يغيب اسم الكاتب كأنّ المؤسّسة وحدها أهمّ

19 ابريل 2023
"حديد نحاس بطاريات" لوسام شرف: ترويجٌ بلا أسماء لعرضه الفرنسي قريباً (الملف الصحافي)
+ الخط -

 

هناك عادة صحافية، غرباً، وفي الجغرافيا العربية أيضاً، غالبة في الترويج لأفلامٍ (وكتبٍ). الغالبية الساحقة من الإعلانات المنشورة في صحفٍ ومجلات، سينمائية وغير سينمائية، تُروِّج لفيلمٍ (كتاب)، تختار جملاً، قصيرة للغاية (أي كلمات قليلة جداً، تُعتَبر "اختزالاً" لرأي/موقف/تحليل)، من مقالات نقدية/صحافية، تقول شيئاً "جميلاً" عنه. لكنّ اللافت للانتباه في هذه الجُمل تغييب كاتبها/كاتبتها، وإبراز اسم المؤسّسة الصحافية التي يعمل فيها كاتب/كاتبة المقالة، التي منها يؤخذ قولٌ أو جملة أو بضع كلمات.

هذا يحصل، غالباً وأيضاً، مع إصدار أشرطة "دي في دي"، تحديداً، زمن الانتشار الكبير لهذا النوع من الأشرطة السينمائية. أمّا الكتب، عند إصدار "طبعات شعبية" منها، فغير مُختلفةٍ عن "منهجٍ"، يبدو أصيلاً، في الغرب وعند العرب.

هذا ليس تفصيلاً عابراً. للمؤسّسة الصحافية دورٌ في إبراز ناقدٍ/ناقدة وصحافي/صحافية يعمل في المجال السينمائي، وفي غيره من المجالات. كاتب/كاتبة المقالة يتمرّن ويتقدّم ويتطوّر في هذه المؤسّسة أو تلك، ويستفيد من دعمها له، خاصة في مسألة "تمويل" سفره إلى مهرجانٍ دولي (هذا يحصل أحياناً في مؤسّسات عربية، والغربية منها ترفض قبول دعوة مدفوعة بالكامل أو بجزءٍ من تكاليفها، لأنّ رفضاً كهذا "يُحصِّن" المدعو/المدعوة من "الانزلاق" في فخّ التبعية للجهة الداعية)، فهذا أساسيّ، والمهرجان الدولي ضرورة مهنية وثقافية وفنية (المسألة تستحقّ قراءة خاصة بها). هذا صحيحٌ. لكنّ المُقتَطَف مأخوذٌ من مقالةٍ لناقد/ناقدة، أو صحافي/صحافية، ولهؤلاء حقٌّ، معنوي وأخلاقي ومهني، بأنْ يُذكر اسم كاتب/كاتبة المقالة المُقتَطَف منها محتوى الترويج، لا اسم المؤسّسة فقط.

 

 

الحماسة لذكر اسم كاتب/كاتبة المقالة نابعةٌ من أنّ الجهد المبذول في الكتابة خاصٌ بهما. هذا غير لاغٍ دور المؤسّسة في نشر المكتوب. لكنّ الدور غير متخطٍّ الجهد، المنبثق أيضاً من تجربة واشتغالٍ يوميين، ومن معرفةٍ ووعي يزدادان يوماً تلو آخر، خاصةً عندما "يتورّط" الكاتب/الكاتبة، فعلياً، في السينما، مُشاهدة وقراءة وكتابة ونقاشاً ومعرفة ووعياً. الحماسة دافعٌ إلى قولٍ يُكمِل هذا كلّه: الأمانة المهنية تتطلّب ذكر اسمي الكاتب/الكاتبة والمؤسّسة، وتاريخ النشر أيضاً، إنْ تكن الحماسة "مُتشدّدة" أكثر.

هذا تقليدٌ حاضرٌ في الغرب. شخصياً، لا أعرف سبباً له (ربما يُلغَى الاسم لأنّ المُقتَطف يكون، أحياناً، مجرّد فقرةٍ صحافية، غير نقدية البتّة، ومن دون توقيع). لكنّه غير لائقٍ لمن يجهد في كتابةٍ تلتزم شرطها النقدي، ثقافياً وفكرياً وجماليات، وإنْ يكن المُقتَطَف "إيجابياً"، فالترويج يختار الإيجابيّ طبعاً، لأنّ هذا جزءٌ من برنامجه العمليّ. السلبيّ مرفوضٌ، إذْ لن يكون اختيار جملةٍ سلبية سليماً في الترويج، للتناقض الحاصل بينهما.

عربياً، إصدارات قليلة لأفلامٍ على أشرطة "دي في دي" تختار جملة/كلمات، لنشرها على الغلاف الأخير، وأحياناً الأول، ممهوراً بتوقيع صاحب/صاحبة النصّ المأخوذة منه الجملة/الكلمات. لكنّ هذا نادرٌ للغاية، كندرة الإعلانات الترويجية في صحفٍ ومجلاّت. وإنْ يحصل هذا، فلن يُعثَر على اسم كاتب/كاتبة الجملة/الكلمات، إلاّ نادراً.

هذه مشكلةٌ، والسابقُ ملاحظةٌ نقدية، لا أكثر.

المساهمون