حقوقيون ومستثمرون يستنكرون تعطيل الإنترنت في باكستان

19 اغسطس 2024
أصبحت سرعة الإنترنت أبطأ بنسبة 40% عن المعتاد، 17 إبريل 2024 (فاروق نعيم / فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تعطيل الإنترنت واختبار أدوات الرقابة:** تباطأت سرعة الإنترنت في باكستان بنسبة 40% منذ يوليو، مما أثر على استخدام واتساب. يعتقد خبراء أن الحكومة تختبر برمجية "جدار حماية" للتحكم في الفضاء الإلكتروني وزيادة المراقبة على المعارضة.

- **ردود الفعل الحكومية والمجتمعية:** رفضت الحكومة التعليق على التباطؤ، بينما اعترف وزير الدفاع بضرورة الضوابط. نفت وزيرة تكنولوجيا المعلومات مسؤولية الحكومة، مشيرة إلى تأثير VPN. رفع الصحافي حامد مير دعوى قضائية ضد الحكومة.

- **التأثير الاقتصادي والاحتجاجات:** يعاني الاقتصاد من عدم الاستقرار ونقص الاستثمارات. حذرت جمعية شركات البرمجيات من خسائر تصل إلى 300 مليون دولار. نظمت احتجاجات ضد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، ويُعتقد أن الهدف هو قمع حزب عمران خان.

يتهم ناشطون ومستثمرون الحكومة بتعطيل نشاط الإنترنت في باكستان أثناء اختبارها أدوات رقابة من أجل قمع نشاط المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يهدد التعافي الاقتصادي للبلاد. وأصبحت سرعة الإنترنت أبطأ بنسبة 40% عن المعتاد منذ يوليو/ تموز، وفق إحدى جمعيات تكنولوجيا المعلومات، في حين تعطل إرسال المستندات والصور والتسجيلات الصوتية على تطبيق واتساب الذي يستخدمه عشرات ملايين الباكستانيين.

ويعتقد خبراء في الحقوق الرقمية أن الدولة تختبر برمجية "جدار حماية"، وهو نظام أمني يمكن استخدامه للتحكم في الفضاء الإلكتروني. كما يرى الخبير في مجال الحقوق الرقمية والناشط أسامة خلجي، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن "تباطؤ الإنترنت في باكستان يعود إلى قيام الدولة بإنشاء جدار حماية وطني ونظام لرصد المحتوى وضبطه بهدف زيادة المراقبة والرقابة على المعارضة السياسية، خصوصاً الانتقادات الموجهة إلى المؤسسة الأمنية لتدخلها في السياسة". ويعتقد خلجي أن السلطات تستهدف على ما يبدو تطبيق واتساب بسبب قدراته على تشفير المحادثات، ما يمكّن المستخدمين من مشاركة المعلومات مشاركة آمنة من دون أن يتمكن أي طرف ثالث من الوصول إليها.

ورفضت الحكومة التي يقول محللون إنها مدعومة من الجيش، وهيئة الاتصالات التي يديرها جنرال متقاعد، لأسابيع التعليق على التباطؤ. لكن وزير الدفاع اعترف أخيراً بما كان يدركه ملايين الباكستانيين. وصرح خواجة محمد آصف، لوسائل الإعلام هذا الأسبوع: "نمر بمرحلة انتقالية، وبعدها ستكون كل هذه المرافق متاحة لكم". وأضاف: "لكن ستكون هناك بعض الضوابط لمنع المحتوى المهدِّد والمسيء إلى الدولة والأفراد"، من دون أن يؤكد ما إذا كانت هذه الضوابط جزءاً من "جدار الحماية".

ومع تزايد ردود الفعل الرافضة، نفت وزيرة تكنولوجيا المعلومات شذى فاطمة خواجة الأحد أن تكون الحكومة وراء تباطؤ الإنترنت في باكستان الذي استمر وفقاً لها "لمدة يوم أو يومين". وقالت في مؤتمر صحافي: "بدأ جزء كبير من السكان باستخدام شبكات افتراضية خاصة (في بي إن). وعندما تعمل على شبكات "في بي إن"، يحدث ذلك ضغطاً على الإنترنت المباشر، ويُحدث تباطؤاً".

من جهتها، رفضت هيئة الاتصالات الباكستانية الإجابة عن أسئلة وجهتها إليها وكالة فرانس برس.

