غازبروم تقطف ثمار تعافي صادرات الغاز الروسي لأوروبا في 2024

01 يناير 2025
شعار غازبروم بمنتدى سانت بطرسبرغ الدولي، 14 سبتمبر 2022 (مكسيم كونستانتينوف/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- واجهت غازبروم تحديات كبيرة بعد الحرب في أوكرانيا، مثل حجز الأصول وتراجع الاعتماد على الغاز الروسي، لكنها حققت أرباحًا كبيرة في 2023 بفضل زيادة الإمدادات إلى أوروبا.
- ساهمت زيادة صادرات الغاز إلى أوروبا والصين في تعافي غازبروم، حيث بلغت إمداداتها إلى أوروبا 30.3 مليار متر مكعب، وتشغيل خط "قوة سيبيريا" بكامل طاقته لتوريد 38 مليار متر مكعب إلى الصين بحلول 2025.
- تتوقع غازبروم تعويض خسائرها بفضل ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا وزيادة الطلب الداخلي، مع محاولات لإيجاد حلول بديلة لنقل الغاز بعد توقف الترانزيت الأوكراني المتوقع.

"ما هو خير لشركة غازبروم خير على روسيا" عبارة اعتاد الروس سماعها، وتدل على أهمية عملاقة الغاز الروسي بالنسبة للاقتصاد الروسي ورخائه مع ارتفاع حصتها في سوق الغاز الأوروبية إلى أكثر من 40% بحلول عام 2021. إلا أن الشركة التي تعد أحد أعمدة الاقتصاد الروسي، عاشت بعد بدء الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا عام 2022، أوقاتاً عصيبة على إثر شروع الدول الأوروبية بالحجز على أصولها والاستغناء واحدة تلو الأخرى عن الغاز الروسي المورد عبر الأنابيب.

وفي عام 2023، حققت غازبروم أكبر خسائر لها منذ قرابة ربع قرن بلغت أكثر من ستة مليارات دولار. إلا أن هذه الخسائر الفادحة لم تمنع عملاقة الغاز الروسية من تعافي أدائها في العام المنتهي مع تحقيق أرباح فاقت التوقعات وتناهز وفقاً للتقديرات الأولية 46 مليار دولار، وسط سباق أوروبي مع الزمن لشراء أكبر كمية ممكنة من الغاز الروسي قبل انتهاء عقد الترانزيت عبر الأراضي الأوكرانية والذي أكدت موسكو وكييف على انعدام النية لتمديده.

وتشير تقديرات إلى أن إمدادات غازبروم إلى أوروبا خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام المنتهي بلغت 30.3 مليار متر مكعب أو ما يعادل نحو 11% من مجموع واردات الغاز إلى القارة العجوز مقابل 8.4% في العام الماضي. وبذلك قد تتخطى صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا 52 مليار متر مكعب شاملة الغاز الطبيعي المسال و18% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من "الوقود الأزرق".

وفي هذا الصدد، يعتبر خبير المعهد المالي التابع للحكومة الروسية، إيغور يوشكوف، أن تعافي أداء غازبروم في العام المنتهي ناجم عن زيادة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا مجتمعة مع تنويع وجهات التصدير، مستبعداً احتمال تكرار تسجيل الشركة الروسية العملاقة خسائر فادحة على غرار عام 2023. ويقول يوشكوف في حديث لـ"العربي الجديد": "في عام 2024، جنت غازبروم مكاسب ناجمة عن زيادة إمداداتها إلى أوروبا التي قد تصل إلى 33 مليار متر مكعب بزيادة قدرها بضعة مليارات مقارنة مع العام الماضي".

كما تمكنت غازبروم من تشغيل خط أنابيب الغاز "قوة سيبيريا" بطاقته التمريرية الكاملة بما سيتيح له توريد 38 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين في عام 2025 مقابل 30 ملياراً وفق الخطة المعتمدة لهذا العام. ويلفت يوشكوف إلى أن زيادة إمدادات الغاز الروسي إلى الصين تصب في مصلحة الطرفين، مضيفاً: "يربط العقد المبرم مع الصين أسعار الغاز بأسعار النفط مع تأجيل مدته تسعة أشهر، ما يعني أن غازبروم تجني مكاسب جراء اعتماد أسعار النفط فوق 85 دولاراً. إلا أن الصين مستفيدة هي الأخرى، لأن هذه الأسعار المرتفعة أيضاً أقل من تلك السائدة في البورصات الآسيوية".

