الجيش المصري يبيع الأدوات الكهربائية... والتجار يفلسون

16 اغسطس 2017
الجيش يساهم بهروب الاستثمارات (أحمد زكريا/ الأناضول)
+ الخط -
يعتزم الجيش المصري إطلاق مشروع جديد لإنشاء أكشاك متخصصة في بيع الأدوات الكهربائية، خصوصًا اللمبات الموفرة للطاقة (ليد)، في المناطق الاستراتيجية بجميع المحافظات، وفقًا لما يؤكده مصدر مسؤول في غرفة القاهرة التجارية.
ويشير المصدر إلى أن الجيش سيعرض في هذه الأكشاك الأدوات الكهربائية المنتجة في المصانع التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، لتسويقها بعيدًا عن الوسطاء والموزعين الذين يحصلون على هامش ربح من عمليات البيع.
إذ لم تترك المؤسسة العسكرية في مصر مجالاً اقتصادياً لم تحاول الاستحواذ عليه لتحقيق المكاسب، سواء في مشروعات ضخمة من المصانع وإنشاء الطرق والجسور أو حتى التجارة بالسلع الغذائية البسيطة.
يعتبر بعض الخبراء توسع الأنشطة الاقتصادية لهيئات ومؤسسات الجيش، أحد أسباب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر وتزايد عجز الموازنة، التي تعتمد في نسبة كبيرة منها على الإيرادات الضريبية، والتي يتم إعفاء شركات الجيش منها. وذلك، إلى جانب عدم دفع الرسوم والجمارك لكل الأدوات والخامات المستوردة والمستخدمة في أعمال الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية. وهو ما يخلق منافسة غير متكافئة مع المستثمرين المدنيين، ويتسبب بشكل غير مباشر في هروب الاستثمارات من السوق المصرية، لانعدام القدرة على المنافسة.
ويثير مشروع أكشاك بيع الأدوات الكهربائية الاستياء والغضب بين تجار الأدوات الكهربائية، مؤكدين أن المشروع يتسبب في تفاقم الركود الذي تعاني منه الأسواق منذ تطبيق قرار البنك المركزي المصري الصادر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني بشأن تعويم الجنيه.
ويشير عدد من التجار إلى أن الهيئة الهندسية التابعة للجيش المصري التي تتولى إنشاء مشروعات الإسكان الاجتماعي بالتعاون مع بعض شركات المقاولات، من خلال إبرام عقود معها من الباطن، تقوم بشراء مستلزمات تلك المشروعات من الأدوات الكهربائية من المصانع المحلية مباشرة أو الاستيراد من الخارج. حيث لا تتعامل الهيئة مع التجار، وبالتالي فإن سوق الأدوات الكهربائية لا يستفيد من مشروعات الإسكان الاجتماعي لتعويض بعض الخسائر.
ويقول رئيس شعبة الأدوات الكهربائية في غرفة القاهرة التجارية، بهجت حسني، في تصريحات خاصة، إن أسعار الأدوات الكهربائية ارتفعت، خلال الفترة الأخيرة، بنسبة تتراوح بين 70% و80%، نتيجة زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على الأدوات الكهربائية المستوردة من الخارج بنسبة 60%. إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 17.8 جنيهاً بعد قرار تعويم الجنيه، وزيادة تكلفة النقل تأثرًا بقرار خفض دعم الوقود للمرة الثانية خلال 8 أشهر.
ويتمتع الجيش بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات سواء العامة المملوكة للدولة أو الخاصة، ولا تمر موارد المؤسسة العسكرية عبر الخزينة العامة للدولة، ولا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
ويضيف حسني، أن التجار الذين لديهم مخزون من الأدوات الكهربائية قبل تحرير سعر الصرف قاموا برفع الأسعار بنسبة 40% بغرض تحريك المبيعات في ظل حالة الركود غير المسبوقة التي تسيطر على الأسواق حالياً.
في حين يؤكد مصدر مسؤول في شعبة الأدوات الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، رفض الإفصاح عن هويته، أن أسواق الأدوات الكهربائية تشهد أزمة سيولة حادة نتيجة انخفاض المبيعات بنسبة 60% مقارنة بالفترة التي سبقت قرار تعويم الجنيه، بسبب تراجع حركة البناء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون.
وينتقد المصدر، هيمنة الجيش على الاقتصاد وتجاهله للقطاع الخاص، خاصة التجار في مشروعات الإسكان الاجتماعي. ويشير إلى أن 10% من التجار العاملين في قطاع الأدوات الكهربائية خرجوا من السوق بسبب حالة الكساد وعدم قدرتهم على مواجهة الأعباء التي تقع على كاهلهم، خصوصًا بعد رفع أسعار الخدمات (الكهرباء والمياه)، إلى جانب الضرائب والتأمينات و" الإتاوات" التي تفرضها المحليات على أصحاب المحال.
ويلفت المصدر إلى أن بعض التجار يواجهون مصير الحبس نتيجة عجزهم عن سداد قروضهم المصرفية التي ارتفعت الفائدة عليها بعد تحرير سعر الصرف، مطالبًا الحكومة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف الأعباء التي يتحملها الموزعون والتجار وجدولة ديونهم لدى المصارف.
ويقول رئيس شعبة الأدوات والمعدات الكهربائية والكابلات، عاطف عبد المنعم، في تصريحات سابقة، إن المصرف المركزي يشترط إرسال المستندات الخاصة بالشحنات المستوردة من خلال المصارف لفتح اعتمادات مستندية وتوفير الدولار، ما يتسبب في تعطيل الإفراج الجمركي عن الخامات المستوردة من 30 إلى 60 يوماً بعدما كانت الإجراءات تستغرق نحو 48 ساعة على الأكثر.
المساهمون