في مارس/آذار الماضي، أحيل الصحافي المصري أحمد عسكر، وهو سكرتير تحرير مجلة المصور التابعة لمؤسسة دار الهلال الحكومية، للتحقيق في حضور ممثل عن نقابة الصحافيين المصرية، لاتهامه بـ"ركْن سيارته الخاصة مكان الدراجة البخارية الخاصة بتوصيل مراسلات رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر".
تطوّر الأمر للتنكيل به، ومحاولة توقيع عقوبة إدارية عليه بتهم كيدية من عينة "سب الهيئة الوطنية للصحافة ورئيسها كرم جبر"؛ ذلك لأن الصحافي رفض الرضوخ لتعليمات سائق دراجة المراسلات الخاصة برئيس الهيئة الوطنية للصحافة، بإزاحة سيارته عن المكان.
التشدق بالتحقيق مع الصحافي الذي ركن سيارته في مكان دراجة مراسلات كرم جبر على حساب تطوير المؤسسات الصحافية القومية في مصر، لا يختلف عن موقف رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد، الرافض لارتداء بعض الصحافيين "الجينز المُقطّع" رغم سكوته عن سجن العشرات منهم.
هذه الوقائع وغيرها تعكس كيف يدير القائمون على المؤسسات الحكومية الرسمية المعنية بإدارة الإعلام المصري، المشهد الإعلامي في مصر. فكرم جبر ذو الستة وستين عاماً، ومكرم محمد أحمد ذو الخمسة وثمانين عاماً، خير من يمثلان الإعلام، في ظل هذا النظام السياسي الحاكم القائم على مبدأ التنكيل والإقصاء لكل معارض. علماً أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، شكّل المجلس الأعلى للإعلام، والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، في 12 إبريل/نيسان 2018، من شخصيات تُعرف بتأييدها وقربها الشديد منه ومن حكومته.
وصدر قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018، وكلها صدرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018.
وتنص المادة (211) من الدستور المصري على أن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة. ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها. ويكون المجلس مسؤولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحافية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على الوجه المبين في القانون. يحدد القانون تشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه. ويُؤخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عمله".
وتنص المادة (212) من الدستور على أنّ "الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد. ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها. ويُؤخذ رأي الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها مادة (213)".
وكذلك تنص المادة (213) من الدستور على أن "الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد. ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها. ويُؤخذ رأي الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها".
اقــرأ أيضاً
وكان من المفترض أن هذه الهيئات الثلاث هي السلطة المختصة في مصر بحماية الرأي والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام، لكن رجال الإعلام الذين اختارهم النظام بدقة، ساروا على وتيرة الإقصاء التام للمعارضين، وتنحّوا عن كل ما يتعلق بحماية الرأي والتعبير، وتغاضوا عن سجْن عشرات الصحافيين وحجب مئات المواقع الصحافية، حتى واصلت مصر التراجع للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي، وانشغلوا في المقابل بمعاركهم الصغيرة مع ملابس الصحافيين وركنات سياراتهم.
رغم المعارك التي خاضها مكرم محمد أحمد لصالح أنظمة معادية للصحافة وضد الحريات الصحافية؛ تم تصعيده على رأس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وكان مكرم قد ساعد بشكل مباشر أثناء توليه منصب أمين عام اتحاد الصحافيين العرب، على الانقلاب على مجلس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وشارك في مؤتمر استثنائي نتج عنه مجلس موالٍ للنظام التونسي السابق.
في 2007 فاز مكرم محمد أحمد بمنصب نقيب الصحافيين، في فترة شهدت أحكاماً قضائية ضد صحافيين، ومحاولات لمنع التظاهر على سلالم النقابة. كما أنه بعد ثورة يناير اكتشفت نقابة الصحافيين أن مكرم محمد أحمد حجب التقارير الرقابية التي أعدها الجهاز المركزي للمحاسبات لمدة 25 عاماً عن المناقشة في الجمعيات العمومية السنوية، وبعد قيام الثورة والإطاحة بمكرم تم إقرار جميع تلك التقارير (تقارير 25 عاماً) في جلسة واحدة للجمعية العمومية".
