سترات حمراء وصفراء تواصل اجتياح أوروبا رفضاً لسياسات الإفقار

11 ديسمبر 2018
تظاهرات باريس مستمرة رغم تنازلات ماكرون (فرانس برس)
+ الخط -
بما يحاكي ثورة "السترات الصفراء" الفرنسية، قررت "السترات الحمراء" النزول إلى الشارع في هولندا، لتنظيم مظاهرات احتجاجية ضد حكومة رئيس الوزراء مارك روته، والمطالبة بنظام حكم اجتماعي، وهي ظاهرة لم تعد تقتصر على دول بعينها، بل يبدو أنها تجتاح القارة الأوروبية رفضاً لسياسات الإفقار والتجويع.

وقالت السترات الحمراء، في إعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الثلاثاء، إنها ستنظم في مدينة أوترخت، مظاهرات احتجاجية ضد الحكومة الأحد المقبل.

وأضافت أن مظاهرات السترات الصفراء التي انطلقت من فرنسا، سيطر عليها اليمينيون المتطرفون في هولندا، لذا تم تفعيل "السترات الحمراء"، وفقاً لما أوردت "الأناضول".

وشددت السترات الحمراء على أن حكومة رئيس الوزراء مارك روتة "السيئة منذ أعوام" ينبغي أن تنتهي، داعية إلى تأسيس هولندا اجتماعية.

تجدر الإشارة إلى أن متظاهري "السترات الصفراء" في هولندا يواصلون منذ أسبوعين بالتظاهر ضد الحكومة، بدعوة من مجموعات مختلفة وخاصة اليمينية المتطرفة منها، وذلك للاحتجاج على عدة مواضيع مختلفة بينها؛ ميثاق الأمم المتحدة للهجرة، وسن التقاعد والغلاء في قطاعي الصحة والتعليم ومشكلة اللاجئين.

وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت موجة من الاحتجاجات تضرب دولا أوروبية للمطالبة بتحسين ظروف المعيشة، انطلقت من فرنسا ضمن حراك يُسمّى بـ"السترات الصفراء"، وانتقلت منها إلى هولندا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا وبلغاريا وصربيا والمجر.

تصعيد في فرنسا رغم تنازلات ماكرون

ولم تخفت حركة "السترات الصفراء" اليوم الثلاثاء، رغم التنازلات التي أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي لا يزال يواجه صعوبة في إقناع هؤلاء الفرنسيين الذين يحشدون منذ أكثر من 3 أسابيع لمزيد من العدالة الاجتماعية، حسبما أوردت "فرانس برس" ووسائل إعلام عديدة.

وفصّل الرئيس الفرنسي في خطابه الذي تابعه 23 مليون مشاهد مساء الإثنين، التدابير الاجتماعية الجديدة من زيادة شهرية تبلغ مئة يورو للموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الرواتب القليلة للمتقاعدين (أقل من ألفي يورو) وأمل في احتواء الأزمة التي تمرّ بها فرنسا.

وقال متحدث باسم "السترات الصفراء" في إقليم البيرينيه الشرقية (جنوب غرب) توماس ميراليس لوكالة فرانس برس "على الفور، قلت لنفسي إن ماكرون أصغى إلينا قليلاً" مضيفاً "لكن عندما ننظر إلى التفاصيل، في الواقع (لم يفعل ذلك) على الإطلاق".

وأوضح أن التدابير التي أعلن عنها ماكرون "لا تعني الجميع". وتابع ميراليس الذي يعتزم التظاهر السبت في باريس "للمرة الأولى" تعبيراً عن استيائه، "هنا، نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أعلنه الرئيس، التعبئة مستمرة".

وبعد الخطاب الرئاسي مساء الإثنين، عبّر كثيرون من "السترات الصفراء" عن استيائهم. قال تييري (55 عاما) ميكانيكي الدراجات، وهو في طريقه "لإغلاق" الطريق المدفوع في بولو على الحدود الفرنسية الإسبانية، "كل هذا سينما".

وتلقى آخرون ما أعلنه ماكرون بإيجابية أكثر. وأشار كلود رامبور (42 عاما) أحد محتجي "السترات الصفراء" في شمال فرنسا إلى أن "هناك أفكاراً جيدة، واعترافاً بالذنب، وصل متأخرا جدا، لكننا لن نرفضه".

ودعت ناطقة باسم "السترات الصفراء" جاكلين مورو المعروفة باعتدالها، إلى "هدنة" معبرة عن ترحيبها "بتطور وباب فتحته" السلطات.

