استهداف الاحتلال للصحافيين في غزة: مطالبات بالتحقيق في جريمة الحرب

17 مايو 2021
استهداف مؤسسات الإعلام يؤثر على معرفة العالم لما يحصل في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تستمر الإدانات الواسعة لاستهداف الاحتلال الإسرائيلي الإعلاميين ووسائل الإعلام خلال عدوانه الوحشي على قطاع غزة. والسبت الماضي، استهدف الاحتلال برج الجلاء الذي يضم مقرات قناة "الجزيرة" ووكالة "أسوشييتد برس" الأميركية وإذاعة "الأسرى"، وبرج البث الخاص بإذاعة "صوت القدس"، وغيرها من الوسائل الإعلامية المحلية.

ودعت رئيسة التحرير التنفيذية لـ"أسوشييتد برس" سالي بزبي، أمس الأحد، لإجراء تحقيق مستقل في الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت ودمرت المبنى، مؤكدةً أن الرأي العام يحق له معرفة الحقائق.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي منح الصحافيين ساعة لإخلاء المبنى، قد زعم أن حركة "حماس" كانت تستخدم المبنى مقراً للاستخبارات العسكرية وتطوير الأسلحة، واتهم الحركة باستخدام الصحافيين دروعاً بشرية. وقالت بزبي إن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم بعد أدلة واضحة تدعم هجومها الذي دمر برج "الجلاء" المكون من اثني عشر طابقا.

وقالت بزبي إن مكتب "أسوشييتد برس" كائن في برج الجلاء منذ 15 عاما، ولم يتم إبلاغها ولم يكن هناك أي مؤشر على احتمال وجود مكتب لحماس في المبنى، مشددةً على ضرورة إيضاح الحقائق. وأضافت "نحن في حالة صراع.. نحن لا ننحاز إلى أي طرف في هذا الصراع.. سمعنا إسرائيليين يقولون إن لديهم دليلا.. نحن لا نعرف ما هو هذا الدليل.. نعتقد أنه من المناسب في هذه المرحلة أن تكون هناك نظرة مستقلة على ما حدث - تحقيق مستقل".

وقالت بزبي لبرنامج "مصادر موثوقة" (ريلايبل سورسيز) الذي تبثه شبكة "سي أن أن" إن صحافيي "أسوشييتد برس" "شعروا بالفزع" بسبب الغارة الجوية، لكنهم بخير ويواصلون نقل الأخبار. كما أعربت عن قلقها إزاء تأثير ذلك على التغطية الإخبارية، قائلة إنّ "هذا يؤثر على حق العالم في معرفة ما يحدث على جانبي الصراع بالسرعة اللازمة".

وخلال البرنامج نفسه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، إن إسرائيل تجمع الأدلة كي تقدمها للولايات المتحدة، لكنه أحجم عن إعلان الالتزام بتقديم تلك الأدلة في غضون اليومين المقبلين. وقال كونريكوس الأحد "نحن في خضم قتال.. هذا قيد المعالجة وأنا واثق من أنه سيتم تقديم المعلومات في الوقت المناسب".

وتحدث وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن هاتفيا، يوم السبت، إلى الرئيس التنفيذي لـ"أسوشييتد برس" غاري برويت، معلناً "دعمه الثابت للصحافيين المستقلين والمنظمات الإعلامية في جميع أنحاء العالم"، وأشار إلى "أهمية تغطيتهم التي لا غنى عنها، لمناطق الصراع" بحسب بيان.

في واشنطن، قال البيت الأبيض، الذي لم يتخذ أيّ إجراء حيال التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني، إنّه حذر إسرائيل حول أهمية حماية وسائل الإعلام المستقلة، كما كتبت جين بساكي، الناطقة الإعلامية باسم البيت الأبيض، على "تويتر": "أبلغنا الإسرائيليين مباشرة بأنّ ضمان أمن وسلامة الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة مسؤولية ذات أولوية قصوى".

في المقابل، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، في حديث لبرنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة "سي بي إس"، المزاعم الإسرائيلية بأن المبنى كان يضم مكتب استخبارات تابع لحركة حماس. وردا على سؤال عما إذا كان قد أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما السبت بوجود دليل يعزز مزاعمه، قال نتنياهو "نعرضها من خلال عناصر الاستخبارات لدينا".

