التين في إدلب السورية: مصدر دخل للأهالي يواجه التحديات

14 يوليو 2024
تنتشر مهنة تجفيف التين في إدلب السورية/ 14 يوليو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **أهمية زراعة التين في إدلب**: تعتبر زراعة التين مصدر دخل رئيسي للأهالي، حيث تنمو الأشجار في مختلف أنواع الترب وتتحمل الظروف القاسية، مما يجعلها مربحة بمتوسط ربح سنوي بين 4-5 آلاف دولار للدونم.

- **التحديات والمخاطر**: يواجه المزارعون تحديات مثل ارتفاع درجات الحرارة، الآفات، الغلاء، وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى صعوبة الوصول للأراضي بسبب القرب من خطوط التماس والقصف المدفعي.

- **مهنة تجفيف التين وفرص العمل**: ازدهرت مهنة تجفيف التين، مما وفر فرص عمل موسمية للنساء الأرامل وفاقدات المعيل، حيث يتم تجفيف التين وبيعه محلياً وتصديره.

يهتم الأهالي بزراعة أشجار التين في إدلب، شمال غربي سورية، على نطاق واسع، ويعتبرون كل مراحل العمل به من زراعة وحصاد وتجفيف مصدر دخل مهماً لهم، إلا أن كل ذلك لا يخلو من تحديات تواجه هذا المصدر المهم لاقتصاد أهالي إدلب.

يقول المهندس الزراعي صلاح الحمود، من مدينة إدلب، عن الجدوى الاقتصادية لزراعة التين في إدلب بالقول، إن "شجرة التين لا تقل أهمية، سواء باتساع رقعة المساحات المزروعة أو المردود الاقتصادي لإنتاجها، عن غيرها من المواسم التي اشتهرت بها محافظة إدلب كالزيتون والكرز والفستق الحلبي". وأضاف الحمود لـ"العربي الجديد" أن "زراعة شجرة التّين تنجح في جميع أنواع الترب، وتنتج ضمن الظروف البيئية القاسية، وتحتاج إلى عناية بسيطة وقلما تجري سقايتها، وتعطي إنتاجاً بعد 4 - 5 سنوات من زراعتها".

ولفت الحمود إلى أن التين من الزراعات المربحة بالنسبة للمزارعين، حيث يبلغ متوسط ربح الدونم الواحد سنوياً بين 4-5 آلاف دولار، وتتنوع أصنافه في محافظة إدلب، حيث تزرع أنواع مرغوبة جداً في الأسواق، نظراً لمذاقها المميز، منها الأبيض وهو أفضل الأنواع، إلى جانب الأسود والأحمر والأخضر، والسلطاني والسطاحي والمعنق، وهناك الكثير من الأنواع التي تعود تسميتها للمناطق المزروعة فيها، مثل "الكرسعاوي" نسبة لقرية كرسعة، و"الحيشاوي" نسبة لبلدة حيش، فيما يستخدم نوع منه علفاً للحيونات نظراً لرداءته. 

مخاطر تواجه التين في إدلب

وأكد الحمود أن عوامل كثيرة أثرت بأشجار التين هذا العام، منها ارتفاع درجات الحرارة، وإصابة الأشجار بالحلزون وحشرة التين الشمعية، مؤكداً دور المكافحة بالزيوت الصيفية مع المبيدات اللازمة، واستخدام الزيت الشتوي قبل تفتّح البراعم، وضرورة تقليم الأغصان المصابة وحرقها على أطراف الحقل، وأضاف أن الغلاء وعدم الاستقرار يحدان من تقديم الرعاية الكافية لأشجار التين، وهذا ما أدى لضعف كمية الإنتاج.

ويعتمد العديد من سكان قرى وبلدات جبل الزاوية جنوبي إدلب على مردود جني وحصاد التين في معيشتهم، والذي يعتبرونه دخلاً جيداً في ظل الظروف التي يعيشونها، ولكن عدداً من المزارعين يجدون صعوبة كبيرة في الوصول لأراضيهم، بسبب قربها من خطوط التماس مع قوات النظام السوري، واستهداف الأخير القرى والبلدات بالقصف المدفعي، مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع بشكل مستمر. 

وقال حسان عبد الحميد (52 عاماً) من بلدة البارة، إنه يتحدى المخاطر والقصف كل عام للوصول إلى أرضه المزروعة بالتين، لأنه يعتمد على مردودها في تأمين مصروفه السنوي، وأضاف لـ"العربي الجديد" أنني "أواجه المخاطر كل عام أثناء قطاف موسم التين، وأستعين بعمال آخرين بهدف السرعة في العمل، كما أثر القصف بجودة المحصول، وكمية إنتاجه التي تدنت بشكلٍ واضح، بسبب قلة الرعاية". ويبين أن 60% من العائلات في بلدته يعتمدون على هذا الموسم في تأمين مصروفهم، باعتباره مصدر كسب أساسياً لهم. 

