جنون "وول ستريت".. 5 شركات تكسب 200 مليار دولار في يوم

29 أكتوبر 2017
ابتسامة المتعاملين تحمل الكثير (Getty)
+ الخط -
جنون جديد في سوق المال الأميركية "وول ستريت" أدهش خبراء المال، إذ حطمت مؤشرات الأسهم في ختام تعاملات الأسبوع، أول من أمس الجمعة، الأرقام القياسية لترتفع بأعلى معدل لها منذ عام 2009.

وكسبت شركات التقنية الخمس الكبرى في مؤشر "ناسداك" الذي يقيس أداء شركات التقنية حوالى 200 مليار دولار في يوم واحد. وهذه الشركات الكبرى هي كل من فيسبوك وأمازون وآبل ومايكروسوفت وغوغل.

وارتفع مؤشر ناسداك الذي يقيس شركات التقنية أمس بنسبة 1.6% ليبلغ 6701.1 نقطة، فيما صعد مؤشر"داو جونز" الصناعي بحوالى 31.92 نقطة أو بما يعادل 0.14% ليصل إلى 23432.78 نقطة وكسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500 " حوالى 20.66 نقطة أو 0.81% ليسجل 2581.06 نقطة.

وتقدم مؤشر "ناسداك" 144.49 نقطة، إذ كسب 2.2% ليرتفع إلى 6701.26 نقطة. وذلك وفقاً لبيانات سوق "وول ستريت" المنشورة على موقع السوق.

وتمكنت شركات التقنية الأميركية الكبرى بهذا الأداء من تحقيق أكبر مكاسب يومية في تاريخها القريب، محطمة بذلك كل التوقعات.

لكن هذا الارتفاع الكبير بعث القلق وسط محللي الأسواق المالية، وأثار تساؤلات حول إلى أين تتجه سوق  المال الأميركية خلال ما تبقى من العام، وهل هذا يعني أن مؤشر ارتفاع الأسهم بلغ نهاية الارتفاع وأن المنحنى السعري ربما يأخذ رحلة تصحيح خلال الأسبوع المقبل.

في هذا الصدد توقعت نشرة "ماركت ووتش" الأميركية في تحليلها للسوق المالي، أن تحدث عمليات مبيعات لأسهم التقنية خلال الأسبوع المقبل، من قبل مستثمرين على أمل جني أرباح ضخمة من موجة الارتفاع غير المسبوقة . وهو أمر وارد، إذ من غير المتوقع أن تواصل هذه الأسهم رحلة الصعود في أعقاب هذا الارتفاع الجنوني.

ومن بين أسباب الارتفاع الجنوني أرباح الربع الثالث المدهشة التي حققتها شركات ناسداك للتقنية، حيث حطمت نتائج شركات التقنية في الربع الثالث من العام الجاري توقعات المحللين، وقفزت بمعدل حير العديد من خبراء المال.

في هذا الصدد، قال كبير مديري صندوق الثروة بشركة "يو إس بانك منجمنت" في "وول ستريت"، أريك ويغان، أن الأرباح التي حققتها شركات التقنية تفوقت على توقعات المحلليين، مشيراً إلى أن الأرباح الضخمة التي حققتها شركات التقنية الكبرى كانت مفاجأة لخبراء الأسواق.

وحسب الأرقام التي نشرتها نشرة "ماركت ووتش" أمس السبت، وهي من النشرات التي تراقب سوق "وول ستريت"، فقد ارتفعت أرباح شركة أمازون في الربع الثالث بنسبة 34% إلى 34.7 مليار دولار، مستفيدة في هذه الأرباح من صفقة شراء سلسلة متاجر الأغذية الأميركية "هول فودز ماركتس".

وأضاف ارتفاع أسهم أمازون 9 مليارات إلى دخل الملياردير جيف بيزوس، حيث يملك في الشركة نسبة 17% من الأسهم، كما أضاف إجمالي ارتفاع الأسهم في شركاته 92.5 مليار دولار في يوم واحد فقط، ليتربع بذلك على عرش الثروة في العالم.

كما ارتفع سعر سهم شركة مايكروسوفت بحوالى 8.0%، بعد إعلانها ارتفاع الدخل الصافي في الربع الثالث بنسبة 12% إلى 24.5 مليار دولار، وهذ أعلى من توقعات الأسواق.
كما ارتفع دخل شركة "ألفابيت" بنسبة 24% إلى 27.8 مليار دولار بسبب الزيادة الضخمة في الدخل الإعلاني الذي حققته من فرعيها "غوغل" و"يوتيوب".

ويجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الأرباح دفترية في القيمة السوقية للشركات، وهي ترتفع وتهبط يومياً. ولكن على أية حال هي مؤشر على تركز الثروة في يد قلة من الأثرياء في العالم.

وتستفيد الشركات الكبرى في وول ستريت، خاصة شركات التقنية من التحول الجاري في العالم، خاصة شركات التقنية التي تستثمر بكثافة في الأسواق الناشئة مثل الهند وأميركا الجنوبية.

كما يستفيد كبار الأثرياء المستثمرون في أسواق المال من الغطاء الحكومي الذي يجدونه من البنوك المركزية. وكما ذكرت "العربي الجديد" في تقريرها قبل يومين، من المتوقع أن تدفع لعبة "التحالف الخطر" بين الشركات والمصارف المركزية سوق "وول ستريت" المالي لمزيد من الارتفاع الجنوني في سوق المال الأميركي خلال العام الجاري والمقبل، خلافاً لتوقعات بعض الأكاديميين والدراسات التي توقعت حدوث انهيار وشيك للأسهم، وربما في شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وكانت أسواق المال العالمية قد انهارت في 19 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1987، ومنذ ذلك الحين يتهيب المستثمرون في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام وضع أموالهم في الأسهم خوفاً من حدوث انهيار مماثل للانهيار العظيم أو ما يطلق عليه الخميس الأسود.

لكن لعبة الاستثمار في أسواق المال تغيرت منذ أزمة المال العالمية الأخيرة في عام 2008، حيث باتت المصارف المركزية العالمية، وعلى رأسها مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" والبنك المركزي الياباني "بنك اليابان" والبنك المركزي السويسري، من كبار المستثمرين في أسواق المال. كما دخلت أخيراً الشركات الكبرى في عملية المتاجرة باسهمها.

ويكفي القول في هذا الصدد أن موجودات المركزي الأميركي توسعت لتصل إلى 13.5 ترليون دولار، كما كشفت تحقيقات الكونغرس الأخيرة. ومعظم هذا التوسع يحدث عبراء شراء اسهم الشركات الاستراتيجية في سوق "وول ستريت".

وتسعى البنوك المركزية لتحقيق ارباح من مشترياتها في سوق المال، في وقت تنخفض فيه ارباحها من سندات الخزينة الأميركية التي تقارب حالياً نسبة 2.4%. كما يستفيد الأثرياء من الأموال شبه المجانية التي يحصلون عليها من البنوك المركزية.

ففي أميركا ظلت نسبة الفائدة قريبة للصفر لفترة أكثر من 6 سنوات، كما أن أوروبا لاتزال تحتفظ بفائدة صفرية، وكذلك اليابان تقل فيها نسبة الفائدة عن واحد في المائة.

وحسب تقارير مالية في أوروبا والولايات المتحدة، فإن الكل يستفيد من آلية نسبة الفائدة المنخفضة التي تتيح للبنوك والأثرياء والشركات الكبرى الحصول على أموال وقروض رخيصة من البنوك وبنسبة فائدة قريبة للصفر، حيث تقوم الشركات بإعادة شراء أسهمها كلما هبطت، مستفيدة من كون صفقات شراء الأسهم شبه مجانية.

وفي الجانب الحكومي تدخل البنوك المركزية كتاجر في السوق مستفيدة من عوائد الأسهم المرتفعة.

ويلاحظ أن بنك الياباني المركزي يتملك حالياً حصصاً رئيسية في أكثر من 80 شركة، وبالتالي فالسوق آمنة بالنسبة للأثرياء والبنوك وأصحاب الشركات الضخمة.

ولم تعد فضائح الشركات اليابانية تهز الأسواق كما كان في السابق، حيث لم تؤثر فضيحة شركة "كوبي ستيل" اليابانية لصناعة الحديد الصلب التي جعلت رئيسها التنفيذي ينحني أمام وسائل الإعلام ويبكي في اجتماعه مع وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة على الأسهم اليابانية.

في هذا الصدد، يقول تقرير لمصرف "كريدي سويس" السويسري، إن الشركات انضمت للمصارف المركزية في شراء أسهمها في ما يعرف بعملية "إعادة الشراء لأسهمها".

ويوثق تقرير مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، الصادر يوم الأربعاء، المشتريات المتوقعة من قبل الشركات في أسواق المال في العام المقبل 2018. وهي عمليات متاجرة تجريها الشركات لأسهمها وتتم تحت مسمى "إعادة الشراء".

دلالات
المساهمون