عقارات مصر للأغنياء فقط بعد تعويم الجنيه

21 نوفمبر 2016
المدن الجديدة الأكثر ارتفاعاً في الأسعار (Getty)
+ الخط -
سارع كثير من المطورين العقاريين في مصر، لتعديل كلف مشروعاتهم، بعد انخفاض تاريخي لقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية جراء قرار تعويم العملة المحلية قبل نحو أسبوعين، وسط توقعات بارتفاع كبير لجدار أسعار العقارات، ليظل الأغنياء القادرون على الوثوب إليها دون غيرهم من المصريين.

وأوقفت شركات عقارية كبرى الحجز في مشروعاتها، لحين حساب الزيادات المتوقعة في الأسعار بعد ارتفاع أسعار المحروقات ومواد البناء والتشطيب، فيما لجأت أخرى إلى حملات دعائية تمهد لرفع الأسعار بعد تعويم الجنيه، متوجهة برسائل إلى العملاء على غرار " سارع للشراء قبل رفع الأسعار بعد تعويم الجنيه".

وبينما تحاول شركات العقارات التمهيد لرفع الأسعار من خلال حملات متلفزة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن خبراء عقاريين يرون أن كثيراً من الشركات تتخوف من ركود كبير، جراء عدم قدرة شرائح من المصريين لا سيما من متوسطي الدخل على الشراء، فضلاً عن إقدام كثير ممن يمتلكون سيولة مالية على الادخار في البنوك بعد رفع سعر العائد على شهادات الاستثمار إلى نحو 20% إثر قرار تعويم الجنيه.

وقال محمد مكاوي، العضو المنتدب لمجموعة الفطيم العقارية في مصر، إن الشركة أوقفت عمليات البيع، لحين تحديد نسبة الزيادة المتوقعة بعد تحرير سعر الصرف، وكذلك مستويات أسعار مواد البناء لا سيما الحديد والإسمنت، بعد رفع أسعار المشتقات البترولية.

وأضاف مكاوي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الزيادة في أسعار العقارات ستتراوح بين 30% و50%، بسبب الإجراءات الحكومية الأخيرة، مشيراً إلى أن قطاع المقاولات يتحكم بأسعاره نحو 90 منتجاً منها الحديد والإسمنت والطوب (الطابوق) والدهانات ومنتجات الأخشاب وغيرها من الصناعات الوسيطة، ما يعني تحميل المنتج النهائي بمتوسط الزيادات في كل هذه المنتجات.

وتوقع أن تشهد السوق العقارية تغيراً، من خلال اتجاه أغلب الشركات إلى إنشاء الوحدات الصغيرة، لجذب متوسطي الدخل، بجانب استمرار إقامة الوحدات الكبيرة والفيلات للأغنياء، الذين لن تتأثر قرارات الشراء عندهم كثيراً بتعويم الجنيه وتأثيراته على الأسواق.

ولجأ البنك المركزي المصري في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إلى تعويم الجنيه (ترك سعر الصرف أمام العملات الأجنبية للعرض والطلب دون تدخل حكومي)، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار بما يصل إلى 100% في الأسبوع الأول من قرار التعويم، قبل أن يتقلص الارتفاع إلى نحو 75% في الأسبوع الثاني.

وأعلنت شركات حديد التسليح وغيرها من مواد البناء عن ارتفاعات في أسعار منتجاتها تصل إلى 30% خلال نوفمبر/تشرين الأول الجاري.

وقال عبد الله محمد، مسؤول تسويق عقاري في إحدى شركات الاستثمار العقاري في تصريح لـ"العربي الجديد":" نقوم حالياً بتسليم الوحدات المحجوزة سابقاً بالأسعار القديمة، وفور الانتهاء منها سنضع سياسة سعرية جديدة للمشروعات خشية تراجع الأرباح بنحو كبير في ظل ارتفاع التكاليف".

ووفقاً لعاملين في السوق العقارية، بدأ مضاربون في رفع أسعار الوحدات، في بعض المدن الجديدة الواقعة على أطراف العاصمة القاهرة، محذرين من أن هذه المضاربات تهدد بانفجار فقاعة الأسعار مع ركود السوق.

وقال هشام عبداللطيف، عضو جمعية الاستثمار العقاري في حي السادس من أكتوبر على أطراف القاهرة، إنه من المتوقع أن تبذل الشركات العقارية جهداً كبيراً، للوصول لعملائها من خلال برامج تنافسية مختلفة وتسهيلات فى السداد.

وأضاف عبداللطيف: "على الرغم من أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة سترفع الأسعار، إلا أن من المتوقع أن تسهم في تحسن مؤشرات الاقتصاد".

وكانت دراسة حديثة أنجزتها شركة "بريمير" القابضة للاستثمارات المالية، نُشرت في أغسطس/ آب الماضي، أظهرت أن القطاع العقاري نما بنحو 420% في السنوات العشر الماضية، متوقعة استمرار النمو، مشيرة إلى أن المعروض السنوي من الوحدات العقارية يقترب من 300 ألف وحدة، وهو ما يقل عن ثلث إجمالي الطلب السنوي الذي يصل إلى نحو مليون وحدة سكنية.

وقال طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري في اتحاد الصناعات : "الطلب على العقارات لن يهوي أبداً، خاصة أن المصريين ينظرون إليها على أنها مخزن جيد وآمن للمدخرات".

وفي مقابل نبرة الثقة التي تحدث بها العديد من المطورين العقاريين حول مستقبل السوق على الرغم من ارتفاع الأسعار، قال معتز المحمودي الذي يعمل في قطاع المقاولات، إن هناك قلقاً حقيقياً من حدوث ركود وليس الوضع كما تصوره بعض شركات الاستثمار العقاري لا سيما الكبرى منها.

وأوضح المحمودي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن شرائح من المشترين من متوسطي الدخل، الذين يقبلون على شراء عقارات في المدن الجديدة لن يكون بمقدورهم تحقيق هذا المسعى في ظل زيادات بالأسعار قد تصل إلى 50%، وسيضطرون إلى شراء مساحات صغيرة أو اللجوء إلى مناطق سكنية تصنف ضمن العشوائيات.

وأضاف: "شراء العقارات في المدن الجديدة سواء للسكن أو الاستثمار سيكون مقتصراً على الأغنياء، بينما ستتلاشى فرص محدودي الدخل والفقراء في الوثوب إلى هذه المناطق لارتفاع جدار الأسعار كثيراً، بينما من لديهم القدرة المالية سيثبون دون عناء".

وتوقع يوسف خليل، رئيس إحدى كبريات شركات التسويق العقاري، أن تبرم الشركات العقارية اتفاقات مع البنوك لتقديم تسهيلات أكبر للعملاء بغرض حثهم على شراء الوحدات وتشطيبها عبر نظم التقسيط المختلفة.



المساهمون