صندوق النقد يحذر من انخفاض حاد في نمو الاقتصاد العالمي

21 يناير 2019
لاغارد: الكساد ليس على الأبواب (فرانس برس)
+ الخط -
حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، الاثنين، من خطر انخفاض حاد في النمو الاقتصادي العالمي حتى وإن كان الكساد ليس على الأبواب.

وحثت لاغارد، في كلمة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، صناع القرار على معالجة نقاط الضعف في الاقتصاد خاصة عن طريق خفض الدين الحكومي المرتفع.

وأعلن صندوق النقد  أمام النخب الاقتصادية العالمية المجتمعة في دافوس، أن نمو الاقتصاد العالمي لا يزال صامداً، لكنه يتباطأ بأسرع من المتوقع نتيجة التوترات التجارية والمخاطر السياسية، مثل بريكست والتظاهرات في فرنسا.
وأكّد صندوق النقد الدولي أنه خفض توقعاته، للمرة الثانية خلال أشهر، لوتيرة النمو العالمية التي باتت مقدّرة بنسبة 3,5% لهذا العام، بعد أن سجلت 3,7% في عام 2018.
وخفّض الصندوق تقديره أيضاً للنمو لعام 2020 ليصبح 3,6% أي بانخفاض 0.1 %.
وحافظ أكبر اقتصادين عالميين، الولايات المتحدة والصين، على نسبة نمو ثابتة في توقعات صندوق النقد، بعدما كانت خفضت بشدّة في تشرين الأول/أكتوبر، لتبقى عند نسبة 2,5% للولايات المتحدة و6,2% للصين.
وبعد أن توقف الصندوق عند الهدنة التجارية المعلنة في كانون الأول/ديسمبر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، أشار إلى أن "احتمال عودة التوترات التجارية في الربيع تزيد من التشاؤم بشأن التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي".
وبعد تبادل العقوبات التجارية العام الماضي بين بكين وواشنطن بفرض رسوم جمركية على ما يساوي مئات المليارات من الدولارات من البضائع التجارية، دخلت القوتان في هدنة حتى الأول من آذار/مارس للتفاوض بشأن اتفاق تجاري، تريد إدارة ترامب من خلاله أن تتخلى الصين عن ممارسات تجارية تعتبرها "غير منصفة".

وأثّرت الحمائية التجارية التي اعتمدتها القوتان خلال العام الماضي على حجم التبادل التجاري العالمي للخدمات والبضائع، الذي بعد أن كان سجل زيادة عام 2017 بلغت 5,7 في المئة عام 2017، تراجعت هذه الزيادة العام الماضي الى 4%.
وتوقع صندوق النقد أن يبقى ارتفاع حجم المبادلات التجارية العالمية عند نسبة 4% في عامي 2019 و2020. وبالنسبة لمنطقة اليورو، يبدو صندوق النقد الدولي أقلّ تفاؤلاً مع تقديره النمو فيها لهذا العام بنسبة 1,6%، بعد أن كانت النسبة 1,9% في توقع سابق.
وألمانيا هي أكثر المتضررين في منطقة اليورو وفق التوقعات التي خفضت نسبة النمو فيها بنسبة 0,6% إلى 1,3%، تليها إيطاليا (-0,4% إلى 0,6%) وفرنسا(-0,1% إلى 1,5%).
ويعاني الاقتصاد الألماني في الوقت الحالي من ضعف في الإنتاج الصناعي في قطاع السيارات الهام في هذا البلد، وذلك بسبب إقرار قواعد بيئية جديدة، كما تعاني ألمانيا أيضاً من تباطؤ في الطلب.
من جهتها، تمرّ إيطاليا بحالة من ضعف الاستهلاك الداخلي، مترافقة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، فيما تواجه فرنسا مشكلة "الأثر السلبي للتظاهرات" الاجتماعية، وفق ما قال الصندوق في إشارة إلى تظاهرات "السترات الصفراء" المستمرّة منذ أكثر شهرين.
ودفعت الاحتجاجات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان نجماً في دافوس العام الماضي، إلى الاعتذار عن الحضور هذا العام. أما التبرير الرسمي لغيابه، فهو جدول عمله "المشحون".
كذلك، يخشى صندوق النقد الدولي من الشكوك الكبيرة المحيطة بالمملكة المتحدة في ظلّ الصعوبات التي تواجه اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث رفض النواب البريطانيون الأسبوع الماضي اتفاق الخروج الذي تفاوضت بشأنه طويلاً رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.
ولم يخفض صندوق النقد توقعاته للنمو في المملكة المتحدة بسبب ما قال إنها إجراءات ستتخذها لتحفيز الاقتصاد "أعلنت في ميزانية عام 2019".
من جهة أخرى، بدأ الإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة المستمر منذ أكثر من شهر بالتأثير على النشاط الاقتصادي في البلاد، لكن ليس من المفترض أن يؤثر هذا الإغلاق بشكل جوهري على القوة الحالية للاقتصاد الأميركي، الذي من المتوقع أن يستفيد من أثر العنصر التعويضي الذي يعني نمواً بوتيرة أسرع، شهدته البلاد بعد إغلاقات حكومية سابقة.
ومع ذلك، فإن هذا الإغلاق نفسه هو الذي أجبر الرئيس الأميركي الذي كان نجم لقاء دافوس 2018، بأن يمتنع عن المشاركة في لقاء هذا العام.
وسيكون الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو الشعبوي والمشكك بالتدهور البيئي، محط الأنظار في دافوس هذا العام. وهو يقول إنه يريد "برازيل مختلفة، حرة من أي رابط إيديولوجي ومن الفساد"، ويستطيع بولسونارو التباهي بتوقعات نمو جيدة (2,5%) بزيادة بنسبة 0,1% عن السنة الماضية.
وهذه الأرقام لا تعكس الواقع في سائر أميركا اللاتينية التي توقع صندوق النقد الدولي انخفاض النمو فيها إلى 2% أي انخفاض بنسبة 0,2%.
وانخفضت توقعات نمو الاقتصاد المكسيكي بنسبة 0,4% إثر تباطؤ الاستثمارات الخاصة، فيما يبدو أن الركود الاقتصادي في فنزويلا سيكون أسوأ من المنتظر، أما الأرجنتين التي تستفيد حالياً من مساعدات صندوق الدولي، فسيتقلص اقتصادها هذا العام قبل أن يعود إلى النمو العام المقبل. 

(فرانس برس)
المساهمون