العربي الجديد": "كان من المفترض أن تنطلق المفاوضات حول الزيادة في الرواتب منذ شهرين"، مشيرا إلى أن تداعيات رفع الأسعار بمفعول تطبيق قانون المالية تملي التحرك السريع في القطاعين الحكومي والخاص من أجل ترميم القدرة الشرائية لكل التونسيين.

وأضاف الطاهري أن الأشهر القادمة ستشهد مزيدا من ارتفاع الأسعار بفعل التضخم المستورد وعدم استقرار سعر الدينار، فضلا عن دخول جزء جديد من الضرائب التي أقرها قانون المالية حيز التطبيق، قائلا "وحدهم الأجراء في القطاعين العام والخاص يتحملون هذه الزيادات".

وأشار القيادي النقابي إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيطالب بمكاسب مادية لتحسين مناخ العمل وتحفيز العمال على دعم القدرات التنافسية لمؤسساتهم، لافتا إلى أن العديد من قوانين العمل أصبحت تحتاج إلى مراجعات شاملة.

وأكد الطاهري أن المنظمة النقابية ستتصدى لكل ما يمكن أن يهدد السلم الاجتماعي وحقوق العمال، مشيراً إلى أن غلاء المعيشة فاقم في السنوات الأخيرة هجرة الكفاءات بشكل مجحف ما أفرغ القطاع الحكومي من كفاءاته الذين اختاروا القطاع الخاص أو الهجرة إلى دول أجنبية بحثا عن تحسين وضعهم المالي، واصفا سلم الأجور في تونس بالهزيل.

وإذا كان موضوع زيادة الرواتب محسوما في القطاع الحكومي، فإن الأمر يختلف في القطاع الخاص الذي يعتبر المشرفون عليه أن الوضع الاقتصادي والضغوطات الضريبية على المؤسسات لا يسمحان بتحمل أعباء جديدة للزيادة في رواتب نحو مليون ونصف مليون تونسي ينتمون لهذا القطاع.

ويرى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة حمادي الكعلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الظرف غير ملائم لإطلاق جولة جديدة من مفاوضات الزيادة في الأجور، معتبرا استقرار الوضع الاقتصادي وتحسن مردودية المؤسسات شرطا أساسيا لتحمل الزيادة في الرواتب.

وقال الكعلي إن عدة قطاعات، على غرار النسيج، تكابد من أجل الاستمرارية والمحافظة على فرص العمل، داعيا إلى الحكمة قبل الزج بهذه القطاعات في دوامة الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية.

ولفت عضو اتحاد الصناعة والتجارة إلى أن الزيادات في الأجور على امتداد السنوات الماضية لم تساهم في تحسين القدرة الشرائية للتونسيين بسبب ارتفاع نسبة التضخم وتواصل انزلاق سعر الدينار، مؤكداً أن وقف هذا النزيف يحتاج إلى دعم قدرات القطاع الخاص حتى يقوم بدوره الأساسي في خلق الثروة ورفع نسبة النمو.

وكان اتحاد الشغل قد وعد بتوزيع المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص على عدة جولات، مؤكداً حرصه على مراعاة إمكانيات المؤسسة والموازنة بين استحقاقات المؤسسة وكيفية النهوض بالإنتاج والإنتاجية.
المساهمون