من المقرر أن يناقش البرلمان العراقي، اليوم السبت، "قانون جرائم المعلوماتية" المثير للجدل للتصويت عليه، مع مواصلة لجان عدة مناقشة بعض بنود وفقرات اعتبرت فضفاضة وقابلة للتأويل، وتحديداً ما يتعلق بالنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والكشف عن المعلومات المتعلقة بجرائم الفساد والأداء الحكومي وانتقاد الأحزاب والشخصيات العامة.
ويرى ناشطون أن القانون يقيّد حرية الرأي، ويمكن أن يستخدم في عرقلة وصول المعلومات الخاصة بالفساد والانتهاكات اليومية.
واعتبر عضو "لجنة الأمن والدفاع" في البرلمان العراقي، بدر الزيادي، أن القانون "جاء لخدمة المواطنين"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن فقرات القانون نوقشت مع قضاة ومنظمات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان عبر ورش عمل، ومبيناً أنه "يتضمن حماية لخصوصية المواطنين من أي ابتزاز أو استفزاز عبر الهاتف أو الحاسوب، وهناك توافق بشأنه".
وقال الزيادي "لا تعارض بين القانون والحريات التي كفلها الدستور"، كاشفاً عن وجود فقرة في القانون تجرّم استعمال الأسماء الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تسبب الاستفزاز للمواطنين أو تبث معلومات كاذبة أو تبتزهم.
وتحدّث عن جهود ثانية لتشكيل محكمة مختصة بتطبيق قانون "جرائم المعلوماتية"، مؤكداً أنها ستقوم بواجباتها القضائية بشكل صحيح.
لكن "المرصد العراقي للحريات الصحافية"، وهو منظمة مستقلة معنية بقضايا الحريات وحماية الصحافيين، عبّر في بيان له عن قلقه من احتمالية تصويت البرلمان على القانون، معتبراً أنه يهدّد الصحافيين والمدونين وعموم المواطنين، ويجعلهم عرضة للسجن والمحاكمة، كما أن القانون لم يُناقش كما ينبغي مع منظمات معنية بحرية التعبير وحقوق الإنسان.
وأضاف "المرصد العراقي للحريات الصحافية" أن القانون يتضمن مواد عدة تتعلق بتجريم ما ينشر ويتسبب في مشاكل مجتمعية وما يعد تهديداً للسلم الأهلي، لكنه في الوقت نفسه يمكن أن يجعل الكثير من الكتّاب والصحافيين والمدونين في مواجهة القضاء، في حال تفسير المحتوى الذي ينشر بطريقة تلائم مزاجاً سياسياً واعتبر مسيئاً ويستدعي الإحالة إلى المحاكم، مع فرض غرامات وعقوبات تصل إلى السجن.
واعتبر أن القانون خرج من معاقبة مَن يرتكبون الجرائم المتعلقة بالابتزاز الإلكتروني والتهديد والمساومات إلى مساحة خطرة تتعلق بحرية المواطن والصحافي والكاتب، ما يبعث على القلق، ويطرح تساؤلاً آخر: لماذا لم يفصل الموضوعان عن بعضهما وجٌمع بين الجرائم الإلكترونية وبين الحريات والقوانين المتعلقة بها في ميدان الصحافة والإعلام والنقد السياسي وما ينشر عن قضايا الفساد ومن شأن تشريعه تهديد نصف الشعب العراقي؟
وقالت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد" إن القانون سيخضع لنقاشات موسعة قبل عرضه للتصويت. وعبّر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من احتمال تقييد القانون للحريات، وتوظيفه من قبل سياسيين لقمع معارضيهم.
الناشط عمر حبيب غرّد متخوفاً من استغلال القانون على يد السياسيين لملاحقة المعارضين والمنتقدين وحتى سجنهم. وتوقع ياسر تحرير أن يؤدي تمرير قانون "جرائم المعلوماتية" إلى الزج بعدد كبير من العراقيين في السجون. كما عبّر تراث العزاوي عن خشيته من تحول القانون إلى سيف لسلب الحريات التي كفلها الدستور.
قانون جرائم المعلوماتية مبدئياً سيشرع من قبل اشخاص اكثر كلام السوشل ميديا عليهم وانا متأكد انه سيكون "اي كلمة لا تعجب سياسي ما فـ"مصيرك المحاكم ثم السجن".
— Omar Habeeb || عمر حبيب (@TheOmarHabeeb) November 18, 2020
مفهوم الديمقراطية الاعوج (تكلم اما لن نسمعك او نخطفك ونقتلك والان توفر للسياسي الذي لا يتورط بالدم قانون ليسجن من يتكلم). pic.twitter.com/wWosulihfA
سرمد ، المشكله اذا صادقو على قانون جرائم المعلوماتية يعني نص الشعب بالسجن
— ياسر تحرير (@Yaser_714) November 13, 2020
حرية الراي كفلها الدستور في مواد متعددة وهي الربح الحقيقي للشعب العراقي بعد 2003 رغم المحددات ، ونخشى ان يتحول #قانون_جرائم_المعلوماتية الى سيف جديد لسلب تلك الحرية#لو_كانت_مليونية_لنجح_الاصلاح #ليلة_الجمعة
— 🇮🇶تراث العزاوي | Turath Alazzawi (@turath_alazawy) November 19, 2020
والأسبوع الماضي، حذّر عضو البرلمان السابق، عبد الكريم عبطان، من احتمال استغلال قانون "جرائم المعلوماتية" في التضييق على حريات العراقيين وتكميم أفواههم. مشدداً على ضرورة استبعاد التعسف في استخدام القانون، داعياً إلى العمل وفق الآليات الدستورية.
وسبق أن طرح نواب عراقيون مشروع "قانون جرائم المعلوماتية" الذي يمنح السلطات العراقية الحق في مراقبة ومحاسبة الناشطين على ما يكتبونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه قوبل برفض شعبي واسع، ووُصف بـ"البوليسي"، كما أثار جدلاً لما يحتويه من فقرات عُدّت "مفخخة"، كونها تنطوي على إجراءات خطيرة تسلب حرية التعبير من المواطن وتمنح السلطة صلاحيات واسعة لإصدار عقوبات تكمم الأفواه.