ارتفعت معدلات التبادل التجاري بين بغداد وعمّان عبر منفذ طريبيل البري (غربي الأنبار)، وسط توقعات باستمرار زيادتها، في ظل حالة الاستقرار الأمني التي يشهدهاالعراق.
وحسب مراقبين لـ"العربي الجديد"، تتعلق آمال العراق تجاريا بالمنافذ مع جيرانه، وأبرزها طريبيل مع الأردن، وإبراهيم الخليل مع تركيا، والشيب مع إيران، إلا أن احتلال تنظيم "داعش"، مساحات واسعة من الأنبار العراقية عام 2014 تسبب في إغلاق المعبر مع الأردن، ما شكّل أعباءً كبيرة على بغداد وتسبب في منافع، في الوقت نفسه، لكل من إيران وتركيا، التي عوّضت غياب البضائع الأردنية خلال فترات سابقة، ولكن الأمور عادت إلى نصابها بعد فتح معبر طريبيل مرة أخرى.
ووفقا لمسؤول عراقي لـ"العربي الجديد"، فإن الشهر الحالي شهد أعلى نسبة تبادل تجاري بين العراق والأردن، منذ إعادة افتتاح المعبر البري نهاية عام 2017 بشكل رسمي.
وقال المسؤول في وزارة التجارة لـ"العربي الجديد" إن "الصادرات الأردنية للعراق تتضمن أجهزة كهربائية وغذائية ومواد أولية مختلفة، فضلا عن معدات وسيارات، بينما يستورد الأردن من العراق النفط الخام عبر صهاريج، ضمن اتفاق مبرم منذ العام الماضي".
ووفقا للمسؤول ذاته، فإن الأمن المستقر وتوسعة المعبر والاتفاقيات التجارية بين البلدين، ضاعفت التجارة مرتين، مقارنة بما كانت عليه مطلع العام الحالي.
وكانت الهيئة العامة للجمارك العراقية أعلنت، الأحد الماضي، عن تسجيل منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الواردات وصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار دينار عراقي (نحو 1.25 مليون دولار) في يوم واحد (السبت الماضي)، وعزت ذلك إلى أنه يأتي "بعد سلسلة من الإجراءات والتسهيلات الجمركية".
وقالت الهيئة، في بيان لها، إن "الحكومة العراقية وفّرت حزمة من التسهيلات للمنفذ، شجعت التجار والمستوردين على زيادة حجم التبادلات التجارية التي من المؤمل أن تسهم في رفد خزينة الدولة بواردات مالية كبيرة".
وقال نائب رئيس لجنة الاقتصاد في مجلس محافظة الأنبار، فهد مشعان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الانتعاش التجاري انعكس إيجابياً على الواقع الاقتصادي في البلد، خاصة في الأنبار، وساهم كثيراً في تقليص نسبة البطالة المتفشية بين المواطنين في الأنبار".
وأوضح أن "نسبة التبادل التجاري عبر منفذ طريبيل ترتفع يوما بعد آخر، وحسب الظروف الأمنية التي يعيشها العراق، ويشمل التبادل مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية التي توقّف دخولها إلى العراق خلال فترة الحرب مع داعش". وأضاف أن "العراق سمح بدخول كافة السلع التجارية من مواد غذائية وصحية وتجهيزات إنشائية منزلية عن طريق المنفذ الحدودي، ولا توجد حاليا شروط تحد من تبادل السلع بين البلدين".
وحول نسبة واردات منفذ طريبيل، كشف مشعان أن حصة محافظة الأنبار شهرياً من المنافذ الحدودية يمكن أن تصل إلى 50% من حجم الواردات العامة للمنفذ، والنسبة الأخرى تذهب لبغداد، معتبرا أن هذه النسبة تستخدم في جوانب تنموية للمحافظة.
وحول تأثير ارتفاع نسبة التبادل التجاري مع الأردن على حركة الإعمار في العراق، قال عضو مجلس محافظة الأنبار، أركان الطرموز، لـ"العربي الجديد" إن التبادل التجاري مع الأردن عبر منفذ طريبيل سيشكل وارداً جيداً للأنبار، لمساعدتها في إعادة إعمار البنية التحتية التي دمرتها الحرب.
وأوضح أن "زيادة التبادل التجاري عبر منفذ طريبيل ساهمت في توفير فرص عمل كثيرة للشباب، فضلاً عن تشغيل مئات الشاحنات التي كانت متوقفة لفترات طويلة خلال السنوات التي أغلق فيها المنفذ لأسباب أمنية أثناء الحرب على داعش".
ومع زيادة التبادل التجاري مع الأردن، طالب الطرموز، الحكومة العراقية، بفتح باقي المنافذ الأخرى، كمنفذ عرعر الحدودي مع السعودية، ومنفذي القائم والوليد مع سورية، لتوفير فرص عمل أكبر ورفع نسبة واردات البلاد المالية.
واعتبر الخبراء أن منفذ طريبيل مع الأردن يعتبر مورداً اقتصادياً ومالياً كبيراً ومهماً للعراق، أسفر إغلاقه منتصف عام 2014 بسبب الحرب عن خسائر مالية كبيرة للبلدين.
كما يقول الخبير الاقتصادي محمد الجميلي إن "إيرادات منفذ طريبيل الحدودي كبيرة جداً، في وقت يعتبر فيه العراق بلداً مستهلكاً للسلع والبضائع المختلفة، بسبب توقف مئات المصانع العراقية عن العمل منذ عام 2003، ويعوض هذه الحاجة عبر المنافذ الحدودية، وأبرزها وأهمها منفذ طريبيل".
وكان وزير الداخلية العراقي السابق، قاسم الأعرجي، افتتح، في أغسطس/آب 2017، منفذ طريبيل مع الأردن أمام حركة التجارة والمسافرين، بحضور مسؤولين بارزين من كلال البلدين، بعد تأمين الطريق الدولي السريع، مع تعهدات مشتركة بين بغداد وعمان بالمحافظة على انسيابية الحركة التجارية في المنفذ بكل الوسائل والتسهيلات.