لكن على نطاق أكثر شمولاً، اختلفت آراء الفرنسيين بشأن مواصلة التحرّك بعد إعلانات الرئيس. وبحسب دراسة أجراها معهد "أودوكسا" لاستطلاعات الرأي، أعربت غالبية محدودة من الفرنسيين (54 %) عن رغبتها مساء الإثنين في استمرار تحركات "السترات الصفراء" مقابل 66% منذ ثلاثة أسابيع.

الاتحاد الأوروبي..."حريص"

الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو، قال اليوم الثلاثاء، إن مجمل الإجراءات التي أعلنها ماكرون يفترض أن تكلف فرنسا "بين 8 و10 مليارات يورو".

وأكد رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران العضو في الحزب الرئاسي أن العجز العام سيتخطى بذلك عتبة الـ3% التي حددتها المفوضية الأوروبية "لكن بشكل مؤقت بالتأكيد".

وحذّر مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيار موسكوفيسي لوكالة فرانس برس، من أن تأثير إعلانات الرئيس على العجز الفرنسي ستتابعه المفوضية الأوروبية "بانتباه".

من جهتها، رأت الكونفدرالية العامة للعمل (سي.جي.تي) أن ماكرون "لم يفهم شيئا من الغضب الذي يتم التعبير عنه". وعبر لوران بيرجيه أحد قادة النقابة المعتدلة الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل (سي إف دي تي) "لدينا ردود على الأمد القصير، ليست لدينا ردود على المديين المتوسط والطويل".

في صفوف السياسيين، دعا رئيس اللجنة المالية في الجمعية الوطنية إيريك فورت (يمين) "السترات الصفراء" إلى "الانسحاب من الدوّارات".

وصرّح رئيس كتلة نواب حزب اليمين كريستيان جاكوب "لم يسبق أن وُضعت أي حكومة موضع تساؤل بشكل مباشر إلى هذا الحدّ".

حملة برلمانية لإسقاط الحكومة

وأعلن نواب من اليسار اليوم الثلاثاء، إطلاق آلية في الجمعية الوطنية لإسقاط الحكومة، إلا أن مذكرة حجب الثقة هذه ليس لديها أي فرصة بالنجاح.

من جهته، قدم جان لوك ميلانشون زعيم اليسار الراديكالي دعمه "لفصل خامس" من الاحتجاج، أي خامس سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، رغم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات في الأسبوعين الأخيرين.

وكان ماكرون قد حذر مساء الإثنين من أن "أعمال العنف غير المقبولة (...) لن تستفيد من أي تسامح".

ورسم إدوار فيليب أمام الجمعية الوطنية معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التي عددها الرئيس، كما يستقبل ماكرون، اليوم الثلاثاء، ممثلين عن القطاع المصرفي و370 نائباً من الأكثرية للتحدث عن خطواته.

وغداً الأربعاء، سيلتقي ماكرون مسؤولي الشركات الكبيرة ليطلب منهم "المشاركة في الجهد الجماعي".

وصرّحت 3 مجموعات فرنسية اليوم الثلاثاء، بأنها ستمنح "مكافآت استثنائية" لموظفيها، كما طلب ماكرون.

على خط مواز، يواصل طلاب المدارس الثانوية حركتهم الاحتجاجية بمطالب مختلفة، لكنها ولدت في أوج حركة "السترات الصفراء". وتشهد 170 مدرسة ثانوية من أصل أكثر من ألفين الثلاثاء اضطرابات في العمل مقابل 450 مدرسة في اليوم السابق.

قيود مصرية على بيع السترات للأفراد

وكانت السلطات المصرية قد فرضت بشكل غير رسمي منذ أسبوع، قيودا على بيع السترات الصفراء للأفراد خشية انتقال عدوى التظاهرات الفرنسية إلى مصر، بحسب العديد من التجار الذين يبيعونها في وسط القاهرة.

وأكد أحد مستوردي السترات الصفراء طالبا عدم ذكر اسمه، أنه "منذ أسبوع جاءتنا تعليمات من الشرطة ببيع السترات الصفراء للشركات فقط وعدم البيع للأفراد".

وأضاف أن لديه شحنتين من السترات الصفراء في الطريق إلى مصر، وأنهما "ستدخلان كالمعتاد إلى البلاد"، موضحا أنه لم يتلق أي طلب أو تعليمات بوقف الاستيراد.
المساهمون