من جانبها، طلبت منظمة "مراسلون بلا حدود"، ومقرها باريس، من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في قصف إسرائيل للمبنى باعتباره جريمة حرب محتملة. وذكرت في رسالة إلى المدعي العام للمحكمة أن مكاتب 23 منظمة إعلامية دولية ومحلية قد دمرت خلال الأيام الستة الماضية.

وأضافت أنّ "الاستهداف المتعمد للجيش الإسرائيلي للمنظمات الإعلامية والتدمير المتعمد لمعداتها قد يمثلان انتهاكا لأحد قوانين المحكمة"، كما أن الهجمات تعمل على "تقليص، إن لم يكن تحييد، قدرة وسائل الإعلام على إبلاغ الجمهور".

وكان مدير مكتب "الجزيرة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليد العمري، قد دان قصف مبنى يضم مكتب القناة في قطاع غزة، ووصف الاستهداف بأنه "جريمة حرب" ترمي إلى "إسكات الأصوات الإعلامية". وقال العمري، في تصريحات بثتها القناة مباشرة، إنّ استهداف مقر القناة في غزة "جريمة تضاف إلى مسلسل الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة". وأضاف أنّ إسرائيل "لا تريد فقط نشر الدمار والقتل في غزة، وإنّما تحاول إسكات الأصوات الإعلامية التي تشاهد وتوثق وتنقل حقيقة ما يجري في قطاع غزة"، مشدداً على أنّ ذلك "أمر بطبيعة الحال مستحيل".

والأحد، أعلنت وكالة "فرانس برس" أنها ستستضيف فريقي وكالة "أسوشييتد برس" وقناة "الجزيرة" في مكتبها في غزة، بعد تدمير الاحتلال المبنى الذي يضمّ مكاتبهما في القطاع السبت.  وكانت الوكالة قد أكّدت على لسان رئيسها التنفيذي فابريس فريس "تضامنها الكامل مع وسائل الإعلام التي دُمّرت مكاتبها في غزة"، مطالبة باحترام "الحقّ في الإعلام". بدوره، قال فيل شيتويند، مدير الأخبار في "فرانس برس": "لقد صُدمنا بشدّة لواقع أنّ مكاتب إعلامية استُهدفت بهذه الطريقة".

في المقابل، شنّ صحافيون أميركيون هجمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي على "أسوشييتد برس"، منحازين لصفّ الاحتلال حتى حينما يقصف مؤسسات إعلامية، ومتسائلين "لماذا تملك الوكالة أصلاً مكتباً في غزة"! وقام الصحافي في "نيوزويك" جوش هامر بحذف التغريدة بعد ردود فعل مستنكرة واسعة عبر مواقع التواصل.

تجدر الإشارة إلى أنّ هذا ليس الاعتداء الوحيد على وسائل الإعلام في غزة بهدف إسكاتها، فقد بدأ الاحتلال في عدوانه باستهداف برج هنادي، ثم برجي الجوهرة والشروق اللذين يضمان العديد من الوكالات والصُحف والقنوات المحلية والعربية والدولية، وأبرزها "الوكالة الوطنية للإعلام (وكالة فلسطينية تأسست عام 2007)" وصحيفة "فلسطين" و"التلفزيون العربي" وقناة "الاتجاه" العراقية، و"المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية" وقناة "النجباء" وقناة "السورية" وقناة "المملكة" ووكالة "سبق 24" و"منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" ووكالة "APA" المحلية.

والخميس الماضي، دان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، الغارة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على مكتب قناة "TRT عربي" التركية في قطاع غزة، بعد استهدافها لوكالة "الأناضول". وقال ألطون، عبر "تويتر"، إن "إسرائيل تواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في فلسطين، وتستهدف الإعلام الحر الذي يكشف للعالم سياسة الاحتلال والأعمال الإرهابية ضد الفلسطينيين". وأضاف: "أظهرت إسرائيل مرة أخرى عدم احترامها لأي قيم بعد الهجوم الجوي الذي شنته على مكتب "TRT عربي" في غزة بعد هجومها على وكالة (الأناضول)".

المساهمون