مهنة رائجة

كما ساعد امتداد زراعة أشجار التين على مساحات واسعة في إدلب على الاهتمام بمهنة تجفيف التين، فانتشرت ورش خاصة لهذا الغرض في محافظة إدلب. ويقول كمال السيد (39 عاماً) من بلدة المسطومة جنوبي مدينة إدلب، صاحب ورشة لتجفيف التين، إن "التين المجفف يعتبر من الحلويات الشعبية التي يجري تناولها في فصل الشتاء، وبديلاً لبعض الأصناف الغذائية"، ويبين السيد لـ"العربي الجديد" أن "المزارعين يقومون ببيع التين الطازج في الأسواق، فيما يتركون بعضها على أغصان الأشجار حتى تجفّ، وتسقط وحدها ليجري تجميعها وبيعها".

وأضاف أنه "يقوم خلال فصل الصيف بشراء ثمار التين المجففة من المزارعين والتجار بكميات كبيرة، قبل أن تُنقل إلى الورشة ليمر بعدة مراحل". ويؤكد السيد أن "ورشته تضم أكثر من 150 عاملاً وعاملة، ويبدأ العمل داخل الورشة بفرز ثمار التين حسب الجودة والحجم، ومن ثم تبدأ مرحلة الغسيل والتبييض في أحواض الماء لإزالة الشوائب والأوساخ، ثم تنشر حبات التين في الهواء الطلق حتى تجف، وبعدها يجري تغليفه ضمن أكياس خاصة، وبأحجام مختلفة في قوالب متنوعة".

ويشير السيد إلى أن "جزءاً من الإنتاج يطرح في السوق المحلي، فيما يصدر الجزء الأكبر إلى عدة دول، منها مصر والعراق والسعودية"، مؤكداً أن "سعر الطن الواحد من التين يباع بمبلغ يتراوح بين 3 إلى 4 آلاف دولار". 

فرص عمل موسمية

وتجد عدد من النساء الأرامل وفاقدات المعيل في ورش تجفيف التين فرص عمل، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وعدم توافر من يساعدهنّ في تأمين دخل أسرهنّ. وتقول عبير القربي (41 عاماً) من مدينة أريحا شمالي إدلب، لـ"العربي الجديد": "دفعني للعمل في تجفيف التين، سهولة العمل واستمراره لعدة أشهر، حيث يبدأ عمل الورشة في فصل الصيف، ويمتد حتى أواخر فصل الشتاء". وتلفت إلى أنها مجبرة على العمل لتأمين نفقات أسرتها المكونة من 7 أشخاص، لا سيما بعد تعرّض زوجها لإصابة حربية وعجزه عن العمل. 

التين في إدلب السورية/ 14 يوليو 2024 (العربي الجديد)
سعر الطن الواحد من التين المجفف يباع بنحو 3 إلى 4 آلاف دولار

وتؤكد القربي أنها تحصل مقابل عملها في الورشة على حوالي دولارين يومياً، وهو مبلغ لا يؤمن متطلبات الحياة اليومية، الأمر الذي يدفعها لاصطحاب ابنتها معها لمساعدتها في العمل".

كذلك تعمل نساء على تجفيف التين في منازلهن، أو صناعة مربى التين لتأمين مورد رزق لهن، منهن حليمة الفائز (36 عاماً) من مدينة حارم، التي تعمل بتجفيف التين في منزلها، وعن ذلك تقول: "أحصل على التين الأخضر من السوق، وأحرص أن يكون ناضجاً تماماً، ثم أنقعه بماء مغلي مملح، ثم أتركه حتى يجفّ على قطعة قماش نظيفة، وبعدها أقوم بضمه بقلائد، وأعلقها على الحبال، وأعرضها لأشعة الشمس لمدة يومين". وتبين أنها تقوم بعد ذلك بوضع القلائد في صناديق أو أكياس، وتعمل على تخزين جزء منه كمؤونة لعائلتها لصناعة بعض أنواع الحلويات، وتبيع كمية جيدة منه لتوفر دخلاً مالياً لأسرتها.

وبحسب وزارة الزراعة والري في محافظة إدلب التابعة لحكومة الإنقاذ، تبلغ المساحة الكلية للأراضي المزروعة بأشجار التين 1945 هكتاراً، ويبلغ عدد أشجار التين حوالي 399 ألف شجرة من مختلف الأصناف، فيما يصل الإنتاج سنوياً إلى 5150 طناً من التين الأخضر والمجفف.

المساهمون