صندوق لإعادة إعمار ليبيا: المناطق المتضررة تحتاج 50 مليار دولار

22 ابريل 2021
سباق بين دول أجنبية وعربية لاقتناص صفقات إعادة الإعمار (فرانس برس)
+ الخط -

تعتزم وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية إنشاء صندوق لإعادة الإعمار، سعيًا إلى التعافي من الآثار المدمرة للحرب والأزمات السياسية التي تعيشها ليبيا منذ عشر سنوات، فيما تفتح صفقات إعادة الإعمار شهية الدول الأجنبية على اقتناص عقود استثمارية بالبلاد.
وتقدر حجم الأموال المطلوبة للصندوق ما بين 30 مليار دولار إلى 50 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات، وفقا لمصدر مسؤول من وزارة المالية لـ"العربي الجديد".
وحسب مقترح إنشاء الصندوق، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، سيتمتع الصندوق الجديد بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وأن المبالغ التي تم تقديرها بما بين 30 و50 مليار دولار تستهدف تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار للمناطق المتضررة من الحروب، منها ترميم مناطق جنوب طرابلس بسبب الحرب الأخيرة على العاصمة، وكذلك مناطق بنغازي ودرنة بالإضافة إلى سرت "وسط" ومشاريع التنمية والبنية التحتية، مؤكدا أن الصندوق لديه خطة للفترة من 2021 إلى 2023 كمرحلة أولى لإعادة الإعمار.
وتتقاطر الوفود الأجنبية من الاتحاد الأوروبي فرنسا وإيطاليا بالإضافة إلى تركيا وروسيا ودول الجوار تونس ومصر والجزائر بغرض توقيع اتفاقات التعاون الاقتصادي والحصول على نصيب من كعكعة الإعمار. وبدأ هذا التنافس يظهر جلياً منذ استلام الحكومة الليبية الجديدة مهامها رسمياً، في فبراير/ شباط الماضي.

وكان أحدث وفد حكومي فد زار ليبيا من مصر برئاسة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الذي وصل إلى العاصمة طرابلس، أول من أمس، وأجرى مباحثات مع نظيره الليبي عبد الحميد الدبيبة، بحثت جملة من القضايا الاقتصادية والتجارية والسياسية. وأكد البيان الصادر عن الجانبين عقب الاجتماع تشجيع التبادل التجاري والاقتصادي من خلال رجال الأعمال والمستثمرين.
ويأتي مشروع صندوق إعادة إعمار ليبيا بعد مطالبة مجلس النواب بتقليص مصروفات التنمية خلال العام الحالي والاعتماد على مصادر بديلة لمشاريع إعادة الإعمار. وتتكون موارد الصندوق بما يخصص له من الميزانية العامة، ومساهمات الشركات الكبرى العاملة في قطاع النفط كمسؤولية الاجتماعية، والمساهمات المحلية والدولية.
وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي وئام المصراتي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن فكرة إعادة الإعمار عبر صندوق له الشخصية الاعتبارية جيدة، وتحديدا للمناطق المنكوبة من الحروب المتواصلة خلال عشر سنوات.
وأضاف المصراتي أن الحكومة ملزمة بوضع خطة استراتيجية لبرنامج إعادة الأعمار بالتنسيق مع مصلحة التخطيط العمراني.
ولكن في المقابل، ترى أستاذة الاقتصاد بجامعات ليبية، زينب عبد السلام، أن الوقت غير مناسب لتخصيص أموال لإعادة الإعمار لأن الحكومة الحالية مؤقتة إلى حين الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2021، والبلاد ليست بحاجة إلى تعاقدات جديدة.
وأضافت زينب عبد السلام أن الصندوق يحتاج إلى تشريع من أجل متابعة الأموال وطريقة صرفها أو الخضوع للرقابة المصاحبة لأن ليبيا أهدرت مئات المليارات من الدنانير دون تحقيق تنمية حقيقية في البلاد، مشيرة إلى عدم تحسين شبكة الكهرباء وتهالك البنية التحتية.

وقدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا"، الكلفة الإجمالية للصراع في ليبيا منذ اندلاعه في عام 2011 حتى اليوم، بنحو 576 مليار دولار.
وانعكست الحرب سلبا على معيشة المواطنين، ولا سيما الذين تهدمت منازلهم وليست لديهم القدرة على ترميمها أو إعادة بنائها، ولا توجد أي بيانات رسمية عن خسائر المناطق المنكوبة خلال صراعات مسلحة في السنوات السابقة منها سرت، وتاورغاء، ورشفانة وأجزاء من بنغازي ودرنة في شرق البلاد، إضافة إلى تعطل المطارات.
وتعيش ليبيا على وقع أزمات مالية خانقة وشح في السيولة النقدية وتدهور بمختلف القطاعات الاقتصادية بسبب تواصل الصراع الذي أدى إلى خسائر فادحة في المصدر الرئيسي للدخل في البلاد وهو النفط، إذ بلغت الخسائر المالية نتيجة الإقفالات غير القانونية للحقول والموانئ النفطية خلال الأعوام 2013 – 2020، نحو 180 مليار دولار وتضررت 125 ألف وحدة سكنية بسبب هجمات القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال 14 شهرا على جنوب العاصمة الليبية طرابلس، بالإضافة إلى المقرات الحكومية والمحال التجارية.
وخلال جولة لـ"العربي الجديد" على مناطق النازحين لعائلات دمرت منازلهم، قال منصور الكريوي إن عائلته تعيش في مأوى عبارة عن مقر لشركة أجنبية غادرات البلاد في عام 2011.
وأضاف الكريوي أنه نازح من منطقة عين زارة لإن منزله يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة للترميم ولا توجد لديه قدرة مالية من أجل دفع إيجار شهري بقيمة ألف دينار (الدولار = 4.5 دنانير). ويشير إلى أن أسرته مكونة من سبعة أفراد تعيش في غرفة صغيرة فقط مع حمام ومطبخ صغير وهي من ضمن عشرات الآلاف من العائلات الليبية التي شردتها الحرب.

المساهمون