السفن السياحية تُبحر نحو تونس بعد غياب طويل

06 أكتوبر 2016
سفينة "أوروبا" السياحية، قادمة من ألمانيا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أضاءت مصابيح القرية السياحية بحلق الوادي من جديد؛ استعداداً لاستقبال أول سفينة للرحلات البحرية ترسو في تونس منذ نحو عام ونصف العام، بعد أن هجرت الرحلات البحرية مرافئ البلاد خوفا من العمليات الإرهابية. 
ويقول المدير العام للقرية السياحية بحلق الوادي، مصطفى جبر، لـ "العربي الجديد"، إن القرية تحولت منذ سنة ونصف السنة إلى خلاء، بعد توقف كل الأنشطة التجارية فيها. وقد بلغت تداعيات مقاطعة السفن للمراسي التونسية محيط القرية بالضاحية الشمالية للعاصمة على غرار "سيدي بوسعيد" والمرسى وغيرهما، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في عائدات المحال التجارية بهذه المناطق.
وأضاف جبر أن السفينة "أوروبا" التي قدمت من ألمانيا أمس الخميس، حملت على متنها 310 سُيّاح، ومن المقرر أن تليها 10 سفن أخرى من المنتظر أن تحل في تونس في الفترة المتراوحة بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، لافتا إلى أن عودة الرحلات البحرية سيكون رسالة إيجابية إلى كل العاملين في القطاع السياحي، لا سيما أن السلطات التونسية تعمل على تأمين سلامة السياح برفع درجة اليقظة.
وعلى إثر العمل الإرهابي بمتحف باردو في مارس/آذار 2015، الذي أودى بحياة نحو 23 سائحا كانوا على متن رحلة بحرية، قررت أكبر الشركات الناشطة في المجال إلغاء أكثر من ثلاثة آلاف حجز، ومقاطعة تونس إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، الأمر الذي خلف تداعيات كبيرة على قطاع السياحة المثخن بالجراح.
وتوفر السياحة البحرية نحو مليون سائح لتونس في الظروف العادية.
ويأمل مهنيو السياحة أن تبعث الرحلات البحرية الحياة، من جديد، في القرى السياحية المجاورة لميناء حلق الوادي، بعد أن أجبر تراجع القطاع السياحي أغلب التجار على إغلاق محلاتهم والتحول إلى أنشطة أخرى أكثر استقرارا.
وتوقع رئيس جامعة النزل، رضوان بن صالح، عودة السياح الألمان بأعداد أكبر مع قرار استئناف الرحلات البحرية السياحية بعد أكثر من عام ونصف العام على توقفها لأسباب أمنية.
ويرى بن صالح، في تصريحات إعلامية، أن استئناف الرحلات السياحية يبعث رسائل إيجابية إلى الأسواق السياحية.
وقال: "سيكون غالبية مَن في الرحلة من السياح الألمان. وستكون بمثابة تجربة إذا نجحت ستأتي رحلات أخرى"، مشددا على أهمية العمل على رفع مستوى الخدمات والبيئة بهدف استعادة ثقة السياح.
وفي العادة، يشكل السياح الألمان السوق الثانية في تونس بعد السوق الفرنسية، بمعدل 500 ألف سائح سنويا، لكن الرقم تقلص منذ أحداث الثورة عام 2011، ووصل إلى بضعة آلاف هذا العام، مع غياب تعهدات شركات السياحة والسفر.

ويجمع المهنيون على أن العودة الحقيقية للسياحة التونسية لن تتحقق قبل عام 2018، مطالبين بالإسراع في الإصلاحات التي يحتاجها القطاع لاسترجاع حصة تونس من الأسواق الأجنبية، لا سيما الأوروبية.
وقال وزير التعاون الدولي الإسباني، خوسيس غراسيا، أمس، إن حكومة بلاده رفعت حظر السفر عن مواطنيها إلى تونس، مؤكدا تحول عدد من الصحافيين الإسبان إلى تونس للترويج لسياحتها.
وبالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة السياحة من أجل استعادة القطاع عافيته، لا تزال النتائج المحققة دون المطلوب، خاصة وأن الفراغ عاد ليكتسح عددا كبيرا من الفنادق والمنتجعات السياحية، بعد انقضاء العطلة الصيفية.
وبحسب بيانات وزارة السياحة، فإن عائدات القطاع السياحي بلغت في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري نحو 1.76 مليار دينار (838 مليون دولار) مقابل 1.55 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من 2015.
وأظهرت البيانات، ذاتها، أن السياح الروس كانوا المنقذ للموسم الصيفي في تونس، حيث تدفق أكثر من 318 ألف سائح، مقابل تراجع قُدّر بنحو 48% في الأسواق الأوروبية.
ويتوقف خروج الاقتصاد التونسي من مرحلة الخطر، في نسبة كبيرة منه، على تحسن مؤشرات السياحة، التي تساهم بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعد المصدر الثاني للنقد الأجنبي في البلاد.
وتكثف وزارة السياحة مساعيها من أجل استعادة ثقة الأسواق الأوروبية وتحسين مردودية الأسواق الآسيوية غير التقليدية، عبر حزمة من الإصلاحات تسعى إلى تنفيذها بالاتفاق مع المهنيين.
وقال نائب مدير الشؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي، عبد الحق الصنهاجي، مساء أول من أمس: "لا وجود لحل سحري بالنسبة لسياسة الميزانية في تونس، والتي تعاني من نسبة تداين مرتفعة ومشاكل مالية تتطلب تدخل الدولة"، مشيرا إلى أن الهدف المنشود يتمثل في زيادة موارد الدولة والحد من التداين.
وخفّض صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث، توقعاته بشأن النمو في تونس بالنسبة للعام الجاري إلى 1.5%، مقابل 2% في توقعاته لشهر أبريل/نيسان الماضي، غير أنه توقع انتعاشة تدريجية للنمو خلال العام القادم لتصل إلى 2.8%.

دلالات
المساهمون