أثار نواب ومسؤولون عن محافظة نينوى (شمال العراق) تساؤلات بشأن ملف إعمار محافظتهم، والتي تصل نسبة الخراب فيها إلى 80 بالمائة نتيجة لاحتلالها من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي صيف العام 2014، ومن ثم معارك تحريرها وما رافقها من أعمال قصف جوية وبرية، تسببت بتدمير واسع جدا للبنى التحتية، مطالبين الحكومة بالعمل الجدي بهذا الملف.
وحسب نواب في البرلمان وخبراء اقتصاد، فإن العديد من المعوقات تعطّل عمليات إعادة الإعمار، ومنها اتساع نفوذ الفصائل المسلحة، وعدم وجود خطوات تنفيذية من قبل اللجنة المشكلة لإعمار ما دمرته الحرب.
وقبل نحو شهر واحد، شكّل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة عليا لإعمار المحافظة وعاصمتها الموصل، وهي الأولى من نوعها، لكن اللجنة لم تخط حتى الآن إلا خطوات بسيطة في متابعة ملف الإعمار.
وقالت النائبة عن المحافظة، محاسن حمدون، إن "اللجنة باشرت بالعمل وأجرت لقاءات مع نواب المحافظة، وقدمنا رؤيتنا لما تحتاجه المحافظة من أجل الإعمار"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "عمل اللجنة حاليا هو إجراء لقاءات وحوارات ومناقشات، ووضع الخطط للإعمار".
وأكدت "أهمية ألا يتم تسيس ملف الإعمار، وأن يتم التعامل بشفافية ومهنية مع هذا الملف وحسب الحاجة لكل المناطق بالمحافظة"، مشيرة: "تلمسنا جدية بالتعامل مع ملف إعمار الموصل، لكن المشكلة ننتظر تنفيذا جديا بالعمل".
وشدّدت على أن "المبالغ التي انطلقت لإعمار المحافظة يجب أن يكون لها أثر واضح بإعمارها، إذ إنها حصلت على أكثر من 420 مليار دينار من موازنة تنمية الأقاليم، ومن مشروع إعادة الاستقرار حصلت على 115 مليار دينار، ومن صندوق الإعمار 105 مليارات دينار وغيرها" (الدولار = نحو 1460 ديناراً).
وأوضحت حمدون أن "هذه المبالغ إذا ما تمت إدارتها بشكل مهني وجدي فسيكون لها أثر واضح بإعمار المحافظة".
من جهته، أكد مسؤول محلي في المحافظة أن "اللجنة المشكلة ما زالت أعمالها نظرية فقط، من خلال بحث المشاريع ودراسة كلف الإعمار، وتحديد الأولويات، وغيرها من الخطوات"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "ملف إعمار الموصل هو ملف سياسي، وأن هناك قوى سياسية ونفوذاً لفصائل مسلحة بالمحافظة تسعى لإعاقة الملف".
ولا يتوقف تدخل الفصائل المسلحة في الموصل على التدخل في ملف إعادة الإعمار، بل يصل الأمر إلى التدخل في مختلف المجالات الاقتصادية في المدينة.
والأسبوع قبل الماضي، شهدت مدينة الموصل اشتباكات مسلحة بين عناصر من مليشيا "عصائب أهل الحق" وأفراد أمن، أسفرت عن جرح 4 مواطنين، وذكرت مواقع إخبارية محلية عراقية أنّ الاشتباك جاء إثر خلافات بشأن صفقة شراء نخالة الطحين، وهي بقايا القمح المطحون المستخدم في الدقيق والذي يباع كأعلاف للمزارع.
وحسب مراقبين، فإنّ المحافظة ما زالت خاضعة لسيطرة شبه كاملة من قبل المليشيات، التي حولتها إلى مصدر ربح مالي لها ولعناصرها، ما يعرقل التقدم في العديد من الملفات ومنها إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ومن جانبه، شدّد المسؤول المحلي في محافظة نينوى، الذي رفض ذكر اسمه، على "أهمية أن تتعامل الحكومة بحزم مع الملف وبجدية، وأن تدعم اللجنة بشكل واسع، وتمنع أي تدخلات من أي طرف بعملها".
النائب السابق عن المحافظة، نوري العبد ربه، لم يكن متفائلا بشأن ملف الإعمار، الذي أكد أن التخصيصات المالية للمحافظة لا تكفي سوى لعمليات ترقيعية، لا تتجاوز نسبة 10 بالمائة من حجم الدمار الذي لحق بالمدينة. وقال العبد ربه لـ"العربي الجديد ": لا أتوقع أن يكون هناك إعمار في المحافظة إلا الشيء البسيط". وأكد أن المبالغ المخصصة للموصل تستهدف فقط إحياء وترميم شيء قليل من الماضي الذي كانت عليه".
النائبة عن المحافظة انتصار الجبوري أكدت لـ"العربي الجديد" أن ما تحتاجه المحافظة من أموال لإعادة الإعمار قد يتطلب تخصيصات لعدة موازنات، على مدى الأعوام القادمة.