مصر باتت محصورة بين مستشارين لوزير المالية، مستشاران تحكي قصتهما الحال الذي وصلت له البلاد في السنوات الأخيرة، الأول هو د. عبد الله شحاتة مستشار وزير المالية في حكم د. محمد مرسي، والثاني هو طارق فراج مستشار الوزير الحالي للشؤون الضريبية، صحيح أن الاثنين انتهى بهما الحال إلى غياهب السجون، لكن لكل واحد منهما قصة مختلفة تستحق أن تروى.
في عام 2012 التحق د.عبد الله شحاتة الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبير لدى صندوق النقد الدولي والمعونة الأميركية بوزارة المالية للعمل مستشاراً للوزير متقاضياً "ملاليم" كراتب مقابل آلاف الدولارات التي كان يحصل عليها من صندوق النقد حيث كان خبيراً به.
يشمر خبير الاقتصاد الدولي الحاصل على درجة الدكتوراه من بريطانيا عن ساعديه، يخلع رابطة العنق التي كان يرتديها وقت أن كان يعمل في المؤسسات المالية الدولية، يفتح ملفات مسكوتاً عنها طوال فترة حكم مبارك وربما قبلها، يفتش بنفسه في ملف التهرب الضريبي والجمركي لعدد من كبار رجال الأعمال والشركات التي كانت لسنوات طويلة وثيقة الصلة بالنظام الحاكم ومؤسسات الدولة.
يفتح أيضا ملفات أكثر خطورة منها المليارات الضائعة على الخزانة العامة بسبب استيلاء المستثمرين رجال الأعمال الكبار وشخصيات نافذة بالدولة على أراضي بالساحل الشمالي وطريق القاهرة إسكندرية الصحراوي وشرم الشيخ والغردقة والحزام الأخضر بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة والطريق الدائري بالقاهرة.
يفتح الرجل ملفات أكثر سخونة منها حصول كبار أصحاب المصانع أمثال أحمد عز وبشاي وشركات إنتاج الحديد والسيراميك والأسمدة والاسمنت وغيرها على طاقة رخيصة من الدولة متساوين في ذلك مع الفقراء ومحدودي الدخل، رغم أن هذه المصانع تربح مليارات الجنيهات سنويا وأحيانا تتهرب من سداد الضرائب المستحقة عليها.
يستند شحاتة في فتحه للملف الأخير إلى دراسة علمية قام بها عن دعم الطاقة ونهب الصناعة كثيفة الطاقة للدعم الحكومي، وبالتالي يسطو رجال أعمال على مخصصات ودعم الفقراء
كان عبد الله شحاتة يؤمن بأن استرداد حقوق الدولة المنهوبة كفيل بتغطية عجز الموازنة العامة للدولة، بل وتحقيق فوائض مالية تمكن الحكومة من تمويل مشروعات الموازنة سواء الاستثمارية أو الخدمية، بل وتحقيق فائض مالي، خاصة إذا ما كنا نتحدث عن أكثر من 230 مليار جنيه حجم التهرب الضريبي السنوي، وأكثر من 100 مليار جنيه قيمة حالات استيلاء مستثمرين على أراضي طريق القاهرة إسكندرية الصحراوي والحزام الأخضر.
وبعد قضاء أقل من عام ينجح عبد الله شحاتة في استرداد مليارات الجنيهات من أموال الدولة المنهوبة، وأن يرد للدولة 7.2 مليارات جنيه " ما يعادل مليار دولار بأسعار صرف في ذلك الوقت" من قضية واحدة هي التهرب الضريبي لإحدى الشركات المملوكة لـعائلة ساويرس، وأن يلزم العائلة بسداد نصف هذا المبلغ بالدولار.
وبدلاً من أن يكرم عبد الله شحاتة لأنه جلب لخزانة الدولة مليارات الجنيهات المنهوبة، إذا به يودع خلف القضبان وفي غياهب السجون بتهم تكدير السلم العام والانضمام لجماعة إرهابية، والإخلال بالسلم العام والتحريض على العنف، ومنع مؤسسات الدولة من أداء أعمالها، وغيرها من التهم التي تلاحق آلاف المعتقلين السياسيين.
في يناير/كانون الثاني 2017 ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على طارق فراج مستشار وزير المالية أثناء تقاضيه مليون جنيه رشوة من بين أربعة ملايين جنيه تم الاتفاق للحصول عليها من صاحب شركة مقاولات مقابل التلاعب في تقدير قيمة أرض قرية سياحية، ما كان سيهدر 500 مليون جنيه على الخزانة العامة للدولة.
شحاتة رد مليارات لخزانة الدولة، وفراج كان سيضيع نصف مليار جنيه على خزانة الدولة، والسجون تجمع في النهاية ما بين نظافة يد وقذارة أخرى.