الصين تستعد لحرب تجارية أوسع مع أميركا

07 نوفمبر 2024
الرئيس الصيني خلال استقباله ترامب في بكين، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الأسواق المالية الصينية توترات مع احتمالية عودة ترامب ووعوده بفرض رسوم جمركية حادة على السلع الصينية، مما أدى إلى انخفاض مؤشر "هانغ سنغ تشاينا انتربرايز" بنسبة 3%.
- الصين تسعى لتعايش سلمي مع الولايات المتحدة، لكن وعود ترامب قد تؤثر سلباً على الاقتصاد الصيني، حيث يتوقع انخفاض معدل النمو إلى النصف وتقليل الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5%.
- رغم التوترات، لا يرغب الاقتصادان في قطع العلاقات، حيث بلغ التبادل التجاري 690 مليار دولار في 2022، وتتجه الصين لتعزيز الاستهلاك المحلي للحفاظ على النمو.

عكست سوق المال الصينية حالة التوتر المحتملة مع الولايات المتحدة الأميركية بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، حاملاً وعوداً بفرض رسوم جمركية حادة على السلع الصينية، ما يعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى الواجهة مجدداً.

وانخفض مؤشر "هانغ سنغ تشاينا انتربرايز" في هونغ كونغ بنحو 3% خلال تعاملات أمس الأربعاء، مما أدى إلى خسائر في آسيا. ويعكس انخفاض أسهم هونغ كونغ، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأحداث الخارجية وتدفقات الأموال العالمية، مخاوف المستثمرين الدوليين بشأن ولاية ثانية لترامب، مما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية ومفاجآت سياسية.

وجاء هبوط الأسهم متزامناً مع مؤشرات فوز ترامب في وقت مبكر من صباح أمس، في مواجهة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي، فيما كان أداء الأسهم المدرجة في البر الرئيسي الصيني أفضل نسبياً خلال الفترة الماضية، وسط توقعات بمزيد من تدابير التحفيز.

وتراجعت البورصات الآسيوية باستثناء اليابان في التعاملات المبكرة، متأثرة بخسائر أسهم شركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في هونغ كونغ، حيث انخفض مؤشر "إم سي إس آي" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ باستثناء اليابان" قرابة 1%، وكان سهما "مجموعة علي بابا القابضة" و"ميتوان" بين أكبر الأسهم التي أثرت على المؤشر.

وأبدت الصين، أمس، أملها في "تعايش سلمي" مع الولايات المتحدة، مع إعلان ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ خلال المؤتمر الصحافي الدوري "سنواصل مقاربة العلاقات الصينية الأميركية وإدارتها على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون للمنفعة المتبادلة". ولم تعلق ماو بشكل مباشر على إعلان ترامب فوزه، وقالت "نحترم خيار الشعب الأميركي". وكان انتخاب ترامب المحتمل من المواضيع الأكثر تداولاً على شبكة التواصل الاجتماعي الصينية "ويبو".

وقطع المرشحان في حملتيهما الانتخابيتين ترامب وهاريس وعوداً باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه بكين، لكن مواقف ترامب تبدو أكثر تشدداً، إذ تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على جميع البضائع الصينية التي تدخل البلاد. ويتوقع المحللون أن تكون حزمة تحفيز رئيسية من المتوقع أن يُكشف عنها في اجتماع برلماني تشهده بكين هذا الأسبوع، أكبر مع فوز ترامب.

وخلال ولايته الأولى، أطلق ترامب حربا تجارية شرسة مع الصين، وفرض رسوماً جمركية باهظة على البضائع الصينية رداً على ما اعتبرها ممارسات تجارية غير عادلة من جانب بكين. وفي عهد خلفه جو بايدن، وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً جمركية جديدة باهظة على السيارات الكهربائية الصينية وبطاريات السيارات الكهربائية والخلايا الكهروضوئية.

وتراقب بكين عن كثب معرفة كيف سيؤثر الرئيس العائد إلى البيت الأبيض على أهم علاقاتها الخارجية. وفي حال تطبيق ترامب تهديداته بفرض مزيد من التعريفات الجمركية على السلع الصينية، عبر رفعها إلى 60%، فإن هذا من شأنه أن يخفض معدل النمو في الصين إلى النصف، ويخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5% في العام التالي، وفقا لتقرير صادر عن بنك "يو بي إس" السويسري.

لكن رغم كل ما سبق، لا يرغب الاقتصادان الأكبر في العالم واللذان يمثلان معا 40% من الناتج العالمي في قطع علاقاتهما الاقتصادية، ولا يريدان الانزلاق نحو انفصال كامل بينهما. وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما في 2022 نحو 690 مليار دولار منها 536 مليار دولار صادرات صينية مقابل 153 مليارا صادرات أميركية، وحققت الصين فائضا تجاريا (عجزاً على الجانب الأميركي) بلغ 283 مليار دولار.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدث ترامب لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، وأكد أنه إذا عاد إلى البيت الأبيض فإن الصين لن تجرؤ على استفزازه، لأن الرئيس شي جين بينغ يعرف أنه "مجنون". وقال ترامب حينها: "إذا انتُخبت رئيسا فسأفرض رسوما جمركية على الصين إذا سعت إلى حصار تايوان.. أود أن أقول إنه إذا ذهبت الصين إلى تايوان، فأنا آسف لفعل هذا، سأفرض عليهم ضريبة بنسبة 150% إلى 200%".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

لذا فإنه يتحتم على الصين المضي قدماً بقوة في تعزيز الاستهلاك المحلي للحفاظ على معدلات نموها الاقتصادي، إذ يتوقع ضخ تريليونات من اليوان خلال الفترة المقبلة لإنعاش الاقتصاد.

ويتوقع اقتصاديون في بنك "غولدمان ساكس" أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الصينية إلى تباطؤ النمو، لكنها قد تدفع أيضاً إلى تحول طال انتظاره نحو الاستهلاك في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقال محللو البنك في مذكرة بحثية صادرة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إنه في حال فرض رسوم أعلى قد تضطر بكين إلى زيادة الدعم المالي لتعزيز الطلب المحلي.

ورأى المحللون أن موجة التحفيز الحكومي لهذا العام، التي تشمل برامج استبدال الأجهزة المنزلية ودعم قطاع العقارات، ستساهم في دفع النمو باتجاه الداخل في العام المقبل. وأضافوا: "إذا واجهت السلع الصينية رسوماً جمركية أميركية أعلى في العام المقبل، فإن ذلك سيعزز التحول نحو الطلب المحلي".

المساهمون