ترامب وهاريس... نزالٌ في الفضاء الرقمي

01 اغسطس 2024
الختم الرسمي الأميركي خلال محادثة في ميشيغان، 17 يوليو 2024 (كريس دوموند/Getty)
+ الخط -

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية، ويتوقع أن تشهد الأيام المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية منافسة محمومة، في ختام حملة خلطت أوراقها محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق. بعد أسابيع من التجاذبات الداخلية والتسريبات الصحافية المشكّكة بقدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، جاء انسحابه من السباق ودعمه نائبته كامالا هاريس لمحاولة توحيد صفوف الحزب الديمقراطي وشدّ عصبه، في مواجهة المنافس الجمهوري ترامب الساعي للعودة إلى مقر الرئاسة الأميركية. منصات التواصل الاجتماعي ليست بعيدة عن هذه المواجهة حيث يحاول ترامب وهاريس جذب انتباه الناخبين وكسب ثقتهم عبر مختلف الوسائل التي تتيحها الخوارزميات.

منصة مستقلة لترامب

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، سُمح لدونالد ترامب بالعودة إلى منصة إكس التي فرضت عليه حظراً بعد هجوم أنصاره على مبنى الكابتول في يناير/ كانون الثاني 2021، لكنه اختار التمسك بشبكة تروث سوشال التي أطلقها، حيث يتجمع مؤيدوه والمستخدمون من اليمين واليمين المتطرف. وتسود تكهنات بأن ترامب ربما يتلاعب بخوارزمية المنصة التي يملكها من أجل الوصول إلى كل الجمهور فيها. وترى مجلة فوربس أنه يجب تصنيف المنصة على أنها مجموعة عمل سياسية، لأن ترامب يبدو ملكها بلا منازع.

وحتى يوليو/ تموز الماضي، كان ترامب يهيمن على حرب النكات في مواقع التواصل. فقد جذب حسابه على "تيك توك" أكثر من 9 ملايين متابع، متجاوزاً بسهولة ما حققه حساب بايدن. كما ظهر في بودكاست يذيعه لوغان بول، وحصل على دعم رئيسة بطولة القتال النهائي دانا وايت. واستهدفت حملة الانتخابات الأميركية الخاصة به الناخبين الشباب.

هاريس تخاطب صغار السن

فور ترشيحها بدلاً من بايدن في الانتخابات الأميركية شرعت كامالا هاريس في التخلص من أسلوب بايدن القديم في حملتها من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحاول فيها الظهور بمظهر أقل رسمية. وظهرت في مقطع فيديو على حسابها في التطبيق تقول: "سمعت أنني كنت أخيراً على صفحة من أجلك، لذلك سأظهر هنا بنفسي". وقد عمل فريق هاريس على تبنّي النكات العفوية التي أطلقها المستخدمون العاديون، ثم دمجها في حملتها. ويبدو "تيك توك" منصة منطقية للمرشحة الديمقراطية، لأن استطلاع رأي أظهر أنها أقرب للناخبين الأصغر سناً، إذ استقطبت اهتمام 60% منهم مقابل 40% لترامب.

وبات ديمقراطيون يستخدمون رموزاً تعبيرية لشجرة جوز الهند في منشورات تأييدهم لها، في إشارة إلى جدّتها التي قالت يوماً إن "الشباب يعتقدون أنهم سقطوا من شجرة جوز الهند".

 

ونقل موقع بزنس إنسايدر الإخباري عن أستاذ الإعلام والشؤون العامة في جامعة جورج واشنطن، ديفيد كاربف، إن "هناك موجة من الحماس الشعبي تشبه تلك التي رافقت باراك أوباما عام 2008، ولكن مع وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2024". وأوضحت أستاذة الاتصالات السريرية في جامعة جنوب كاليفورنيا - أننبرغ، كارين نورث، أن "المحتوى الذي يحقق أفضل أداء هو إما ترفيهي أو شخصي". وأضافت: "يريد الناس أن يشعروا بارتباط شخصي، وتمنح وسائل التواصل الاجتماعي المسؤولين المنتخبين وغيرهم من المؤثرين أو المشاهير الفرصة للتواصل مع جماهيرهم مباشرة وعلى مدار 24 ساعة في اليوم".

الانتخابات الأميركية في الشبكات الصينية

للصين مواقع تواصل اجتماعي مستقلة عن بقية العالم، وقد تجنبت البلاد رسمياً التعليق على دخول كامالا هاريس المتأخر في الانتخابات الأميركية، لكن حصد وسم "خروج بايدن" 490 مليون مشاهدة في شبكة ويبو الاجتماعية الصينية. وصوّر مستخدمو مواقع التواصل الصينية هاريس على أنها نائبة رئيس ضعيفة، بحسب ما رصدته شبكة بلومبيرغ. وعلّق مستخدم على ترشيحها ساخراً عبر "ويبو": "هل هذا يعني أن ترامب على وشك الفوز؟". ووجد استطلاع رأي أن نحو 80% من مستخدمي التطبيق يعتقدون أن الجمهوريين سينتصرون.

ترامب وهاريس تحت رحمة الخوارزمية

تعمل مواقع التواصل الاجتماعي مثل "إكس" و"فيسبوك" بخوارزمية تتكون من معادلات تحدّد عدد الأشخاص الذين يرون منشوراتنا، ومكان ظهورها أمام الآخرين، ومدى تكرارها، ويمكن للخوارزمية حتى إزالة المنشورات حسب الرغبة من دون أي مبرّر على الإطلاق. ويخضع مرشحا الانتخابات الأميركية أيضاً لهذه القواعد، ولا يستطيعان التغلّب عليها من الناحية النظرية.

وقال الخبير الاستراتيجي الرقمي للبيت الأبيض، كريستيان توم، خلال مؤتمر، إن "حسابَي البيت الأبيض والرئيس لا يحظيان بأي معاملة خاصة". ويستخدم مديرو هذه الحسابات وغيرها، مثل حسابي هاريس وترامب، نفس القواعد لتفادي تهميش المنشورات ووصولها لأكبر عدد ممكن من المستخدمين، مثل تجنب الروابط مثلاً.

ولا أحد يعرف حقاً كيف تعمل الخوارزمية. وتتمتع "ميتا" بالقدرة على تعديلها حسب الرغبة، والدفاع عن أحد مرشّحي الانتخابات الأميركية لو أرادت ذلك من خلال تعزيز وصوله وقمع منافسيه، لكن لا أدلة على أنها تفعل هذا لحد الآن.

المساهمون