وحول رؤيته لتأثير توقف الترانزيت الأوكراني على صادرات غازبروم، يتابع: "صحيح أن نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز ستستبعد من الإمدادات جراء توقف الترانزيت، ولكنه يمكن لغازبروم توجيه ما بين ثلاثة وخمسة مليارات منها إلى أوروبا عبر خط السيل التركي". ويخلص إلى أن غازبروم لن تحقق مرة أخرى خسائر بحجم عام 2023، قائلاً: "كانت خسائر عام 2023 ناجمة بالدرجة الأولى عن عاملين رئيسيين أولهما شطب قيمة الشركات المملوكة لها في الاتحاد الأوروبي والتي وضع الحجز عليها في عام 2022. ثانياً، اضطرت الشركة لدفع الضريبة الإضافية عن استخراج الثروات الطبيعية والتي تقرر إلغاء الشق الإضافي منها اعتباراً من العام الجديد".

ارتفاع أسعار الغاز يعوض الترانزيت الأوكراني

بدوره، يرجع نائب مدير صندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو، أليكسي غريفاتش، هو الآخر تحقيق غازبروم أرباحاً هائلة في العام المنتهي إلى زيادة الصادرات إلى أوروبا والصين والاستهلاك الداخلي، متوقعاً أن تتمكن روسيا من تعويض جزء من خسائرها جراء توقف الترانزيت الأوكراني، نتيجة للارتفاع المتوقع لأسعار الغاز، علماً أن الأسعار الأوروبية جرى تداولها أول من أمس الاثنين، قرب أعلى مستوياتها هذا الشهر، مع استنزاف مستويات التخزين بشكل أسرع من المعتاد، واقتراب نهاية اتفاقية نقل الغاز بين أوكرانيا وروسيا. وارتفعت العقود الآجلة 2.5% قبل أن تتراجع قليلاً وتتداول قرب 48 يورو لكل ميغاواط في الساعة.

ويقول غريفاتش في حديث لـ"العربي الجديد": "تسنى خلال العام المنتهي كسر التوجه نحو تراجع الصادرات، إذ ازدادت الإمدادات إلى الصين وفقاً للخطة المقررة. كذلك رصدنا زيادة لمشتريات غاز الأنابيب الروسي من الدول الأوروبية بنسبة تفوق 20% مقارنة مع عام 2023. تضاف إلى ذلك زيادة الطلب داخل البلاد وارتفاع أسعاره الداخلية". وحول رؤيته لتأثير توقف الترانزيت الأوكراني على عوائد "غازبروم"، يضيف: "سيؤدي توقف الترانزيت مجتمعاً مع عدم توفر خيارات بديلة لنقل الغاز إلى خسارة قسم من العوائد، ولكن ذلك سيترتب عليه أيضاً ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، ما يعني أن العوائد عما سيتبقى من الإمدادات ستزداد".

وعلى الرغم من استقرار أسعار الغاز في أوروبا نسبياً عند مستويات لا تتخطى 450 دولاراً لكل ألف متر مكعب في الأسابيع الأخيرة، إلا أنها توجهت نحو الارتفاع بعد استبعاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، احتمال تمديد عقد ترانزيت الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية، متخطية الـ500 دولار لعقود يناير/كانون الثاني 2025 ببورصة "تي تي إف" في هولندا، وسط تراجع نسبة امتلاء مستودعات الغاز تحت سطح الأرض في أوروبا إلى 75%.

وكان بوتين قد أكد الخميس الماضي، استحالة تمديد عقد ترانزيت الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية قبل انتهاء عام 2024 بأيام عدة، مشدداً في الوقت نفسه على أن روسيا لم ترفض يوماً توريد موارد الطاقة إلى أوروبا. وجاءت تصريحات بوتين هذه بعد أيام عدة على زيارة رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيتسو، إلى موسكو لمناقشة مستقبل إمدادات الغاز. وذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية السبت الماضي، أن أوكرانيا تواجه ضغوطاً متزايدة من فيتسو وعدد من شركات الطاقة في وسط أوروبا لمواصلة ضخ الغاز الروسي حتى بعد انتهاء عقد ترانزيت الغاز.

وفي وقت رفض زيلينسكي مراراً السماح باستمرار عبور الغاز الروسي، إلا أنه أكد انفتاحه على مرور الغاز غير الروسي المنشأ عبر الأنابيب الأوكرانية مثل الغاز الكازاخستاني أو الأذربيجاني، فيما اقترح رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، المعروف بمواقفه المطبعة مع موسكو تعديل موقع إتمام شراء الغاز الروسي من المشترين الأوروبيين إلى الحدود بين روسيا وأوكرانيا، ما سيضطر كييف للسماح بعبور الغاز في إطار اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، وفق "بلومبيرغ".

المساهمون