انتقادات لإخفاء حكومة موريتانيا أرقام البطالة الحقيقية

20 يناير 2017
الشباب الأكثر معاناة من البطالة في موريتانيا (Getty)
+ الخط -
تفاقمت أعداد العاطلين في موريتانيا بشكل متسارع بعد فشل الحكومة في امتصاص نسبة البطالة المتزايدة التي قدّرتها تقارير دولية بـ31.5%، بينما تؤكد الأرقام الرسمية أنها لا تتجاوز 13%.
ويحذر خبراء اقتصاد ومنظمات محلية من توجه الحكومة نحو إخفاء الأرقام الحقيقية بدلاً من معالجة معضلة البطالة، إذ لا يتوانى المسؤولون عن تأكيد أن نسبة البطالة في البلاد متدنية بينما واقع الحال يؤكد أن مئات من خريجي الجامعات من مختلف التخصصات يتظاهرون يوميا أمام المباني الحكومية لتشغيلهم، كما تزايدت ظاهرة تسريح المهنيين والعمال في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، حسب الخبراء.
وفور الإعلان عن أي تعيينات حكومية يتقدم آلاف الخريجين من أصحاب الشهادات الجامعية بملفاتهم حتى ولو كان اختبار التوظيف سيختار بضعة أفراد فقط، وأمام تضاؤل فرص العمل أصبحت الهجرة نحو أوروبا والخليج الملاذ المفضل للخريجين الذين تتضاعف أعدادهم سنة بعد أخرى.
وتبلغ نسبة الشباب في موريتانيا 75% من السكان حسب آخر إحصاء أجري عام 2013، مما يشكل عامل ضغط على السلطات المطالبة بإيجاد فرص عمل تكفي هذه الشريحة. ورغم قلة عدد سكان البلاد إذ لا يتجاوزون 4 ملايين نسمة، فإن ثلث سكانها يعانون من البطالة، حسب التقارير الدولية.
ويعتبر المحلل الاقتصادي بياده ولد المحفوظ في حديثه لـ"العربي الجديد" أن ازدواجية التعليم بين عربي وفرنسي، وضعف نوعيته وعدم انسجامه مع الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل، إضافة إلى غياب رؤية استراتيجية واضحة، أسباب أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة.
ويشير إلى أن ارتفاع نسبة البطالة يؤدي إلى استفحال الفقر والأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ويضع الشباب أمام خيارين هما الهجرة إلى الخارج أو العمل في ميدان التجارة والأعمال الحرة حيث الانخفاض النسبي للأجور وغياب ضمانات التشغيل والاستمرارية في مناخ لا تشجع أصحاب المبادرات والمشاريع الاستثمارية.
ويحذر من إخفاء الحكومة لنسب البطالة الحقيقية بدلاً من وضع حلول عملية وجذرية لمواجهتها.
ويقول إن "طالبي العمل سنويا يتجاوز عددهم 45 ألف شخص، بينما القدرة الاستيعابية ضعيفة ولازالت في تراجع بسبب عجز القطاع العام عن استيعاب خريجي الجامعات، وفشل القطاع الخاص في رفع قوته الاستيعابية".
ويؤكد ولد المحفوظ أن ما تقدمه الحكومة ليس سوى مهدئات لم تتطور إلى حلول كفيلة بمواجهة استفحال البطالة، مؤكدا أن النهوض بقطاع التشغيل يتطلب إصلاح التعليم وتطوير نظام التدريب التقني والمهني، وتشجيع الاستثمار وحماية العمالة المحلية.

وتنتقد روابط العاطلين من العمل، وأشهرها رابطة حملة الشهادات وتجمع حملة الشهادات العلمية "أنا عملي"، سياسة الحكومة في مجال التوظيف، وتنفذ اعتصامات متتالية للمطالبة بحل أزمة البطالة بين الخريجين ولفت أنظار الرأي العام لمعاناتهم.
وتعوّل الحكومة على التدريب لاستيعاب الخريجين ودمجهم في الحياة النشطة، إضافة إلى تمويل مشاريع الشباب وحملة الشهادات وأصحاب المبادرات، وتأمل أن تساعد معارض التشغيل التي تنظمها في توفير فرص توظيف مناسبة.
غيّر أن الخبراء يعتبرون أن توظيف أعداد قليلة وتنظيم معارض التوظيف ليست حلولا عملية.
وفي هذا الشأن، يقول الخبير الاقتصادي سيد أحمد ولد السالم إن "الحكومة ليست جادة في جهودها لحل مشكل البطالة حيث إن مشروع إصلاح التعليم لا يزال يراوح مكانه مما يضاعف أعداد الخريجين الذين لا تسمح لهم شهاداتهم بالعمل.
ويؤكد أن تقرير البنك الدولي للعام الماضي 2016 عن نسبة البطالة في موريتانيا التي سجلت نسبة 31,5%، يعكس أن البطالة لم تعد مشكلة شباب يبحث عن فرص عمل أفضل لكنها مشكلة مجتمع ودولة عليها وضع تشريعات وخطط جديدة لمواجهة هذه المعضلة.
ويضيف أنه "لا جدوى من الإبقاء على التخصصات العلمية باللغة العربية طالما أن الخريج سيضطر إلى البحث عن عمل في مؤسسات وإدارات تعمل باللغة الفرنسية... فغالبية خريجي الاقتصاد والمحاسبة والعلوم التطبيقية والهندسة عاطلون عن العمل بسبب دراستهم باللغة العربية".
ويشير ولد السالم إلى وجود أعداد هائلة من خريجي التخصصات الأدبية الذين لا يجدون وظائف إلا في التعليم الأساسي وكان من الممكن توجيههم إلى تخصصات أخرى فنية يحتاج لها سوق العمل.
ويحذّر من تخريج أجيال عاطلة عن العمل تتزايد أعدادها باستمرار، وتحاول تسيير أمورها بالتجارة والهجرة، وأكد أنه حان موعد محاسبة المسؤولين عن الإصلاحات الهيكلية التي أقدمت عليها موريتانيا خلال العشرية الأخيرة في مجال التعليم والتوظيف ودعم القطاع الخاص والاستثمار ومبادرات الشباب.
ويوضح أن تخريج أفواج متزايدة من الخريجين دون إيجاد فرصة عمل لهم يؤدي إلى هجرة أصحاب الكفاءات وانتشار البطالة والفقر والعمل غير المصنف. ويدعو الخبير الاقتصادي إلى دعم القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، وسن تشريعات تحمي العمالة.

المساهمون