ولليوم الثاني على التوالي، استمرّ تدفق المودعين مع امتداد الطوابير أمام فروع المصارف في المناطق. فيما أكد عدد من المودعين أن المصارف التي يتعاملون معها لا تلتزم سقف السحب الذي حددته بألف دولار أسبوعياً، حيث انخفض السقف إلى 400 دولار أسبوعياً لدى بعض المصارف، وإلى ألف دولار شهرياً لدى مصارف أخرى.
وحددت جمعية المصارف بعد التنسيق مع مصرف لبنان المركزي، لائحة بالتدابير المصرفية الموقتة، وهي عدم وضع قيود على الأموال الجديدة المحوَّلة من الخارج، في حين أن التحويلات إلى الخارج تكون فقط لتغطية النفقات الشخصية الملحّة.
ولا توضع قيود على تداول الشيكات والتحاويل واستعمال بطاقات الأئتمان داخل لبنان، وكذا تحديد المبالغ النقدية الممكن سحبها، بمعدل ألف دولار كحد أقصى أسبوعياً، لأصحاب الحسابات الجارية بالدولار. أما الشيكات المحررة بالعملة الأجنبية، فتدفع في الحساب. ودعت الزبائن إلى تفضيل استعمال بطاقات الائتمان، خصوصاً بالليرة اللبنانية، لتأمين حاجاتهم.
مخالفات قانونية
واعتبرت جمعية المصارف أن مضمون هذه اللائحة، "لا يشكل قيوداً على حركة الأموال، وأملاه الحرص الشديد على مصالح العملاء والمصلحة العامة، لتجاوز الظروف القائمة". فيما أكد خبراء ماليون واقتصاديون أن ما قامت به المصارف، احتجاز غير قانوني للأموال، لا بل يعتبر مخالفة دستورية، حيث تؤكد مقدمة الدستور اللبناني أن النظام الاقتصادي حر ويكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة. وأكد هؤلاء أن ما تقوم به المصارف يخالف قانون التجارة، والأحكام القضائية الصادرة في هذا الخصوص.
وينص قانون التجارة اللبناني في المادة 307 منه على أن "المصرف الذي يتلقى على سبيل الوديعة مبلغاً من النقود يصبح مالكاً له، ويجب عليه أن يرده بقيمة تعادله دفعة واحدة أو عدة دفعات عند أول طلب من المودع، أو بحسب شروط المهل، أو الإعلان المسبق، المعينة في العقد".
وأكدت محكمة الاستئناف الجزائية في بعبدا بقرار رقم 0 تاريخ 05/03/1996، أن مال المودع في المصرف لا يعتبر أمانة لديه، بل ملكاً له، عليه أن يرده بقيمة تعادله عند أول طلب من المودع، ويكون الاستيلاء عليه من قبل أحد موظفي المصرف احتيالاً وليس إساءة ائتمان، ويكون المصرف مسؤولاً مدنياً عن أعمال موظفيه بالتكافل والتضامن.
وتقوم المصارف بمخالفة هذا البند مع احتجازها لعدد كبير من الودائع، بالرغم من استحقاق مهلة دفعها بعد انقضاء فترة التجميد، علماً أن المودع يحق له استيفاء الوديعة قبل مهلة فك تجميدها بعدما يتخلى عن الفوائد المستحدة على حسابه.
أما الحساب الجاري، فلا يمكن تقييده، ويحق للعميل سحبه متى أراد. وتقيد المصارف السحب من الحسابات الجارية، وهي غالبيتها رواتب للموظفين.
استيراد البنزين
وأدت أزمة السيولة الدولارية إلى تراجع سعر صرف الليرة إلى أكثر من 1800 أمام الدولار اليوم، مع تزايد أسعار السلع في الأسواق اللبنانية بنحو 30%. وكان مصرف لبنان قد أعلن آلية لتمويل مستوردي النفط والقمح والأدوية بالدولار لتأمين حاجات السوق البنانية.
إلا أن مستوردي هذه السلع أعلنوا أن الآلية غير قابلة للتطبيق، مع تنفيذهم مجموعة من التحركات المتقطعة خلال الأسابيع الماضية.
وفي تحرك نادر، قالت وزارة الطاقة اللبنانية اليوم إنها ستعقد مناقصة لشراء 180 ألف طن من وقود الديزل، وحددت الخامس من ديسمبر/ كانون الأول موعداً نهائياً لتلقي العروض. وأشارت الوزارة إلى أن الشحنات يجب أن تصل إلى منشآت نفطية في طرابس والزهراني.
وكانت وزيرة الطاقة اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني، قد أكدت اليوم الجمعة أن وزارتها ستطرح مناقصة حكومية لشراء البنزين، في مسعى لدرء نقص محتمل في المعروض جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد.
وسببت احتجاجات عارمة ترجع إلى أسباب من بينها أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 إغلاق البنوك وشل البلاد، ما يقيد قدرة العديد من المستوردين على الشراء من الخارج.
وطرح الدولة مناقصة لشراء البنزين أمر غير معتاد في لبنان المعتمد على الاستيراد، حيث جرت العادة أن تتولى شركات خاصة شراء الوقود. لكن الوزيرة قالت إن المشترين من القطاع الخاص سعوا في الآونة الأخيرة لزيادة أسعار بيع البنزين لتعويض ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء منذ بدء الاضطرابات.
وأضافت: "سوق القطاع الخاص فقط هي الوحيدة التي تستورد هذا النوع من الوقود. لكننا قررنا الاستيراد بأنفسنا على سبيل التجربة في الوقت الراهن بسبب الأزمة التي تحيط بالقطاع". وقالت إن المناقصة ستورد نحو عشرة بالمئة من احتياجات البلاد وستساهم في تفادي حدوث ارتفاع في الأسعار.
من جهة أخرى، أكدت مصادر من نقابة المحامين لـ "العربي الجديد" أن مجموعة من المحامين ستذهب غداً صباحاً إلى المجلس الدستوري في بيروت لإجراء لقاء مع القاضي طنوس مشلب في ما يتعلق بطلب نسخات عن التصاريح التي تقدم بها المسؤولون والرؤساء عن ممتلكاتهم وأموالهم.
وكانت مجموعة من المحامين قد طالبت المجلس الدستوري في نهاية الشهر الماضي بتسليم أسماء رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة والمجلس النيابي والوزراء والنواب الحاليين والسابقين، الذين تقدّموا بتصاريح عن أموالهم وممتلكاتهم.
وأوضحوا وفق معلومات موقع "محكمة" القانوني المتخصص، أن "هذا الطلب يأتي انطلاقاً من وجوب تفعيل دورنا كمحامين، في دعم الثورة ومحاربة الفساد المزمن لمكوّنات السلطة الحاكمة".
وأضافوا وفق "محكمة": "تقدّمنا من المجلس الدستوري بطلب موقع من 18 محامياً، لتسليمنا جميع التصاريح بالأموال المنقولة وغير المنقولة المرفوعة إليه، من رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان ومن الوزراء والنواب، الحاليين والسابقين، وذلك بموجب قانون الحقّ في الوصول إلى المعلومات الذي يلغي قانوناً السرية التي منحها لهذه التصاريح قانون الإثراء غير المشروع (1999)".