صراع على آبار تونس... شركات المياه المعدنية تزاحم المزارعين

31 مارس 2024
الزراعة تستحوذ على قرابة 84% من استهلاك المياه في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تواجه تونس تحديات متزايدة بسبب المنافسة بين شركات المياه المعدنية والمزارعين على استغلال الموارد المائية، مما يؤثر سلباً على الزراعة وخاصة في المناطق الجافة.
- ارتفاع استهلاك مياه القوارير المعدنية من 290 مليون لتر إلى 3 مليارات لتر في عشر سنوات يعكس زيادة الطلب ويسلط الضوء على تراجع خدمات المياه الصالحة للشرب.
- منيارة المجبري تحذر من تنازع غير متكافئ بين المزارعين وشركات المياه، مشيرة إلى أن سوء حوكمة الموارد المائية والتغيرات المناخية يفاقمان الأزمة ويعمقان الفجوة في الحصول على مياه آمنة.

تتصاعد المزاحمة بين شركات المياه المعدنية والمزارعين على أحقية استغلال مياه الآبار والمنابع الطبيعية، بعد توسّع كبير لشركات تعبئة مياه الشرب استجابة لاحتياجات السوق.

وعادة ما تستغل شركات المياه المعدنية آباراً ومنابع طبيعية في قرى ومناطق فلاحية، بينما يشكو مزارعون من نقص مصادر الري مع استمرار الإجراءات التقشفية على الموارد المائية التي فرضتها السلطات منذ مارس/ آذار 2023.

ويشكو الفلاحون خاصة في مناطق وسط غرب البلاد الأشد جفافاً من انتشار واسع لشركات تعبئة مياه الشرب، الأمر الذي يحرمهم من ري الخضروات وأشجار الزيتون تحديداً.

ويطالب مزارعون في مناطق العطش بإعادة النظر في إسناد تراخيص استغلال المياه المعبأة، معتبرين أن توسّع هذا النشاط يجبر مئات الأسر التي تعمل في النشاط الزراعي على التخلي عن أراضيهم نتيجة الجفاف، بينما يتم سحب مخزونات مياه الآبار والمنابع الطبيعية نحو المصانع.

وتكشف بيانات رسمية حصلت عليها "العربي الجديد" ارتفاع استهلاك التونسيين من مياه القوارير المعدنية خلال عشر سنوات من 290 مليون لتر إلى 3 مليارات لتر.

وأشارت البيانات إلى أن 30 وحدة صناعية تؤمن إنتاج 7 ملايين قارورة مياه يومياً تلبية لزيادة الطلب الناتج أساساً عن تراجع خدمة توزيع الماء الصالح للشرب الذي تؤمنه الشركة الحكومية لاستغلال المياه وتوزيعها.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

في المقابل، تبيّن خريطة شركات تعبئة المياه أن أكثر العيون المستغلة مركزة في محافظة القيروان شمال شرق تونس بمعدل 6 مصانع تليها محافظتي سليانة (شمال غرب) وزغوان (شمال شرق) بـ 4 مصانع لكل منها، والتي تشهد احتجاجات بسبب نقص المياه.

تقول المسؤولة عن مشروع العدالة البيئية والمناخية في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية منيارة المجبري، إن العدالة في توزيع المياه في المحافظات الأكثر عطشاً مختلة، مؤكدة في تصريحات لـ"العربي الجديد" بروز تنازع غير متكافئ بين المزارعين وشركات تعبئة المياه.

وتضيف: "في حين يعاني المزارعون العطش يسمح للمصانع بحفر آبار عميقة لاستغلال الثروات المائية الباطنية التي كان يفترض أن يوجه جزء منها إلى النشاط الزراعي وحماية حقوق المواطنين في محيط المصانع في الحصول على نصيبهم من المياه".

وتحذر المجبري من أن "سوء حوكمة التصرف في هذه المخزونات تزعزع السلم الاجتماعي ويزيد وتيرة النزاعات والصراعات من أجل المياه".

وتعتبر أن أزمة المياه وتفاقم تأثيرات التغيرات المناخية وضعف تساقط الأمطار واستنزاف المياه الجوفية وما يقابله من فشل الخيارات والسياسات المائية التي تنتهجها الدولة، يفاقم من افتقار المواطنين إلى فرص متكافئة للحصول على حقهم في مياه آمنة ذات جودة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويسبب الاحتباس الحراري تراجعاً في معدل هطل الأمطار وزيادة خطر الجفاف إلى جانب انخفاض مستوى المياه السطحية وتراجع منسوب المياه في السدود والبحيرات الجبلية.

ووسط زيادة عدد السكان أصبحت مياه القوارير المعدنية الملاذ الأول للعديد من المناطق تونسية هرباً من العطش ورداءة مياه الصنابير أو الانقطاعات المتكررة لها.

ويرى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري المكلف بالموارد الطبيعية والمائية حمادي البوبكري أن وزارة الزراعة تسند رخص استغلال شركات المياه للآبار بناء على دراسات تتعلق بكل منطقة.

ويعتبر البوبكري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن شركات المياه المعبأة لها قدرة أكبر على ضخ الماء من الآبار العميقة مقارنة بالمزارعين الذين سمحت لهم السلطات باستغلال آبار لا يتجاوز عمقها 50 متراً.

وتابع" غالباً ما توقف وزارة الفلاحة إسناد الرخص للمصانع في المناطق التي تشكو جفافاً حفاظاً على الموارد المائية المتاحة".

وبحسب التقرير الوطني للمياه لسنة 2020، تصنّف تونس عالميّاً في خانة القلق المائي بمعدّل حاجة الفرد إلى 420 متراً مكعّباً لسنة 2020.

وتقدّر الاحتياطات المائيّة في تونس بحوالي 5 مليارات متر مكعّب أغلبها في خزّانات، سواء كانت مياهاً جوفيّة أم سطحيّة. وتستحوذ الزراعة على قرابة 84% من استهلاك المياه، في حين تستهلك الأسر نحو 14% من الموارد المائية.

المساهمون