صنعت فران دريشر اسمها في هوليوود من خلال تأديتها دور البطولة في المسلسل الهزلي "ذا ناني" The Nanny. في 13 يوليو/ تموز الماضي، وقفت أمام عشرات الكاميرات، بصفتها رئيسة نقابة الممثلين في هوليوود التي كانت قد صوتت بالإجماع في وقت سابق من اليوم نفسه لصالح خوض الإضراب، وقدمت حجة نارية تبين أخطار القرار.
قالت دريشر حينها: "عيون العالم، وتحديداً عيون القطاع، مسلطة علينا. ما يحدث لنا مهمّ. ما يحدث لنا يحدث لكل العاملين في هذا المجال، في قطاعاته المختلفة". هزت يومها قبضتها ساخطة، وأضافت: "أنا مصدومة من الطريقة التي يعاملنا بها الأشخاص الذين كنا نعمل معهم. إنه أمر مثير للاشمئزاز. عار عليهم".
دريشر الآن انضمت إلى قائمة طويلة من الوجوه المألوفة، وبينهم الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان والممثلة باتي ديوك والممثل والناشط السياسي تشارلتون هيستون، والتي ترأست نقابة الممثلين في هوليوود (SAG-AFTRA) التي تمثل عشرات الآلاف. وهذا تطور مفاجئ في حياتها المهنية الطويلة.
أصبحت الآن وجهاً رائداً للحركة العمالية الصاعدة على المستوى الوطني الأميركي. كيفية تعاملها مع الإضراب في الأسابيع، وربما الأشهر المقبلة، يمكن أن تساعد في تحديد مصير 160 ألف ممثل.
ويمثل إضراب الممثلين أزمة كبيرة بالنسبة لهوليوود التي تعرضت لعدد من الضربات بالفعل في السنوات الأخيرة، بسبب وباء كوفيد-19 والإغلاقات التي عطلت الإنتاجات وأجبرت الدور السينمائية على الإقفال، والتحولات التكنولوجية الكاسحة مع صعود البث المباشر والانخفاض المطرد في عدد مشتركي تلفزيون الكابل.
كتّاب السيناريو في هوليوود مضربون منذ أكثر من مائة يوم، وبعد انضمام الممثلين إليهم الآن ــ وهي المرة الأولى منذ عام 1960 التي يقوم فيها كلاهما بالإضراب في الوقت نفسه ــ فإن الصناعة توقفت تماماً.
وقد فشل، الأربعاء، لقاء جمع كتّاب السيناريو المضربين في هوليوود ورؤساء "ديزني" و"يونيفرسال" و"وارنر براذرز" و"نتفليكس"، في تحقيق أي حلحلة تنعكس إيجاباً على القطاع المشلول بسبب إضراب غير مسبوق في هوليوود، على ما أفادت نقابة كتاب السيناريو.
استأنف الكتّاب والاستوديوهات المفاوضات في أوائل أغسطس/ آب الحالي. ومع أنّ أصحاب العمل اقترحوا حلولاً لتحسين الأجور وظروف العمل وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، لا تزال المحادثات في طريق مسدود.
وقالت نقابة كتاب السيناريو، في بيان، إنّ الاجتماع كان بمثابة "إشادة بجودة الاقتراح الوحيد الذي قدّموه"، مضيفةً "لم يكن اجتماعاً يرمي إلى التوصل لاتفاق، بل لجعلنا نستسلم". وفشل حضور رؤساء هذه الشركات بوب إيغر (ديزني)، ودونا لانغلي (يونيفرسال بيكتشرز)، وتيد ساراندوس (نتفليكس)، وديفيد زاسلاف (وارنر براذرز) في إرساء حوار بناء. ورأت نقابة كتاب السيناريو أنّ الاقتراح الذي عرضته الاستوديوهات مليء بـ"الثغرات" و"الإغفالات"، وغير كاف لتبديد "التهديدات الوجودية" التي تواجه القطاع.
أمضت دريشر (65 عاماً) عقوداً من التمثيل في هوليوود، سواء في التلفزيون أو السينما. منذ دورها البطولي في مسلسل "ذا ناني" في التسعينيات، وهو الدور الأبرز لها على الإطلاق، ظهرت بشكل متقطع في أعمال تلفزيونية وأفلام روائية. وقد لعبت أخيراً دور البطولة في المسلسل الهزلي "إنديتد" Indepted على شبكة إن بي سي، وقد عرضت منه 12 حلقة، قبل أن تلغيه عام 2020.
أعربت منذ فترة طويلة عن مخاوفها بشأن جشع الشركات، وعلقت على صورها شعارات مثل "أوقفوا جشع الرأسمالية الآن". عام 2017، كتبت عنها مجلة نيويورك: "أيقونتكم المفضلة الجديدة المناهضة للرأسمالية هي فران دريشر".
بعد بضع سنوات، وتحديداً عام 2021، فازت دريشر بانتخابات رئاسة نقابة ممثلي هوليوود، في سباق شرس ضد الممثل ماثيو مودين. لقد مثلا فريقين مختلفين: دريشر عن حزب "اتحدوا من أجل القوة" Unite for Strength Party، ومودين عن المجموعة الناشئة "العضوية أولاً" Membership First.
أصبح السباق مريراً لدرجة أن مودين اتهم دريشر بنشر الأكاذيب عنه، وقال: "أشعر بالخجل من فران دريشر، أشعر بخيبة أمل. ولكن سيحكم عليها الناس في العالم بعد رحيلها، أو من قبل أي إله تعبده".
على عكس كتاب السيناريو الذين أضربوا عدة مرات على مدار العقود الماضية واتحدوا تاريخياً، كان الممثلون معروفين أكثر بمشاحناتهم الداخلية. كانت هوليوود تستعد لإضراب الكتّاب منذ بداية العام، لكن القليل من كبار المديرين التنفيذيين والمنتجين كانوا على استعداد لأن يكون لدى الممثلين العزم على المضي قدماً في هذا الإضراب. عندما وصلت دريشر إلى رئاسة النقابة، تعهدت بتوحيدها ووضع حد "للانقسام المختل" فيها.
عندما وافق الممثلون على التفويض بالإضراب، حصل ذلك على 97.9% من الأصوات، وهو رقم مذهل تجاوز حتى التفويض الكبير للإضراب الذي حصل عليه الكتّاب. وفي يونيو/ حزيران، أيد حزب "العضوية أولاً" المعارض في النقابة محاولة إعادة انتخاب دريشر.
ويبدو أنها ماضية في معركتها من دون أي تردد. فخلال مؤتمر صحافي عقد أخيراً، قالت موجهة كلامها إلى كبرى الاستوديوهات في هوليوود: "استيقظوا، وشموا قهوتكم. نحن نطالب بالاحترام! لا يمكنكم التواجد من دوننا". وأضافت: "إنكم تقفون على الجانب الخطأ من التاريخ في هذه اللحظة بالذات. نحن نقف متضامنين في وحدة غير مسبوقة. إن نقابتنا والنقابات الشقيقة والنقابات حول العالم تقف إلى جانبنا".