عجز الموازنة يحرم الموظفين من المنح وزيادة الرواتب

14 يونيو 2016
سوق في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
سيتسلم موظفو القطاع الحكومي رواتب شهر يونيو/حزيران دون زيادات أو حوافز، وفق المراسلات التي تقدمت بها الوزارات إلى المسؤولين عن أقسامها المالية.
وكان من المفترض أن يتم نهاية الشهر الجاري صرف القسط الثاني من زيادة الرواتب عن عام 2015، التي تم الاتفاق حولها بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، لكن مصادر في وزارة المالية، رفضت الكشف عن اسمها، قالت إن الوزارات لم توقّع على الزيادات والمتأخرات التي كان يفترض أن تُصرف نهاية الشهر.
وعزت المصادر هذا التأخير، إلى الإجراءات التقشفية التي بدأتها تونس تماشياً مع الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي تعيشها، حيث سيتمّ إلحاق المنح ضمن مرتبات شهر يوليو/تموز المقبل.
وتجد الحكومة حرجاً في الإعلان صراحة عن عجزها عن تسديد رواتب الموظفين كاملة بسبب الضغط الكبير الذي تشهده الموازنة وشُح الموارد، فيما تشير تسريبات كشف عنها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة عمالية) أن صندوق النقد الدولي دعا الحكومة إلى ضغط نفقات أجور موظفي القطاع الحكومي، وذلك عبر إجراء تعديلات في نظام المنح والحوافز.
وانتقد صندوق النقد الدولي في مناسبات عديدة ارتفاع كتلة أجور القطاع الحكومي التي وصفتها رئيسة الصندوق كريستين لاغارد بأنها الأكبر في العالم.
ويعتبر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن سياسة التقشف التي دخلت فيها الحكومة متوقعة بسبب ضغوطات المالية العامة، مشيرا إلى أن كتلة الأجور تمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي كتلة مرتفعة جدا في دولة تشهد نسبة نمو ضعيفة وشحا في الموارد الجبائية، حسب تأكيده.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تنتظر القسط الأول من القرض الائتماني الذي منحه صندوق النقد الدولي لدعم موارد الموازنة ومجابهة نفقات التصرف، في ظل غياب أي موارد محلية أخرى، معتبرا أن التعويل على الموارد الخارجية أفقد الحكومة سلطة القرار وهي مجبرة على تطبيق السياسات المالية التي يرسمها النقد الدولي وغيره من المقرضين.

وتحتاج الحكومة شهرياً إلى نحو 320 مليون دولار لصرف أجور الموظفين التي تلتهم إجمالا نحو 45% من ميزانية الدولة، وهو ما أدى إلى قرار التقليص من الانتدابات الجديدة في القطاع الحكومي، والاكتفاء ببعض الاختصاصات التي تحتاجها الدولة على غرار انتدابات قطاعي الأمن والجيش.
وجاء في وثيقة رسمية صادرة عن رئاسة الحكومة مؤخراً، أنه سيتم اتخاذ إجراءات استثنائية وصارمة للضغط على نفقات التصرف والتقليص من نفقات الأجور.
ومن بين الإجراءات التي اقترحتها الحكومة في إطار الإعداد لموازنة الدولة بعنوان 2017، التقليص من منحة الساعات الإضافية وترشيد منحة الانتاج المسندة وربطها بالأداء فعليا.
كما قررت رئاسة الحكومة اتخاذ تدابير استثنائية وتتمثل أساساً في إيقاف الانتدابات وعدم اللجوء إلى تعويض المحالين على المعاش وإيقاف العمل بتعويض الوظائف الخالية المسجلة خلال السنة بسبب الاستقالة أو الوفاة أو الإلحاق، وعدم نقل تراخيص الانتدابات للسنوات الماضية باستثناء تراخيص 2016.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن الحكومة تسعى إلى النزول بكتلة الأجور الى مستوى 12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020، مقابل نحو 14% حاليا.
ولدعم موارد الموازنة حصلت الحكومة نهاية الأسبوع الماضي على موافقة البرلمان بإصدار قرض بضمان أميركي منتصف شهر يوليو/تموز بقيمة 500 مليون دولار، في ظل تراجع قياسي لسعر الدينار التونسي.
ويشهد المخزون الوطني من النقد الأجنبي تراجعا من 120 يوما توريد بداية 2016 إلى ما يربو عن 109 أيام توريد حالياً، وفق تصريح لمحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري.
وأفاد العياري في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات"، أن تونس "في حاجة إلى قرض رقاعي، ستصدره بضمان أميركي، لدعم مخزوناتها من العملة الصعبة وسداد ديونها"، في ظل نمو سلبي لصادراتها وغياب المعونات الخارجية في الأشهر الستة الأخيرة.
وتوقفت قطاعات إنتاج حيوية على غرار الفوسفات والمحروقات، وسجل ميزان الخدمات نتائج سلبية تبعا لتراجع النشاط السياحي. كما انخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس إلى مستويات تاريخية جديدة هذا الأسبوع، مسجلا 2.1 دينار للدولار الأميركي و2.43 دينار لليورو، مع توقعات بمزيد من التراجع بفعل صعوبات جديدة على رأسها تفاقم عجز الميزان التجاري والارتفاع المرتقب لأسعار المواد الأولية المستوردة، وما يجنيه من ركود بالأسواق.

المساهمون