"للموت 2": لا شيء سوى الصراخ
ربيع فران
لم تكن تجارب الدراما العربية المشتركة، في السنوات الأخيرة، إلا نافذة تُرينا، في كثير من الأحيان، مدى اضطراب هذه الصناعة، وعدم اقترابها من الواقع، مهما سعت إلى ذلك. في الجزء الثاني من مسلسل "للموت"، نلاحظ تخبّطاً واضحاً لجهة إدارة الكاتبة نادين جابر لنص ضعيف، بدأته جابر من الجزء الأول. لكنها، وبطلب من شركة الإنتاج، أعادت المحاولة مرة ثانية هذا العام. إلا أن شيئاً لم يتغيّر.
يصح القول إن المسلسل ينقل في الجزء الثاني ممثلين يعيشون عالماً افتراضياً. لكن جابر تناقض نفسها، وتتجه في قسم آخر من الرواية إلى عالم الأحياء الشعبية أو العشوائيات، وتتسلح بحكايات هذا الشارع على صعيد الاتجار بالأطفال وعمالتهم، وانقطاع الكهرباء والماء، وارتفاع سعر صرف الدولار. وتدور في فلك عجائبي، بحثاً عن الصلة التي تربط الكائنات الخيالية (هادي ووجدان وريم وسحر)في بالحي الشعبي الفقير.
تتضح لنا سيطرة الممثلة ماغي بو غصن على المسلسل برمته. فهي أولاً وأخيراً، زوجة المنتج التي يسمح لها بإنتاج عمل سنوي تتقاسم بطولته وفق مصالحها وإرادتها، وتحاول التقدم من خلاله لتثبت حقيقة أنها ممثلة تتمتع بالموهبة العالية، والقدرة على الإقناع. لكنها في "للموت 2"، تفقد أدواتها في الإقناع، وتذهب باتجاه الصراخ والسُّباب، وتورّط شركاءها أصحاب المساحة الضيقة لقصة حب وانتقام (محمد الأحمد، وباسم مغنية، ودانييلا رحمه) في هذا الصراخ وذاك السُّباب.
يصل إلينا نص نادين جابر باهتاً. لا يثير بداخلنا التعاطف.
تحاول جابر، في الجزء الثاني، تعويض تلك الأحادية في استقدام شخصيات لا تشي بما هو جديد، أو لا تُعطى الفرصة كاملة لإبراز مواهبها، أو قدرتها على تنفيذ الدور. يحصر الجزء الثاني الشخصيات المستجدة بين سطوة الإنتاج والكاتبة، ويقلل من نشاط هؤلاء لما فيه مصلحة العمل، وإنشاء شخصيات موازية كانت لتنقذه من الرتابة وتصوير أكثر من 12 حلقة على خط المطاردة بين الأبطال الأربعة.
بإيجاز، يمكن وصف هذا الجزء من "للموت" بأنه صورة مشوهة عن واقع الدراما اللبنانية والعربية المشتركة، وإفلات من واقع قصصي كان بإمكانه أن يعمّر، ويتحول إلى مرجعية. نستطيع أن نلاحظ أن المخرج فيليب أسمر بذل جهداً لإصلاح المسلسل، من خلال التصوير المميز والاهتمام بالجانب التقني، لكن كل ذلك لم ينقذ العمل من الرتابة والصراخ.