تونس تستعين بخطة دولية لتأهيل السياحة

20 اغسطس 2015
مسؤولون تونسيون: أزمة القطاع مؤقتة ستزول بتحسن الوضع الأمني(Getty)
+ الخط -
لم تحل الصعوبات الجمة التي يتعرض لها القطاع السياحي في تونس دون إعلان الوزارة عن الدخول قريبا في مرحلة إصلاح هيكلية ستنتهي بتأهيل القطاع، وفق توصيات دراسة أجراها مكتب دراسات عالمي بمساعدة البنك الدولي.
وتوصي الدراسة التي عجزت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2007 على تفعيلها بضرورة إعادة النظر كليا في نوعية الخدمات الفندقية والمنتجات السياحية التي تقدمها الوجهة التونسية.
وتبدي وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي، تفاؤلا كبيرا بمستقبل القطاع في صورة التوصل إلى إعادة تأهيله، وفق ما نصت عليه الدراسة وتوصيات البنك الدولي، مشيرة إلى أن الضربات المتتالية التي عاشها القطاع لم تؤثر على جاذبيته الاستثمارية، حيث أعرب العديد من الفنادق السياحية العالمية عن رغبتها في الاستثمار في تونس، على غرار "الهيلتون" و"رايتس كارتون" و"موفمبيك" و"سيكس سانس" وغيرها؛ وهذه الشركات تعرف جيدا أن أزمة تونس ستنتهي وأن مستقبل بلادها أمامها وليس خلفها.
وتقرّ اللومي في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، أن السياحة التونسية لم تتطور على مدى عقود، وبقيت مقتصرة على السياحة الشاطئية؛ وهو ما يفسر هشاشة القطاع وتأثره بالهزات التي تعرض لها بداية من عملية الغريبة في جزيرة جربة سنة 2003 وصولا إلى العام الحالي، معتبرة أن أزمة القطاع مؤقتة وأن المشاكل إلى زوال بمجرد تحسن الوضع الأمني.
وتشكو السياحة التونسية من العديد من الصعوبات تعود إلى عشر سنوات وتفاقمت هذه الإشكاليات بعد ثورة يناير/كانون الثاني2011، بسبب تردي الوضع الأمني لتنتهي بالضربات الموجعة التي خلفتها عمليتا متحف باردو في مارس/آذار الماضي، ومنتجع سوسة في يونيو/حزيران.
وتؤكد اللومي، أن الإصلاح الهيكلي للسياحة بات أمرا ملحا، متوقعة انطلاقة جديدة لقطاع ظل لسنوات محصورا في جلباب السياحة الشاطئية، رغم تنوع الإمكانات الطبيعية التي تملكها تونس، مقارنة بالوجهات السياحية المنافسة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، حسب تعبيرها.
ويعد شهر سبتمبر/أيلول القادم مفصليا في مصير آلاف العاملين في القطاع السياحي، حيث يتوقع بعد انتهاء العطلة الصيفية ومغادرة السياح الجزائريين أن يغلق العديد من الفنادق أبوابها لغياب الحجوزات على امتداد الخريف والشتاء القادمين.
لكن وزيرة السياحة قالت إن الحكومة اتخذت جملة من الإجراءات الاستباقية تم تضمينها ضمن الموازنة التكميلية التي صادق عليها البرلمان مؤخرا، للحد من تداعيات الأزمة اجتماعيا وتفادي تسريح العمال، منها جدولة ديون الفنادق العام الجاري وجدولة الضرائب إلى جانب زيادة المنحة التي ستصرف لمن يفقدون وظائفهم.
وأكدت وزيرة السياحة أن حجم الحجوزات للأشهر القادمة لا يزال متواضعا، غير أن عودة شركات السياحة لبرمجة تونس كوجهة سياحية ضمن رحلاتها يبقى حسب تقديرها مؤشرا إيجابيا، ولا سيما أن المسؤولين عن شركات السياحة العالمية على غرار "توماس كوك" و"توي" أكدوا في لقائهم مع رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، مؤخرا، أنهم على استعداد لمواصلة العمل مع تونس ، معتبرين أن تونس وجهة مربحة بالنسبة إليهم.

اقرأ أيضا: نساء النسيج..قوة اقتصادية في تونس رغم التشغيل الهش

كما يُنتظر وفق وزيرة السياحة، أن تراجع بريطانيا في سبتمبر/أيلول المقبل، قرارها بشأن منع رعاياها من السفر إلى تونس سواء في اتجاه التخفيف أو الإلغاء نهائيا، بناء على الوعود التي قدمتها بريطانيا للوفد البرلماني التونسي الذي زار المملكة المتحدة في 21 يوليو/تموز الماضي، لتقديم التعازي للعائلات البريطانية التي فقدت أبناءها في الهجوم الإرهابي على المنتجع السياحي في سوسة.

وبالإضافة إلى الشروع في التأهيل الشامل للقطاع السياحي، تسعى الحكومة إلى دعم الوزارات المعنية بتحسين الوضع البيئي والأمني وخدمات النقل، إلى جانب الإسراع في فتح الأجواء أمام شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة التي ستساعد على دعم الرحلات السياحية في اتجاه تونس.
وقالت اللومي، إن وزارة السياحة وضعت برنامجا لتطوير السياحة الاستشفائية والطبية، خاصة أن تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في السياحة الاستشفائية والعلاج بمياه البحر.
ومنحت حكومة الحبيب الصيد عددا من البلدان الأفريقية والعربية والآسيوية تسهيلات في تأشيرة الدخول إلى تونس، بهدف الاستفادة من النمو العالمي للقطاع السياحي الذي سيبلغ العام الجاري نحو 5%.
وتونس تسعى إلى أخذ حصتها العالمية من هذا النمو، ويناقش وفد من وزارة السياحة والمصرف المركزي من الجانب الروسي إمكانية جلب سياح بالعملة المحلية "الروبل"؛ وهي تسهيلات يقدمها العديد من الدول المنافسة استفادت من تراجع السياحة التونسية.
في السياق ذاته، يعتبر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب أن هشاشة القطاع السياحي في تونس يعود إلى ضعف مؤسساته التي لم تكتسب الصلابة اللازمة، رغم قدم هذا القطاع في النسيج الاقتصادي التونسي مقارنة بقطاعات أخرى.
وقال الحطاب في مقابلة مع "العربي الجديد"، إن السياحة استهلكت الكثير من طاقة الاقتصاد، وفي كل الأزمات ستبين أنها غير قادرة على حماية نفسها مما يضطر الدولة إلى التدخل لمساعدة المؤسسات الفندقية وحمايتها من الإفلاس، رغم أن القطاع السياحي مخصخص بنسبة 100% تقريبا.
ويرى المهتمون بالشأن الاقتصادي أن إعلان حالة الطوارئ في البلاد منذ شهر يونيو/حزيران الماضي أدى إلى تحسن الأوضاع الأمنية، متوقعين أن تنعكس نتائج هذا القرار إيجابا على السياحة وبقية القطاعات الاقتصادية والاستثمار.
وتتوقع تونس أن تنهي العام بنسبة نمو لا تفوق 1% في أحسن الحالات؛ وهو ما جعل الحكومة تتخذ جملة من الإجراءات لدعم القطاع السياحي، للمحافظة على حصته في الدورة الاقتصادية، وتفاديا لتسريح آلاف العاطلين عن العمل في حال إقفال الفنادق.

اقرأ أيضا: خلاف يحرم مليون تونسي من الدواء
المساهمون