والأمر نفسه ينطبق على إسناد الهيئة الوطنية للصحافة لكرم جبر، وهي المؤسسة الحكومية المعنية بتطوير الصحف القومية وإعادة هيكلتها، رغم فشله أثناء رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف من انتشالها من الديون ووقف نزيف الخسائر فيها، حتى رحيله عنها بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بعد ضغط كبير من قبل صحافيي وعمال مؤسسة روز اليوسف للمطالبة بإقالته وإقالة رئيس تحرير الجريدة آنذاك عبد الله كمال، اعتراضاً على سوء أوضاعهم المالية، وسوء وضع المؤسسة وقلة توزيعها.
وكانت مصادر خاصة، قد كشفت لـ"العربي الجديد"، عن حالة من الترقب تسيطر على الأوساط الإعلامية المصرية، بصدور قرار جمهوري بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام، وأيضاً غرفتيه الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وما يعقبه من تغييرات برؤساء مجالس الإدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية "الأهرام"، "الأخبار"، "الجمهورية"، "الهلال"، "روز اليوسف" وغيرها، ودمج عدد من تلك المؤسسات الصحافية، وخصخصة لعدد من مباني تلك المؤسسات الكبيرة، بعد توقف دام عن الحديث عن تلك المؤسسات لأكثر من ستة أشهر عن الدمج والبيع.
وجاء اقتراب التغييرات بناء على تصريحات وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، احتفالاً بعيد الإعلاميين. فيما أكد مصدر صحافي مصري مسؤول أن تلك التغيرات تأخرت كثيراً منذ سبتمبر/أيلول عام 2018 عقب انتخاب السيسي لفترة ثانية، مشيراً إلى أن تغيرات المؤسسات الثلاث "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام" تشرف على اختيار أعضائها حالياً، الإدارات الخاصة بملف الإعلام داخل أجهزة المخابرات والأمن والرقابة الإدارية، التي ستطيح بقيادات وتصعد بأخرى لتولي مناصب قيادية، تمهيداً لتقديم تلك الأسماء إلى مؤسسة الرئاسة لإعلان القرار الجمهوري بها، التي ربما تكون خلال أيام لحلف اليمين الدستوري أمام أعضاء البرلمان. وبيّن أن وزير الإعلام غير راضٍ عن رئيس المجلس الكاتب مكرم محمد أحمد، خصوصاً أنه انتقد عودة حقيبة وزارة الإعلام من قبل، على اعتبار أنه يقوم بدور الوزير، وأنه على خلاف دائم مع هيكل داخل مبنى ماسبيرو، حيث يوجد مكتب لمكرم بالدور الثامن والذي رفض من قبل السماح لهيكل بإدارة أعمال الوزارة منه.
هذه الوقائع وغيرها تعكس كيف يدير القائمون على المؤسسات الحكومية الرسمية المعنية بإدارة الإعلام المصري، المشهد الإعلامي في مصر. فكرم جبر ذو الستة وستين عاماً، ومكرم محمد أحمد ذو الخمسة وثمانين عاماً، خير من يمثلان الإعلام، في ظل هذا النظام السياسي الحاكم القائم على مبدأ التنكيل والإقصاء لكل معارض. علماً أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، شكّل المجلس الأعلى للإعلام، والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، في 12 إبريل/نيسان 2018، من شخصيات تُعرف بتأييدها وقربها الشديد منه ومن حكومته.
وصدر قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رقم 180 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، رقم 179 لسنة 2018، وقانون الهيئة الوطنية للإعلام، رقم 178 لسنة 2018، وكلها صدرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 27 أغسطس/آب 2018.
وتنص المادة (211) من الدستور المصري على أن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة. ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها. ويكون المجلس مسؤولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحافية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على الوجه المبين في القانون. يحدد القانون تشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه. ويُؤخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عمله".
وتنص المادة (212) من الدستور على أنّ "الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد. ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها. ويُؤخذ رأي الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها مادة (213)".
وكذلك تنص المادة (213) من الدستور على أن "الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد. ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها. ويُؤخذ رأي الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها".
