جوقة "بنات جباليا"... أغنية من بين الركام

19 يونيو 2024
فؤاد خضر يقود فرقة بنات جباليا (معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فؤاد خضر، فنان وموزع موسيقي، بذل جهودًا كبيرة لإنقاذ آلاته الموسيقية من أنقاض منزله في مخيم جباليا بغزة، واستطاع إصلاح أورغه ليواصل تقديم الفعاليات الموسيقية للأطفال وتأسيس جوقات غنائية في مراكز الإيواء بدعم من معهد إدوارد سعيد.
- خضر وفريقه نجحوا في تأسيس جوقة "بنات جباليا" التي تضم ثلاثين طفلة رغم التحديات الكبيرة مثل نقص الغذاء والماء والقصف المستمر، وأقاموا تدريبات وسجلوا أغنية "سلام لغزة" كإنجاز ملموس لجهودهم.
- واصل خضر رحلته لتشكيل جوقات موسيقية إضافية في قطاع غزة بالتعاون مع معهد إدوارد سعيد، متحديًا المخاطر مثل إطلاق النار والاختباء من الدبابات، مدفوعًا بشغفه بالموسيقى وإيمانه بدورها في تحسين حياة الأطفال في ظل الحرب.

بعد قصف منزله في مخيم جياليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، توجّه الفنان فؤاد خضر، الموزع الموسيقي والعازف، إلى المنزل المدمّر لينقذ ما يمكن إنقاذه من آلاته الموسيقية. احتاج ثلاثة أيام من البحث ليعثر على الأورغ، ولم يعثر على أي آلة أخرى غيره. آلات من شأنها المساعدة على تنفيذ فعاليات موسيقية للأطفال في مراكز الإيواء، وتأسيس جوقات إن أمكن: "لم أعثر على أي آلة لتنفيذ هذه النشاطات. لكنّنا حفرنا كثيراً تحت الركام، بينما جيش الاحتلال مُنتشر في المخيم، وعثرنا على الأورغ في حقيبته، وكان مُتضرّراً، ما دفعني إلى فكّه بالكامل، وإعادة تركيبه من جديد، ونجحنا في المهمة إلى حدّ كبير".

إلى جانب تنفيذ فعاليات موسيقية ترفيهية للأطفال، بدأ خضر وفريقه العمل، بالتنسيق مع معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، على تأسيس جوقات موسيقية للأطفال في الحرب، بدعم من المعهد. وواجه خضر جملة من التحديات لتنفيذ ذلك الطموح، من بينها العثور على أطفال من ذوي الأصوات الجيّدة، وتقبّل العائلات في بعض مراكز الإيواء هذه الفكرة في زمن شح الأكل والماء، وغياب التيار الكهربائي، والقصف المتواصل، وتمكن مع الوقت من إقناع الأهالي بأهمية الترفيه عن الأطفال في ظروف مأساوية كهذه، وتمكن من تأسيس جوقة من البنات، من أكثر من مدرسة تحوّلت إلى مركز للإيواء في مخيم جباليا للاجئين، فكانت جوقة "بنات جباليا".

يلفت خضر في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى أن عملية الاختيار لم تكن سهلة، وجرت بمساعدة مشرفي مراكز الإيواء، وعبر اكتشاف المواهب خلال تنفيذ الفعاليات الموسيقية في هذه المراكز، مشيراً إلى أن جولاته الترفيهية هذه ساهمت في تسهيل المهمة عليه، كونه اكتشف بعض المواهب خلال الفعاليات الفنية.

وكانت تُجرى التدريبات لجوقة "بنات جباليا"، المكوّنة من ثلاثين طفلة تتراوح أعمارهن ما بين 6 إلى 14 عاماً، في نادي "خدمات جباليا"، الذي وفّرت إدارته بيئة مناسبة لتدريبات كهذه، وهو ما كان بالفعل. ومع أكثر من حصّة تدريبية، سُجّلت أغنية "سلام لغزة" التي كتب كلماتها فؤاد مسروجي قبل أكثر من عشر سنوات، ولحنّها سهيل خوري، وصُوّرت، ونُشرت على "يوتيوب".

يقول خضر إن كون جميع أعضاء الفرقة من البنات يعود لطبيعة المهام الملقاة على عاتق الطفل الذكر منذ اندلاع الحرب المتواصلة على قطاع غزة قبل أكثر من ثمانية أشهر، إذ إنهم باتوا يخرجون باكراً ويعودون في وقت متأخر إلى مراكز الإيواء، في رحلة بحثهم عن مأكل ومشرب وحطب للطهي ومساعدات لعائلاتهم، فكانت الغالبية العظمى من الأطفال المتوفرين داخل مراكز الإيواء من الإناث، ما حال دون مشاركة كثير من الأطفال الذكور في هذه الجوقة أو غيرها.
يشير خضر إلى أنه وبالتنسيق مع إدارة معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقي في الضفة الغربية، بدأ العمل على تشكيل جوقات إضافية في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وتأسّست خمس جوقات في مخيّم جباليا، وبيت لاهيا، وجباليا البلد، وكنيسة دير اللاتين، وكان مُخططاً لها أن تنفذ فعاليات تبعاً لبرنامج يتضمّن أغنيات وطنية.
وفي إطار عمله، بحث خضر عن أصدقائه الموسيقيين، وتوجّه إليهم رغم المخاطر الكبيرة، إذ شكلوا فريقاً أدار عملية الفعاليات الترفيهية، وإقامة وتدريب الجوقات، والإشراف على إنتاجاتها، التي خرج منها إلى العلن ما قدمته "بنات جباليا" خلال عمله معها ومع غيرها، خاصة في الشهر الأول من العام الحالي، حيث كان جيش الاحتلال يتمركز، وينتقل في شمال قطاع غزة، حيث لا سيّارات، ولا وسائل اتصال، ما دفعه إلى القيام بما يتوجب عليه القيام به، شغفاً وتحديّاً للاحتلال، سيراً على الأقدام، من مخيم جباليا إلى مدينة غزة، وإلى بيت لاهيا، والمواصي.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

يقول خضر لـ"العربي الجديد" إنه وبينما كان متوجهاً من مخيم جباليا إلى منطقة مستشفى الشفاء في مدينة غزة، فوجئ أنه حوصر في منطقة يسيطر عليها جيش الاحتلال بدبّاباته، واختبأ ثلاث ساعات، ونجا بأعجوبة، وفي مرّات أخرى، وخلال تحضيره لعروض الجوقة وغيرها من النشاطات، تعرض لإطلاق النار أكثر من مرّة، أصيب في إحداها.

المساهمون