"كسكروت الباي"... وجبة شعبية تونسية تفرض نفسها في مهرجان خاص

07 يوليو 2022
يصطف الناس في خطوط طويلة للحصول على طعام الحبيب الباي (الأناضول)
+ الخط -

يبدو الشارع المزدحم بالناس أشبه بساحة سيرك للوهلة الأولى، إلّا أنّ رائحة الطعام الشهي المنبعثة من مأكولات الطباخ التونسي الشاب الحبيب الباي، تنقل المارّة في شوارع العاصمة تونس إلى ذكريات المطاعم الراقية.

استطاع الباي بمهارة أن يمزج خلطته الخاصة "كسكروت الباي" مع باقي مكونات الأكل الشعبي لتصبح علامة يشتهر بها.

قال عددٌ من المارّة، الذين اصطفّوا لشراء "كسكروت الباي"، إنّ الخلطة "عجيبة وطيبة ولذيذة".

تتميّز وجبة "كسكروت الباي" بثراء المكونات، فهي تتألّف من خبز وتشكيلة من الخضار واللحم، ومجموعة من البهارات ذات الرائحة النفّاذة.

لم يتوقّف الشاب التونسي عن الابتكار، فعزم على تطوير الأكل الشعبي ونجح في تنظيم أوّل مهرجان لأكل الشارع في البلاد.

معاناة وإبداع

من عمق الأحياء الفقيرة، ومن رحم العوز وصعوبة العيش، فتح الحبيب لنفسه طريقاً جديداً ليصير واحداً من أبرز المتميّزين في مجال الأكل الشعبي، بالإضافة إلى شهرته في وسائل التواصل الاجتماعي في تونس.

لم يكن الطريق مفروشاً بالورود أمام رحلة النجاح الصعبة. عاش أيّاماً صعبة بعد مصادرة الشرطة لعربته التي يقدّم فيها وجباته للمارة، بحجّة عدم توفّر مقوّمات الصحة والعمل بشكلٍ غير قانوني.

قال الشاب التونسي لـ"الأناضول: "الظروف الصعبة هي التي تبني شخصية الفرد وتجعله أكثر قوة، وصاحب تجربة مؤثرة في الحياة".

اشتهر الحبيب بـ"كسكروت الباي" خلال سهرات رمضان الماضي، بعد الإفطار وحتّى موعد السحور، إذ كان الكثيرون يسرعون للحصول على أكلته المميزة قبل أن تنفد، في طوابير طويلة تدوم لساعات.

المرّة الأولى

ظلّ الشاب التونسي يحلم بردّ الاعتبار للأكل الشعبي في تونس، غير أنّه لم يكن يتوقّع يوماً أن يكتسب هذه الشهرة.

وصل به الطموح إلى حد تنظيم مهرجان "مأكولات الشارع" للمرّة الأولى بتونس.

في 2 يوليو/ تموز الجاري، أقيم المهرجان وسط حضور جماهيري كبير وأجواء احتفالية، جعلت من قلب العاصمة كرنفالاً للاحتفاء بـ"كسكروت الباي".

لا يبعد وسط العاصمة عن ساحة قوس "باب البحر"، التي ازدانت بعربة جديدة صمّمت خصّيصاً للحدث الذي اعتبره الحبيب استثنائياً في تاريخ مأكولات الشارع في تونس.

كان وفيّاً لعربته القديمة التي رافقته طوال أيّام صعبة مرّ بها، فظلّت هي الأخرى في الجانب الآخر من الساحة لتكون مكاناً لحجز التذاكر.

وعلى اختلاف أعمارهم، اختار جمعٌ غفيرٌ من الناس الانتظار في طابور طويل، بغية الحصول على تذكرة لدخول المهرجان والظفر بتذوّق أكلة الباي التي وصلت أصداؤها إلى محافظات أخرى.

وصفة نجاح

قال الحبيب باي: "هذا المهرجان الأوّل من نوعه في تونس، آمن به كثير من التونسيين وقاموا بتشجيعنا على بلوغ هذه الخطوة".

وأضاف: "ستكون هناك وجهات أخرى للمهرجان، وستقام تظاهرات للأكل الشعبي في عدّة ولايات".

وتابع: "مأكولات الشارع تدفع للإبداع وتخلق اختصاصاً يميزك عن غيرك".

وزاد: "أن تمرّ بظروف صعبة وتفشل فتلك ليست نقطة النهاية أبداً، وإنّما هي البداية والانطلاقة لقصة نجاح جديدة".

ودعا الشباب التونسي إلى "ضرورة الإيمان بالوطن والتعب من أجل بلوغ أحلامهم وتحقيق أهدافهم من أجل النهوض بالبلاد".

وأوضح: "من الممكن أن أكون عبرة للكثيرين، فما مررت به ليس سهلا".

الشابة التونسية هبة الشابي جاءت للمهرجان لتذوّق "كسكروت الباي" قالت لـ"الأناضول": "كانت للمهرجان أصداء عالية على مواقع التواصل الاجتماعي، بل كان حديث وسائل الإعلام خلال شهر رمضان الماضي، وجئت إلى هنا لأكتشف بنفسي".

وأضافت: "يجب أن نشجع مثل هذه المشاريع الشبابية، حتّى لا يكون أحد عاطلاً عن العمل، أو مكتوف اليدين أمام صعوبات الحياة".

(الأناضول)

دلالات
المساهمون