عُمان تواجه خسائر الطيران بإعادة الهيكلة

06 سبتمبر 2023
مساعٍ لتقليص خسائر الطيران العُماني (Getty)
+ الخط -

طرأت تطورات متسارعة باتجاه تقليص حجم أسطول شركتي الطيران المدني بسلطنة عُمان، وإعادة هيكلة القطاع بالكامل، في ضوء الخسائر التي تكبدتها في الآونة الأخيرة، إذ أعلنت شركتا "الطيران العُماني" و"مطارات عُمان"، في 19 أغسطس/آب، عن حل الجمعيتين العموميتين وانتخاب مجلس إدارة جديد.

وعقد مجلس الإدارة الجديد للشركتين، برئاسة وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، سعيد بن حمود المعولي، اجتماعين للشركتين كل على حدة، اعتمد خلالهما الهيكل التنظيمي الجديد لشركة الطيران العُماني واللجان الجديدة لمجلس الإدارة، وتعيين نائب لرئيس مجلس إدارة الشركة، حسبما أوردت وكالة الأنباء العُمانية. كما أقر المجلس المشكل الخطوات التنفيذية لبرنامج الاستدامة المالية للشركة، مع التأكيد على أهمية تنفيذه وفق رؤية إصلاحية شاملة للقواعد والأسس التجارية والحوكمة المؤسسية.

واستعرض المعولي استراتيجية "مطارات عُمان" للأعوام الخمسة المقبلة، كما ناقش الحسابات المالية للشركة للنصف الأول من العام الجاري، وذلك بعدما قررت الشركة تقليص عدد أسطولها الجوي من 52 طائرة إلى 45 طائرة، تماشياً مع خطتها الهيكلية، التي تشمل تقليل حجم تكاليف التشغيل.

وسبق أن أكد المعولي، في 7 أغسطس/آب، اعتماد برنامج شامل لإعادة هيكلة شركة "الطيران العُماني" بناءً على دراسة متخصصة أجريت بسبب الخسائر التشغيلية المستمرة وتراكم الديون المالية على الشركة. كما تستنزف "الطيران العُماني" أموالاً طائلة من الدولة الخليجية، حيث سجلت خسائر تقدر بمليار و300 مليون ريال عُماني (3.379 مليارات دولار)، خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2019، وفقاً لما أكده المعولي.

يشير الخبير الاقتصادي العُماني، طارق العصفور، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن قطاع النقل والطيران العُماني يواجه تحديات هائلة، إذ قلما تحقق شركاته أرباحا، أو حتى تحقق نقطة التعادل، مشيرا إلى أن شركات النقل الوطنية لكثير من الدول تتلقى دعما من دولها، فضلا عن ضم أنشطة تشغيل العمليات المساندة، من مطارات وأسواق حرة وخدمات تابعة، ضمن أداء تلك الشركات. ومن هذا الخلط في الأنشطة يتفاوت أداء الشركات من تحقيق أرباح متواضعة في أحسن الحالات إلى خسائر هائلة في كثير من الحالات، بحسب العصفور، مشيرا إلى أن ذلك يُعد من المسلمات في هذا القطاع، ومع ذلك تستمر الدول في دعم ناقلاتها الوطنية لضرورتها.

ويوضح العصفور أن عديد الدول ترى أن لها مردودات اقتصادية غير مباشرة من شركات الطيران المدني الحكومية، كالإسهام في تنشيط القطاع السياحي والأنشطة المساندة لقطاع الطيران، إلى جانب أنشطة تجارية لا حدود لها، وبذلك تفوق الفوائد الاقتصادية لشركات الطيران الخسائر المباشرة لها، والتي تعد ضئيلة من منظور اقتصادي أشمل.

وفي هذا الإطار، يرى العصفور أن إعادة الهيكلة الإدارية والمالية لقطاع الطيران العُماني تمر عبر تحقيق أقل الخسائر المالية الممكنة، على أقل تقدير، مشيرا إلى أن فرص ذلك تبدو مرجحة حال التعاون مع شركة الطيران منخفضة التكلفة (طيران السلام) في إطار مستهدفات نمو القطاع السياحي من مستواه الحالي عند 2.2 مليون سائح الى أكثر من 12 مليون سائح في 2040.
ومع التنظيم الاداري والممارسات المنضبطة، يتوقع الخبير الاقتصادي العُماني تحقيق المستهدفات المالية المرجوة من شركتي الطيران في عُمان، في إطار زمني بمدى 4 سنوات، وهو ما يراه جيدا "لقطاع بالغ التعقيد وكثير الحساسية والتأثر لأقل المتغيرات" حسب تعبيره.

ويشير الخبير الاقتصادي العُماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن قرارات كثيرة باتت متوقعة لإعادة هيكلة قطاع الطيران المدني بالسلطنة، ومنها تقليص عدد محطات الرحلات الجوية، إضافة إلى تقليص عدد طائرات الأسطول. 

لكن الطوقي يتوقع زيادة لاحقة في أسطول الطائرات مع عمل الإدارة الجديدة لشركتي الطيران، إضافة إلى ضم شركات أو فنادق تحت مظلة إدارة شركة الطيران العُماني لجذب سياح جدد، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي مدروس.

ويستبعد الخبير العُماني أي تضخيم لقطاع الطيران العُماني بأكثر من حجمه بعد التقليص، بل محاولة تقليل مصروفاته عبر تقليل عدد الموظفين الكبير جدا، عبر إغرائهم بتعويض التقاعد المبكر، بما يخفف الأعباء المالية والإدارية للتوظيف الزائد، الذي لا يتناسب مع حجم القطاع، ولا ينسجم مع المعايير الدولية.
ويلفت الطوقي إلى أن إعادة هيكلة قطاع الطيران المدني في عُمان يستهدف التحول من الخسارة إلى الربحية، ويحولها إلى ربحية، ما يستلزم معالجة ملف التوظيف بالأساس، وبشكل متوازن، فضلا عن التركيز على زيادة حركة القادمين إلى عُمان، واجتذاب وكالات جديدة، تدعم القطاع.

المساهمون