استمع إلى الملخص
- الواجهة البحرية لقطاع غزة، التي تضم معظم المطاعم والفنادق، تعرضت لتدمير شامل، مما أجبر أصحابها على النزوح وافتتاح نماذج صغيرة في مناطق أخرى، رغم صعوبات الحصار.
- يواجه أصحاب المطاعم تحديات مثل شح البضائع وانقطاع الكهرباء، مما أدى إلى إغلاق العديد منها، وسط محاولات الاحتلال لتدمير الاقتصاد الفلسطيني بشكل ممنهج.
تعرض قطاع المطاعم والفنادق لتدمير واسع منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل 13 شهراً، سواء من خلال القصف المباشر الذي سبّب تدمير ما يزيد عن 80% منها، أو عبر تشديد الحصار المفروض منذ 18 عاماً وزاد إحكامه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي ليطاول مختلف البضائع والمواد الخام والأساسية، وفق عاملين في قطاع المطاعم والفنادق لـ"العربي الجديد".
وسبّب التدمير شبه الكامل للمطاعم تسريح الآلاف من العمال الثابتين وعمال المياومة، ما سبّب تضاعف نسب البطالة كذلك نسب الفقر التي وصلت وفق الإحصائيات الأخيرة إلى 100% جراء فقدان مصادر الدخل وتدميرها، في الوقت الذي تنعدم فيه المساعدات المادية والإنسانية والإغاثية جراء الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنع دخولها.
الواجهة البحرية يدمرها الاحتلال
وتعرضت الواجهة البحرية الممتدة على طول الشريط الساحلي الغربي لقطاع غزة والتي تضم معظم المطاعم والفنادق والاستراحات البحرية لتدمير واسع منذ انطلاق العملية البرية والتي بدأت بتجريف تلك المنشآت بمختلف مرافقها ومحتوياتها، علاوة على تهجير أصحابها قسرياً جراء سياسة الإخلاء الواسع للمناطق والتي يتبعها الاحتلال منذ بداية الحرب.
وتوجه العديد من أصحاب المطاعم الكبيرة أو العاملين فيها، والذين أجبروا على النزوح جنوباً إلى افتتاح نماذج صغيرة لمطاعمهم في مناطق النزوح عبر فتح أفرع متواضعة الإمكانيات، أو بسطات شعبية، مع توضيح الاسم السابق للمطعم، بغرض جذب زبائنه مجدداً، إلا أن معظم هذه المطاعم والنقاط اضطرت إلى الإغلاق مجدداً بفعل تشديد الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المواد الغذائية واللحوم والمواد الخام اللازمة للعمل.
ويقول صبحي الجمل والذي يمتلك مطعماً للمشويات في مدينة غزة إنه توقف عن العمل بفعل خسارة بيته ومطعمه، إلى جانب ترحاله المتكرر من منطقة إلى أخرى بسبب التهديدات الإسرائيلية المتواصلة، إلى أن استجمع قواه المادية وتمكن من افتتاح فرع صغير في سوق مدينة دير البلح وسط القطاع.
ويلفت الجمل لـ "العربي الجديد" إلى أنه اتجه إلى فتح مطعمه الصغير حتى يتمكن من توفير قوت أسرته، إلى جانب مساعدة عدد من العاملين معه في إيجاد فرص عمل تمكنهم من الإيفاء بمتطلباتهم الأساسية، وذلك على الرغم من صعوبة البدء من الصفر، في منطقة أخرى وأدوات أخرى وبإمكانيات بسيطة للغاية، إلى جانب التعامل مع زبائن مختلفين.
ويشير الجمل إلى مجموعة تحديات واجهته منذ بدء العمل وفق الواقع المستجد خلال العدوان، تمثلت في شح البضائع وعدم انتظام دخولها، إلى جانب القطع الكامل للتيار الكهربائي والذي يؤثر بشكل مباشر على إمكانية تخزين اللحوم وتجميدها أو تبريدها لليوم التالي، علاوة على الغلاء الشديد في مختلف الأدوات اللازمة للعمل كالأواني والأسياخ والشبك وأدوات التغليف والفحم وغاز الطهي وزيت القلي والبهارات، في الوقت الذي يعاني فيه معظم الفلسطينيين أوضاعاً اقتصادية صعبة.
ويشير الجمل إلى أن تشديد الحصار على قطاع غزة منذ السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح البري بداية شهر مايو/ أيار الماضي أضعف العمل كثيراً، إلى أن تم إيقاف العمل بالكامل مطلع شهر أكتوبر الحالي نتيجة الإغلاق التام للمعابر ومنع دخول اللحوم الحمراء والبيضاء، والتي تعتبر أساس عمل معظم المطاعم التي تقدم الوجبات الشرقية.
خسائر كبيرة في مطاعم غزة
أما الفلسطيني صهيب أبو كرش والذي يمتلك مطعماً لتقديم وجبات الأرز والدجاج والشاورما فيقول إنه تعرض لخسائر كبيرة ومتتالية منذ بدء العدوان، حيث فسدت كمية من اللحوم في الأيام الأولى للحرب بفعل انقطاع الكهرباء، فيما تعرضت عمارتهم السكنية والتي تضم المطعم للقصف مع بداية الشهر الثاني للحرب، بعد أيام من نزوحه من مدينة غزة برفقة عائلته، من دون أن يتمكن من إخلاء أي من أدوات العمل.
ويلفت أبو كرش في حديث مع "العربي الجديد" إلى عدة عقبات واجهته خلال نزوحه إلى المحافظات الجنوبية ومن ثم إلى الوسطى بفعل الغلاء الشديد لمختلف أدوات العمل، وصولاً إلى العقبة الرئيسية والمتمثلة في شح اللحوم والبضائع والمواد التشغيلية وانقطاعها، الأمر الذي دفعه إلى إغلاق "بسطة" المأكولات التي افتتحها لتوفير متطلبات أسرته اليومية، على الرغم من عدم توفر أي مصدر دخل آخر يعينه على الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون جميعاً منذ 13 شهراً.
وفي الأثناء، يلفت الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سعى منذ بداية الحرب إلى تدمير مختلف مقومات الاقتصاد الفلسطيني ونواحيه بشكل ممنهج ومنظم وطويل الأمد عبر التدمير والتجريف وتشديد الحصار ومنع دخول مختلف المواد الأساسية اللازمة لمواصلة العمل في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والسياحية.
ويبين أبو جياب لـ"العربي الجديد" ترابط التأثيرات على القطاع السياحي والذي يشمل المطاعم والفنادق والاستراحات، حيث تم تدمير ما يزيد عن 93% من القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، وقطاعات الصيد والاستزراع السمكي، والتي ترفد بمجملها المطاعم بالمتطلبات الأساسية للعمل، كما يؤثر تدميرها على الأمن الغذائي في القطاع.
ويشير أبو جياب إلى تخطيط الاحتلال الإسرائيلي لتدمير الاقتصاد الفلسطيني على المدى البعيد من خلال التدمير الاستراتيجي لأصول المصالح التجارية والفنادق والمطاعم، وملاحقتها حتى الرمق الأخير من خلال تشديد الحصار ومنع دخول المواد المطلوبة أو حتى البدائل اللازمة لتسيير عملها، الأمر الذي من شأنه إطالة أمد تعافي الاقتصاد ومنشآته ومرافقه.