الجزائر: رهان صعب على حماية الاحتياطي النقدي

06 سبتمبر 2016
الجزائر تستهدف زيادة الناتج المحلي (الأناضول)
+ الخط -
تراهن الحكومة الجزائرية على إنقاذ القطاعات الإنتاجية المختلفة وحماية الاحتياطي النقدي من التآكل، عبر إجراءات وتدابير أعلنت عنها، مؤخراً، وسط تشكيك في الأوساط الاقتصادية في إمكانية نجاح الحكومة بخططها الجديدة.
ويتعمد رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، منذ توليه زمام تسيير الجهاز التنفيذي قبل أربع سنوات، بث التفاؤل في ما يتعلق بمستقبل البلاد الاقتصادي، في وقت تؤكد فيه المؤشرات مرور البلاد بأعسر أيامها في العقدين الأخيرين، حسب خبراء لـ"العربي الجديد".
وقال سلال، أول من أمس، عقب افتتاح الدورة البرلمانية، إن "حكومته عازمة على تطبيق المخطط الاستعجالي، الذي وضعته لإنقاذ الاقتصاد الوطني"، مشيرا إلى "اتخاذ تدابير قوية في مجال صناعة التكنولوجيات الحديثة وصناعة المعرفة لتفعيلها ولتغيير الذهنيات".
ورفع رئيس الحكومة الجزائرية، في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، سقف التحديات والرهانات، وراح يؤكد نهاية الشهر الماضي، بأنه سيحمي احتياطي البلاد من العملة الأجنبية من "التآكل"، متعهدا بأنه لن ينزل تحت "عتبة 100 مليار دولار في 2019، وهي السنة التي تنتهي فيها عهدة الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، الرئاسية.
وفي المقابل، أكد الخبير الاقتصادي، فرحات آيت، لـ"العربي الجديد"، على أن الأرقام والوعود التي أطلقها الرجل الأول في الحكومة صعبة التحقيق، قائلاً "إذا كانت الحكومة تراهن على تقليص الواردات بـ 50% للحفاظ على احتياطي البلاد من العملة الصعبة فوق عتبة 100 مليار دولار فهي مخطئة، فالجزائر لا تنتج شيئاً يذكر، فقط تستخرج النفط وتبيعه، وبتلك الأموال ستورد ما تأكله".
وأضاف نفس المتحدث: "كيف يمكن أن نرفع الناتج الداخلي إلى 17600 مليار دينار (الدولار = 110 دنانير جزائرية) العام الجاري، مقابل 16700 مليار دينار سنة 2015، مشيراً إلى أن هذا الرقم يشكل تراجعا عن الرقم المسجل سنة 2014 وهو 17250 مليار دينار، وهو ما لم يقله الوزير الأول.
ويضيف فرحات آيت: "نحن لا نتكلم عن رفع الناتج الداخلي الخام، بل إعادته لمستواه إذا استطاعت الحكومة فعل ذلك مع العلم بأن نسبة النمو الحقيقية المسجلة نهاية 2015 هي 2.8%، وحتى إذا اعتمدنا نسبة الحكومة يستحيل تحسين الناتج الداخلي الخام في اقتصاد يعاني من انكماشٍ حاد."
وسجل الاقتصاد الجزائري عجزاً غير مسبوق في الميزان التجاري بلغ 12 مليار دولار في النصف الأول من السنة الحالية، حسب الإحصائيات الرسمية، ورغم ذلك تستهدف الحكومة رفع نسبة النمو إلى 3.9% بعدما توقفت نهاية 2015 عند 3.5%.
من جانبه يرى الخبير المالي، إلياس بلقايد، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن خطاب الوزير الأول يحمل الكثير من المغالطات، مشيراً إلى أن "الناتج المحلي الخام بالدينار يبدو كبيراً ولكن بمجرد تحويله إلى الدولار ومع تهاوي قيمة الدينار سنجد الناتج المحلي الخام في الجزائر من بين الأضعف في المنطقة".
ويرى بلقايد أن تآكل الاحتياطي سيستمر بنفس الوتيرة، أي بمعدل 20 مليار دولار في السنة، في حين تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الاحتياطي سيستقر عند نهاية السنة عند 120 مليار دولار.
وخلص المستشار المالي الدولي إلى القول "لا يمكن تحقيق هذه الرهانات إلا إذا علمت الحكومة الجزائرية أن أسعار النفط سترتفع فوق عتبة 100 دولار في المدى القريب".
وكان البنك الدولي قد توقع في تقريرٍ له صدر مطلع شهر أغسطس/آب الماضي، "مرحلة عسيرة" في انتظار الاقتصاد الجزائري في المدى القريب، تنزل فيها احتياطيات البلاد الإجمالية من النقد الأجنبي إلى 60 مليار دولار في 2018 بعدما كانت 194 مليار دولار في 2013، على أن تستقر نهاية السنة الحالية عند عتبة 108 مليارات دولار.


المساهمون