 هجرة جماعية للشركات

ويأتي ذلك فيما أعلن الجيش الباكستاني، المؤسسة الأقوى في البلاد، أنه يحارب "الإرهاب الرقمي".

ونظمت احتجاجات دورية هذا العام لمطالبة الدولة ببذل المزيد من الجهود لمعالجة العنف المسلح في المناطق الحدودية مع أفغانستان، في حين تظاهر أشخاص في جنوب غرب بلوشستان احتجاجاً على انتهاكات مفترضة لحقوق الإنسان من جانب السلطات في حملتها على الجماعات الانفصالية. لكنّ محللين يرون أن الهدف الرئيسي للاضطراب الرقمي هو حزب زعيم المعارضة المسجون عمران خان الذي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة وتدعمه قاعدة من الناخبين الشباب الناشطين على الإنترنت.

ورفع الصحافي الباكستاني البارز حامد مير دعوى قضائية ضد الحكومة في المحكمة العليا في إسلام آباد بسبب "إنشاء جدار حماية"، ومن المقرر أن تنظر المحكمة في القضية الاثنين.

وبعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي، أصبح الاقتصاد الباكستاني حبيس حلقة مفرغة من عمليات الإنقاذ من صندوق النقد الدولي وتجديد القروض من دول مجاورة. وحذّر مستثمرون من أن تعطيل خدمة الإنترنت في باكستان يفاقم المشكلات الاقتصادية للبلاد التي تعاني نقصاً شديداً في الاستثمارات الأجنبية وتعثر النمو.

وقالت جمعية شركات البرمجيات الباكستانية التي تمثل شركات تكنولوجيا المعلومات إن "جدار الحماية" الإلكتروني و"التعتيم والغموض غير المبررين" تكتنفه عوامل تقوّض الإمكانات الاقتصادية، وقد تكلف قطاع تكنولوجيا المعلومات ما يصل إلى 300 مليون دولار.

وحذّر رئيس جمعية مقدمي خدمات الإنترنت واللاسلكي في باكستان شاهزاد أرشاد من أنه "إذا استمر هذا الوضع فإننا سنشهد هجرة جماعية للشركات من باكستان". وأضاف أن الاتصال بالإنترنت تباطأ بنسبة 40% خلال الشهر الماضي.

وبينما تقيّد السلطات الوصول إلى تطبيق واتساب، أنفق إقليم البنجاب الباكستاني أموالاً طائلة في الأسبوع الماضي على إعلانات في ساحة تايمز سكوير في نيويورك في محاولة لتسويق نفسه باعتباره "مدينة تكنولوجيا المعلومات".

وصرح الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال الباكستاني إحسان مالك السبت: "حتى لو كان جدار الحماية ضرورياً للأمن، كان من الممكن ألا تقوّض التجاربُ سبلَ عيش الآلاف من مطوري البرمجيات المستقلين وتجنب الإضرار بمصداقية باكستان مورداً موثوقاً به لخدمات تكنولوجيا المعلومات".

الإنترنت في باكستان تحجب الثقة عن الحكومة

وينتقد ناشطون منذ فترة طويلة الرقابة التي تفرضها الحكومة على الإنترنت ووسائل الإعلام وتقليص المساحة المحدودة أصلاً لحرية التعبير في الدولة المحافظة.

وقد حظرت باكستان منصة إكس منذ الانتخابات، بعدما جرى استخدامها لنشر اتهامات بالتلاعب في الانتخابات ضد حزب عمران خان الذي أُبعد عن السلطة من قبل ائتلاف مدعوم من الجيش. كذلك، تعرض فريق التواصل الاجتماعي التابع للحزب لاعتقالات واحتجازات.

وأشار رئيس منظمة مراقبة الحقوق الرقمية المستقلة "بايتس فور أول" في باكستان شاهزاد أحمد، إلى أن "جدار الحماية" مصمم إلى حد كبير لمنح الحكومة سيطرة على الإنترنت. وأضاف أحمد: "نعتقد أن جدار الحماية سيحدث حالة من انعدام الثقة في صفوف المستثمرين في مجال تكنولوجيا المعلومات في باكستان.. وسوف يعرض أيضاً الحقوق الأساسية للمواطنين للخطر".

(فرانس برس)

المساهمون