وكان من المفترض أن هذه الهيئات الثلاث هي السلطة المختصة في مصر بحماية الرأي والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام، لكن رجال الإعلام الذين اختارهم النظام بدقة، ساروا على وتيرة الإقصاء التام للمعارضين، وتنحّوا عن كل ما يتعلق بحماية الرأي والتعبير، وتغاضوا عن سجْن عشرات الصحافيين وحجب مئات المواقع الصحافية، حتى واصلت مصر التراجع للمرتبة 166 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، بتراجع 3 مراكز عن ترتيبها في العام الماضي، وانشغلوا في المقابل بمعاركهم الصغيرة مع ملابس الصحافيين وركنات سياراتهم.
رغم المعارك التي خاضها مكرم محمد أحمد لصالح أنظمة معادية للصحافة وضد الحريات الصحافية؛ تم تصعيده على رأس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وكان مكرم قد ساعد بشكل مباشر أثناء توليه منصب أمين عام اتحاد الصحافيين العرب، على الانقلاب على مجلس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وشارك في مؤتمر استثنائي نتج عنه مجلس موالٍ للنظام التونسي السابق.
في 2007 فاز مكرم محمد أحمد بمنصب نقيب الصحافيين، في فترة شهدت أحكاماً قضائية ضد صحافيين، ومحاولات لمنع التظاهر على سلالم النقابة. كما أنه بعد ثورة يناير اكتشفت نقابة الصحافيين أن مكرم محمد أحمد حجب التقارير الرقابية التي أعدها الجهاز المركزي للمحاسبات لمدة 25 عاماً عن المناقشة في الجمعيات العمومية السنوية، وبعد قيام الثورة والإطاحة بمكرم تم إقرار جميع تلك التقارير (تقارير 25 عاماً) في جلسة واحدة للجمعية العمومية".
والأمر نفسه ينطبق على إسناد الهيئة الوطنية للصحافة لكرم جبر، وهي المؤسسة الحكومية المعنية بتطوير الصحف القومية وإعادة هيكلتها، رغم فشله أثناء رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف من انتشالها من الديون ووقف نزيف الخسائر فيها، حتى رحيله عنها بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بعد ضغط كبير من قبل صحافيي وعمال مؤسسة روز اليوسف للمطالبة بإقالته وإقالة رئيس تحرير الجريدة آنذاك عبد الله كمال، اعتراضاً على سوء أوضاعهم المالية، وسوء وضع المؤسسة وقلة توزيعها.
وكانت مصادر خاصة، قد كشفت لـ"العربي الجديد"، عن حالة من الترقب تسيطر على الأوساط الإعلامية المصرية، بصدور قرار جمهوري بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام، وأيضاً غرفتيه الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وما يعقبه من تغييرات برؤساء مجالس الإدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية "الأهرام"، "الأخبار"، "الجمهورية"، "الهلال"، "روز اليوسف" وغيرها، ودمج عدد من تلك المؤسسات الصحافية، وخصخصة لعدد من مباني تلك المؤسسات الكبيرة، بعد توقف دام عن الحديث عن تلك المؤسسات لأكثر من ستة أشهر عن الدمج والبيع.
وجاء اقتراب التغييرات بناء على تصريحات وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، احتفالاً بعيد الإعلاميين. فيما أكد مصدر صحافي مصري مسؤول أن تلك التغيرات تأخرت كثيراً منذ سبتمبر/أيلول عام 2018 عقب انتخاب السيسي لفترة ثانية، مشيراً إلى أن تغيرات المؤسسات الثلاث "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام" تشرف على اختيار أعضائها حالياً، الإدارات الخاصة بملف الإعلام داخل أجهزة المخابرات والأمن والرقابة الإدارية، التي ستطيح بقيادات وتصعد بأخرى لتولي مناصب قيادية، تمهيداً لتقديم تلك الأسماء إلى مؤسسة الرئاسة لإعلان القرار الجمهوري بها، التي ربما تكون خلال أيام لحلف اليمين الدستوري أمام أعضاء البرلمان. وبيّن أن وزير الإعلام غير راضٍ عن رئيس المجلس الكاتب مكرم محمد أحمد، خصوصاً أنه انتقد عودة حقيبة وزارة الإعلام من قبل، على اعتبار أنه يقوم بدور الوزير، وأنه على خلاف دائم مع هيكل داخل مبنى ماسبيرو، حيث يوجد مكتب لمكرم بالدور الثامن والذي رفض من قبل السماح لهيكل بإدارة أعمال الوزارة منه.