ومع تراجع توقعات متوسط سعر برميل برنت إلى نحو 20 دولاراً العام الجاري، ستحدث فجوة كبيرة في إيرادات موازنة عام 2020 التي قدرت سعر البرميل بنحو 55 دولارا، أي أنها ستفقد نحو 254.7 مليون دولار يومياً في حال احتساب متوسط يومي للصادرات بنحو 7.278 ملايين برميل، حسب أحدث الإحصائيات.
ووفقا لهذه التقديرات، ستخسر السعودية نحو 93 مليار دولار على مدار عام 2020 من إيرادات النفط المقدّرة في الموازنة، في حال استمرار سعر البرميل حول 20 دولاراً.
وكان مازن السديري، رئيس إدارة الأبحاث في شركة الراجحي المالية، قد أكد في تصريحات سابقة، أن سعر برميل النفط المقدّر في الميزانية السعودية للعام 2020 يبلغ كمتوسط 55 دولارا للبرميل بإنتاج يصل الى 9.9 ملايين برميل يومياً، وهو ما يحقق إيرادات تقدر بنحو 513 مليار ريال (نحو 137 مليار دولار).
ووسط توقعات مختلفة لمتوسط سعر النفط من البنوك والمؤسسات الدولية، كان "بنك أوف أميركا غلوبال" قد خفض توقعاته للأسعار في 2020 إلى 20 دولاراً لبرميل خام برنت بعدما توقع سابقاً سعري 45 دولاراً و54 دولاراً.
وكان سعر خام القياس العالمي مزيج برنت، قد بلغ نحو 67 دولارا في آخر أيام العام الماضي، قبل دخول النفط في دوامة الانهيار ليصل إلى أقل من 18 دولارا للبرميل، صباح اليوم.
وتراجعت العقود الآجلة، اليوم الأربعاء، لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم يونيو/حزيران بنسبة 11.05% إلى 17.72 دولاراً للبرميل. بينما تراجعت أسعار العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم يونيو بنسبة 0.7% إلى 11.4 دولارا للبرميل.
ويأتي الهبوط بعد اثنين من أكثر الأيام جموحاً في تاريخ تجارة النفط، إذ يبدو أنّ الإمدادات العالمية ستفوق الطلب لشهور قادمة وتخفيضات الإنتاج الحالية غير كافية لتبديد التخمة. وتحول عقد أقرب استحقاق للخام الأميركي لأول مرة في التاريخ سلباً، أول من أمس.
وأعلنت المبادرة المشتركة للبيانات النفطية "جودي"، أول من أمس الإثنين، هبوط صادرات السعودية من النفط الخام بنسبة 0.2 بالمئة على أساس شهري، في فبراير/شباط الماضي.
وبلغت صادرات المملكة 7.278 ملايين برميل يوميا في فبراير/ شباط 2020، مقابل 7.294 ملايين برميل يوميا في يناير/كانون الثاني السابق له.
والسعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، على الرغم من أنها تأتي ثالثة في حجم الإنتاج بعد كل من روسيا والولايات المتحدة، بمتوسط إنتاج 9.9 ملايين برميل يوميا، تعتمد بشكل رئيسي على النفط لرفد موازنتها بالإيرادات المالية.
يبلغ إجمالي النفقات المتوقعة لموازنة السعودية 2020، 1.02 تريليون ريال (272 مليار دولار)، وسط تقديرات رسمية بارتفاع العجز وتراجع احتياطات الحكومة المالية.
وتتوقع السعودية تراجع إيراداتها المالية في 2020 بنسبة 9 بالمئة إلى 833 مليار ريال (222.13 مليار دولار)، مقارنة مع توقعات في 2019 تبلغ 917 مليار ريال (244.54 مليار دولار).
وتعزو وزارة المالية السعودية تراجع الإيرادات إلى هبوط بنسبة 15 بالمئة في الإيرادات النفطية إلى 513 مليار ريال (136.8 مليار دولار)، ونمو بنسبة 2 بالمئة في الإيرادات غير النفطية إلى 320 مليار ريال (85.34 مليار دولار).
وتسجل الرياض عجزاً مالياً، منذ انحدار أسعار النفط عام 2014، إلا أنه يرتقب أن يتفاقم هذا العام في ظل تهاوي أسعار النفط وخفض الإنتاج وانعكاسات أزمة كورونا على الاقتصادين العالمي والمحلي.
وقال الجدعان إنّ لدى الحكومة خطة طوارئ وتملك المرونة من خلال مزيج من تخفيضات الإنفاق والاقتراض والسحب من الاحتياطيات.
وأوضح تقرير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمي، في وقت سابق من هذا الشهر، أن السعودية بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل، لتحقيق نقطة تعادل في موازنتها.
كورونا وخفض الإنتاج
ما يزيد أوجاع السعودية ماليا هو تداعيات فيروس كورونا بالإضافة إلى أنها ستخفض الإنتاج، وبالتالي يرتقب أن تمحو التخفيضات التي تعهدت بها المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بموجب اتفاق أوبك+، نحو 40 مليار دولار من إيرادات الدولة هذا العام، وذلك وفقا لمحلل لوكالة رويترز "استند في توقعه إلى متوسط سعر للنفط يبلغ 40 دولارا للبرميل"، وبالطبع سيتضاعف هذا الرقم إلى أكثر من 80 مليار دولار، لأن سعر برنت حاليا أقل من 20 دولارا.
وتبدأ السعودية اعتبارا من الشهر المقبل، خفض إنتاجها النفطي إلى متوسط 8.5 ملايين برميل يوميا، امتثالا لقرار خفض الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا من جانب تحالف (أوبك+).
كانت السعودية قد أعلنت، هذا الأسبوع، عن تقليص الميزانية نحو 5%، بما يصل إلى 50 مليار ريال، وقالت إنه سيعاد النظر في النفقات في ظل تدني أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا اللذين يهددان النمو.
وفي مارس/ آذار الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج.