الإعلام التونسي في مرمى النقد والتهديد من جديد

21 يناير 2021
من الاحتجاجات في حي التضامن في العاصمة التونسية (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تشهد العديد من المدن التونسية منذ أيام تحركات احتجاجية ليلية نتجت عنها صدامات بين الشباب المحتج والأمن التونسي أدت إلى إيقاف العديد من المحتجين أو "المشاغبين". وساد انقسام في التسمية والتغطية وفي ردود الفعل على الأحداث. الإعلام التونسي الذي كان كعادته حاضراً في تغطية الأحداث بصورة آنية ويومية، كان عرضة للانتقادات. إذ أثارت التغطية ردود فعل متباينة من قبل بعض الأحزاب السياسية والوجوه السياسية المعروفة في تونس، مثل رفيق عبد السلام، وزير الخارجية التونسية الأسبق في حكومة الترويكا الذي اعتبر أن تغطية هذه الأحداث من قبل وسائل الإعلام التونسية ومراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية لم تكن موضوعية بل منحازة "للمشاغبين والفوضويين". وهو رأي شاركه فيه بعض الناشطين في "ائتلاف الكرامة"، ومنهم النائب محمد العفاس، الذين اعتبروا أن "التغطية الإعلامية زادت فى توتير الأجواء"، خاصة من طرف مراسلي بعض القنوات العربية، وخاصة قنوات "العربية" و"سكاي نيوز" و"الغد"، ووسائل الإعلام المحلية مثل القناة الأولى بالتلفزيون الرسمي التونسي وإذاعة "شمس أف أم".

النقابة الوطنية للصحافيين ردت في بيان لها، نشرته الاثنين، على هذه الانتقادات الموجّهة للصحافيين التونسيين والتي شاركت فيها صفحات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على بعض الأطراف السياسية، معتبرةً أن ما صدر عن بعض السياسيين "فيه تهجم على الصحافيين غير مبرر وتهديد لسلامتهم الجسدية". النقابة ثمّنت تحلي صحافيي المؤسسات الإعلامية التونسية والأجنبية بالمهنية والموضوعية واحترام أخلاقيات المهنة الصحافية، ونددت بتصاعد وتيرة التهديد على الصحافيين وعبرت عن تضامنها التام مع الصحافيين الضحايا. وحملت وزارة الداخلية مسؤولية حماية مراسلي وسائل الإعلام خلال تغطيتهم خاصة للاحتجاجات وأعمال الشغب الليلية، ودعت إلى اتخاذ كافة الإجراءات الحمائية لفائدة الصحافيين ضحايا التحريض والتهديد.

سياسيون ينتقدون التغطية الإعلامية للاحتجاجات الأخيرة

الجدل امتدّ لصفحات الصحافيين التونسيين في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في ما يتعلّق بتوصيف الأحداث. واعتبر الإعلامي التونسي في التلفزيون "العربي" علاء الدين زعتور أنه "ليس ضرورياً أن يعتمد الصحافيون المُصطلح الذي يستخدمه المتحدث باسم وزارة الداخلية (أحداث شغب) عند وصف ما يجري في عدة أحياء ومدن تونسية، لكن ذلك لا يعني أن مصطلح "احتجاجات" يصف ما حصل بدقة في ظل غياب أي مطالب أو شعارات واضحة، ومع التأكد ليلة بعد أخرى من أن عدداً كبيراً من المشاركين في الأحداث الليلية هم من القُصّر". وأضاف "المصطلح الأكثر موضوعية برأيي هو الحديث عن "اضطرابات" أو عن "صدامات" أو "اشتباكات" بين هؤلاء الشبان وقوات الأمن. هذا توصيف مهني لا يحمل أي موقف أو تقييم سياسي لما يجري، بل هو وصف أمين للأحداث".

تقارير عربية
التحديثات الحية

من جانبه، رأى الإعلامي محمد رمزي المنصوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "التغطية لما حصل ناجحة إلى حدّ ما رغم ما شابها من الاكتفاء بالنقل الحي من قبل بعض القنوات لما يحدث في بعض المدن التونسية والاستعانة في تحليل ذلك ببعض الأمنيين، في حين كان المطلوب حضور السياسيين ليحللوا ما يحصل، خاصة أن الأمر يتعلق بشأن عام يتداخل فيه الأمني بالسياسي والاجتماعي والاقتصادي". وأضاف: "كم كنت أتمنى أن تستضيف المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع لتحليل ما يحصل وعدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية في التغطية الإخبارية والتحليل".

واعتبرت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين المكلفة بالعلاقات الخارجية، فوزية الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "تغطية الصحافيين متوازنة وموضوعية رغم صعوبات العمل الميداني، فالعمل في الميدان في هذه الظروف له مخاطر يبدو أن البعض يغفل عنها، مكتفياً بالنقد للمضامين الإعلامية دون دراية بظروف العمل الحقيقية". وأضافت أن "النقابة لا يمكن إلا أن تكون في صف الصحافيين التونسيين العاملين في مؤسسات إعلامية محلية أو مراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية لأنهم يقومون بدورهم المهني وفقاً لأخلاقيات المهنة الصحافية وأدبيات العمل الإعلامي التي قد لا يدركها البعض".

المساهمون