الاعتداء على مسنة سورية في تركيا يثير غضباً واسعاً

31 مايو 2022
ألقت السلطات التركية القبض على المعتدي (تويتر)
+ الخط -

ساد استياء وغضب واسعان على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعرض مسنة سورية للركل والإهانة، في مدينة غازي عنتاب، جنوبي تركيا.

ووثق تسجيل مصور انتشر الاثنين، على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظات اعتداء شاب تركي على مسنة سورية وركله وجهها بقدمه، بحجة أنها "تخطف أطفالاً". وألقت السلطات التركية القبض على المعتدي، بعد ساعات من الحادثة.

قساوة الحادثة التي تعرضت لها المسنة السورية أطلقت حملات تضامن وتعاطف معها على مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يعاني فيه السوريون في تركيا من خطاب كراهية واعتداءات عنصرية ترتكب ضدهم.

لكن القضية تعدّت العنصرية، وفق الناشط السوري خالد العبدو المقيم في تركيا الذي لفت، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ من أقدموا على ضرب المرأة المسنّة "هم مجرمون أصحاب سوابق، والحادثة نتيجة تراكمات واحتقان وأخبار كاذبة الهدف منها تأجيج الوضع من قبل سياسيين في الأصل يعتمدون خطاب العنصرية".

المعتدون على المرأة انجرّوا لخطاب الكراهية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة عبر حسابات على "تيك توك" روجت لوجود امرأة ترتدي الخمار وتخطف أطفالاً، وفقاً للعبدو.

وحملات التعاطف والتوضيح على مواقع التواصل الاجتماعي لن تكون كافية، كما لفت العبدو الذي قال إنّ "الجهات الرسمية السورية - مثل الائتلاف الوطني السوري وغيره - للأسف تتعامل ببرودة مع هذا الوضع، ولكن الحمل ثقيل جداً على السوريين في تركيا. والحلول تكمن في عمل دؤوب على أرض الواقع لتخفيف من حدة الخطاب العنصري وتأثيره".

وتعليقاً على الحادثة التي هزت السوريين، كتبت الاختصاصية النفسية زهور قهواتي على "فيسبوك": "بداية أريد أن أؤكد على أنَّ الميثاق الأخلاقي لمهنة الاختصاصي النفسي هو حفظ السرية، ولكن يمكننا كسر السريّة، في ثلاث حالات (عندما يعرب المريض عن أفكار انتحارية، أو عندما يواجه تهديداً مباشراً بالإيذاء، أو عندما يفكِّر هو في إيذاء أحد ما). ومن خلال مسيرتي المهنية كاختصاصية نفسية اجتماعية واجهت هذه السيدة العجوز، بجلستين خاصتين، وقد ظهر لي أنها تعاني من خَرَف وعائي، متزامن مع ألزهايمر، منذ أكثر من سبعة أشهر - بحسب ما أذكر -  وَلِأن مريض الخرف الوعائي يعاني من  مشكلات في الذاكرة، التشوُّش وتراجع القدرة على تنظيم الأفكار والتصرفات، وانخفاض القدرة على تحليل المواقف، ووضع خطة فعالة وإبلاغ الآخرين بتلك الخطة... إلخ".

وأوضحت قهواتي أنّ "هذه المرأة العجوز بتصرف غير واعٍ تقوم بالدخول إلى أي دكان أو محل، وتأخذ ما تشتهيه (من طعام وشراب)، من دون دفع الثمن، وعلى ما يبدو أن سبب ضربها من قِبَل هذا الشخص المتوحِّش هو أخذها المشروب الغازي الظاهر في المشهد المنتشر، من دون دفعها ثمنه". وأضافت "أنه مهما كان تصرفها، فلا يستدعي ذلك التعامل معها بهذا العنف وهذه الهمجية... كان الأولى به وبنا جميعاً رعايتها لا إهانتها".

وقالت: "كم هو مؤلِم لمهنتي فقدان تواصلي معها، لأكثر من ثلاثة أشهر وأنا أحاول الوصول إليها، من أجل تقديم الدعم الكافي لها. علينا الوقوف معها ومع كل المرضى النفسيين، وألا ننبذهم، هذه حالة من ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا، علينا مناهضتها. سلامتك يا خالة".

وأطلق سوريون في تركيا حملة تضامن مع المسنة، وبيّن أحدهم لـ "العربي الجديد" أنّ الحملة "بالدرجة الأولى هدفها التضامن مع كل السوريين الذين يتعرضون للعنصرية في تركيا، وحادثة المسنّة ليلى محمد لو أنها لم تصوّر لكانت القصة انتهت من دون أن يعرف أحد بها". وبيّن أنّ "هذه الحوادث تتكرر في كل مكان، وخاصة في المدارس ضد الطلبة السوريين وأماكن العمل، وخطاب الكراهية والعنصرية في أعلى درجاته حالياً، وخاصة من قبل الأحزاب السياسية التي تحرض ضد اللاجئين السوريين".

وحول تأثير الحملة، أضاف: "لا يمكن أن نقول إنّ تأثيرها محدود، كون هناك تجاوب واضح، خاصة من قبل السلطات التركية، وعند نشر حوادث كهذه على وسائل الإعلام وتحويلها لقضية رأي عام، نطمح لمحاسبة الفاعل، بمساندة من لديهم احترام لكبار السن والمرأة. لكن حملات المناصرة متكاملة الأركان تحتاج خطوات متتابعة، ويجب أن تشمل الخطاب العنصري بشكل عام، ولقاءات مع مسؤولين ووضع قوانين. وفي ظل الظروف التي يعيشها السوريون في تركيا، لسنا قادرين على نشر كل ما نعانيه".

أحمد المصطفى كتب عبر "فيسبوك": "ربما ليس بإمكاننا أن نرد أكثر من ذلك يا أمي… القلب يحترق من قيود وسلاسل أثقلت أعناقنا... لله المشتكى يا أمي وإليه المصير".

وتحت وسم "#قلبي_أصيب_معها"، كتب ناشطون على "فيسبوك": "ناشطون سوريون يطلقون حملة تضامن مع المسنّة السورية ليلى محمد التي تعرضت للاعتداء بالضرب من قبل شاب تركي، العنصرية عندما يكون لها قدم وساق، شُلّت قدمك المشؤومة، فهذه الضربة أصابت قلوبنا قبل أن تصيب رأسها".

وقال محمد دعبول: "هذه الركلة أصابت رؤوسنا جميعاً. ابحث بنفسك عن قصة هذه الأمّ".

ونشر سوريون وأتراك صورهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يغطون جزءاً من وجوههم، كما فعلت المرأة السورية حين تعرضت للاعتداء، في خطوة لمساندتها، وذلك عبر وسم #SakirCakırTutuklansın.

 

المساهمون