تختلف صناعة الدراما في سورية عن غيرها في بلدان أخرى. على سبيل المثال، تعتمد الدراما المصرية، في الغالب، على التحديث وتقديم الجديد عاماً تلو الآخر، خاصةً من خلال إعطاء الفرص بشكلٍ سنوي لبعض الأسماء الجديدة، أو حتى الأقدم من وجوه الصف الثاني، مثل أمينة خليل ورحمة أحمد وحمدي الميرغني، وغيرهم.
لكن، تعتمد الدراما السورية على بعض الأسماء الثابتة منذ أكثر من عشرين عاماً، إذ إن حركة تبدل أسماء الممثلين بطيئة جداً، ولا سيما بعد الثورة، وتضرر القطاع الفني بشكلٍ كبير. إلا أن العام الحالي شهد تغييراً في المعادلة التي بدأت منذ أعوامٍ قليلة، مع مواسم هجرة النجوم للعمل في الدراما المشتركة، أو حتى العربية، كالمصرية والخليجية، واستقرارهم هناك؛ ما أتاح الفرصة لبقية الأسماء ممن هم أقل نجومية، أن يأخذوا فرصاً. وساعد في ذلك غياب ممثلين، مثل قصي خولي وباسل خياط ومكسيم خليل وعابد فهد، نتيجة توقف شركة الصباح هذا العام عن الإنتاج الدرامي، ما جعل الجمهور يركز أكثر في الدراما محلية الصنع.
ومن أسباب غياب النجوم ضعف الإنتاج الدرامي وقلة الأجور؛ فباتت شركات الإنتاج تضطر لاستبدالهم بأسماء أقل لمعاناً، لم تكن تأخذ فرصاً أو أدواراً رئيسية في السابق. وهذا ما فعلته شركة "كلاكيت" في مسلسل "كسر عضم"، باختيار فايز قزق بعد اعتذار العديد من الأسماء، مثل بسام كوسا وأيمن زيدان ورشيد عساف، واختيار سامر إسماعيل بعد اعتذار باسل خياط، رغم الاتفاق مع منتج العمل، كما أخذ كرم الشعراني فرصة كبيرة في العمل، وبرز في دوره، رغم أنه ليس الخيار الأول بالنسبة للشركة.
كما أعاد بعض الأعمال فنانين إلى الواجهة، بعد غيابهم عن العمل في سورية، نتيجة عملهم في الخارج، مثل ولاء عزام ونور علي، بالإضافة لنورا رحال التي أعادها مسلسل "جوقة عزيزة" لعالم الدراما بعد غيابها لأكثر من موسم.
أما بقية الأسماء فلم تغب عن الشاشة وكانت المشاركات سنوية، ولكن الفرص كانت قليلة وغير كافية للظهور، خاصةً بطلات مسلسل "على قيد الحب"، مثل مديحة كنيفاتي ونسرين فندي وروعة ياسين ورنا كرم؛ لأن بطولة العمل كانت جماعية على خلاف بقية المسلسلات، كما أعطى الموسم الماضي لكلٍ من رنا جمول ومريم علي فرصة الظهور، بأدوار تركت أثراً عند المشاهد، إضافة إلى محسن غازي وحسن دوبا.
وبعد غياب بعض الأسماء عن العمل الدرامي، نتيجة استقرار أصحابها في الخارج لسنواتٍ طويلة، شكّل الموسم الحالي عودة لهم، مثل أسامة الروماني الذي غاب لعشرات السنين بعد عمله في المسرح مع دريد لحام، واختار مسلسلي "على قيد الحب" و"كسر عضم" ليعود عبرهما إلى الشاشة الصغيرة. كما استطاع غزوان الصفدي، الذي كان مستقراً في أميركا، أن يعود العام الحالي في دورٍ رئيسي في مسلسل "كسر عضم"، إضافة لمشاركة بسيطة في مسلسل "مع وقف التنفيذ". كما عاد عدنان أبو الشامات الذي كان مستقراً في الشارقة إلى الدراما السورية، من خلال أكثر من عمل، مثل "جوقة عزيزة" و"بقعة ضوء".
بدورها، تعتمد بعض الأعمال المشتركة، خاصةً القصيرة منها، على بعض الأسماء الثانوية من مختلف الأجيال، لكثرة هذه الأعمال وحاجتها للعديد من الأسماء، ولتقديم التبرير الدرامي المناسب، خاصةً بأدوار والد أو والدة البطل السوري، مثل جيانا عيد في مسلسل "بيروت 303"، وناهد الحلبي في مسلسل "من إلى"، وأمانة والي واسكندر عزيز في مسلسل "شتي يا بيروت"، أو بدور شقيق البطل أو صديقه، مثل رامز الأسود في "شتي يا بيروت"، وزينة بارافي في "بيروت 303"، وخالد القيش في "للموت".
وقد يجرى اختيار الممثلين بهذه الطريقة لتوفير الأجور، ولصعوبة اختيار أسماء من الصف الأول لكل الأدوار، ولا سيّما الأصغر حجماً، مثل دور ميسون أبو أسعد في مسلسل "الوسم"، أو حتى اختيار أسماء قادرة على أداء الأدوار الصعبة، ولكن حجم نجوميتهم لا تتفوق على البطل الرئيسي، مثل جلال شموط ووائل زيدان وكفاح الخوص وجوان خضر، الذين أدور دور المساند لقصي خولي، فلا يمكن في هذه الحالة اختيار نجوم في موقع الند، بل في موقع السند.
ولكن معظم هذه الاختيارات تأتي بالضرورة أو بالصدفة، أو لاجتهاد الممثل في اقتناص الفرصة المناسبة والعمل عليها بشكلٍ جدي، وليس من فكرة الوعي لصناعة النجومية وتقديم أسماء جديدة، بدلاً من استهلاك النجوم لعشرين عاماً، علماً أن معظم هؤلاء النجوم يشتكون من قلة الأجور التي لا تصل إلى 10% من أجر النجم الأول، بخلاف ما يعتقد كثيرون، خاصةً في الدراما المحلية التي تعطي النجم أجره "فريش دولار" وبقية الممثلين بالليرة المحلية.