حراك عراقي لحل أزمة المياه مع تركيا وإيران

15 ابريل 2024
تراجع المساحات المزروعة بسبب الجفاف (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السلطات العراقية تبدأ حراكاً لمعالجة أزمة المياه مع تركيا وإيران لضمان وصول كميات كافية من المياه إلى نهري دجلة والفرات، وتسعى لتوقيع اتفاقية مع تركيا خلال زيارة الرئيس أردوغان.
- الحراك يهدف لمواجهة خطر الجفاف وتداعياته مثل الهجرة من الريف إلى المدن والضرر بالواقع الزراعي، مع التأكيد على ضرورة العمل الحكومي على أعلى المستويات.
- العراق يواجه أزمة مياه خانقة للعام الخامس بسبب شح الأمطار وقلة الإيرادات المائية، مع خطط تركيا لبناء سد جديد وقطع إيران لأنهار تغذي العراق، مما يستدعي تفعيل مذكرات التفاهم لضمان حصة عادلة من المياه.

بدأت السلطات العراقية في العاصمة بغداد، حراكاً جديداً بشأن ملف المياه مع الجارتين تركيا وإيران، يهدف إلى ضمان وصول كميات كافية من المياه إلى نهري دجلة والفرات اللذين شهدا انحساراً كبيراً في السنوات الماضية، ما سبّب أزمات بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة في مدن عراقية مختلفة، خاصة محافظات أقصى جنوبي البلاد.

والأسبوع الماضي، كشف وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب عبد الله، عن حراك لحلّ أزمة المياه مع تركيا وإيران، كاشفاً عن إجرائه زيارة إلى سورية قبل أسابيع لبحث حصة البلدين من مياه نهر الفرات. وقال عبد الله في تصريحات لمحطة تلفزيون محلية عراقية ببغداد، إن "العراق يسعى للتوصل مع تركيا إلى اتفاقية واضحة بشأن حصة العراق المائية، ونأمل توقيعها خلال زيارة الرئيس أردوغان المرتقبة إلى العراق".

وأضاف: "أبلغنا إيران بضرورة التنسيق بشأن روافد المياه التي تغذي نهر دجلة، كما تمت مطالبة إيران بفتح مياه نهر الكارون لتحسين ظروف شط العرب" مؤكداً أنّ "حراكاً عراقياً جديداً لحلّ أزمة المياه مع تركيا وإيران، بدأ وهناك نتائج إيجابية في هذا الملف".

وأبلغ عضو لجنة الزراعة والمياه في البرلمان العراقي ثائر الجبوري "العربي الجديد" أن "الحراك الجديد نحو تركيا وإيران يأتي خطوة استباقية لموسم الصيف المقبل، ولضمان وصول حصة العراق المائية العادلة". ووفق البرلماني فإنّ "العراق يواجه خطراً حقيقياً جراء الجفاف، ورغم أن الحراك الجديد جاء متأخراً، لكنه يجب أن يمضي بسرعة تجاه حلول للأزمة".

وحذر الجبوري من أن "استمرار أزمة الجفاف بلا حلول حقيقية وسريعة، سوف يدفع نحو مشكلات وأزمات أبرزها الهجرة من المناطق الريفية والقرى نحو المدن وكذلك الإضرار بالواقع الزراعي وزيادة مخاطر البيئة، ولهذا يجب أن يكون الحراك الحكومي على أعلى المستويات، فهذا الملف له تداعيات كثيرة وخطيرة".

ولفت إلى أنّ "لجنة الزراعة والمياه البرلمانية ستعمل على استضافة وزير الموارد المائية لمعرفة تفاصيل الحراك نحو إيران وتركيا وما هي الاتفاقات الجديدة بشأن حصول العراق على حصته العادلة من المياه وجدية هذا الحراك في حل هذه الأزمة المستمرة منذ سنين".

من جهته، قال الخبير في الشأن المائي عادل المختار لـ"العربي الجديد" إنّ "العراق يدخل عامه الخامس على التوالي بأزمة مياه خانقة، نتيجة شح الأمطار وقلة الإيرادات من دول الجوار، فالإيرادات من تلك الدول قليلة جداً وبمستويات متدنية في ظل أزمة الجفاف، خاصة أن تركيا بصدد إقامة سد آخر على نهر دجلة سيسبب ضرراً كبيراً للعراق". 

وأضاف أنه "في ما يخص إيران فهناك 42 نهراً قُطعت بالكامل وأصبحت الإيرادات المائية صفراً، ومن ضمن تلك الأنهر الكرخة والكارون اللذان يعتبران من الأنهر الكبيرة، فإيرادات الكرخة 4 مليارات متر مكعب، والكارون 11 مليار متر مكعب، أي هي تقارب نهري دجلة والفرات من حيث الأهمية وكلّ تلك الأنهر قُطعت بالكامل... ولهذا تستمر أزمة الجفاف في العراق بخطورتها الكبيرة للسنة الخامسة على التوالي".

وأشار المختار إلى أنّ "لهذا الجفاف تداعيات خطيرة، ولهذا نرى هلاكاً في الثروة الحيوانية، وتقلصاً في الخطة الزراعية إلى مليوني دونم من أصل اثنين وثلاثين مليون دونم صالح للزراعة، وهذا التقليص ناشئ من أزمة الجفاف الخطيرة التي يمر بها العراق، خاصة أن الخزين المائي للبلاد يقدر بـ17 مليار متر مكعب، وهذا يعتبر خزيناً متدنياً جداً، ولهذا الوضع خطورة خاصة مع زيادة التلوث البيئي، فانخفاض المناسيب أدى إلى ارتفاع نسبة التلوث، خاصة في البصرة والمحافظات الجنوبية".

وأضاف أن "أزمة الجفاف دفعت بعدد كبير من الفلاحين إلى الهجرة من الريف نحو المدينة، وقارب عدد المهجّرين سبعة ملايين مواطن بسبب أزمة الجفاف"، وشدد على أن "العراق مطالب بالعمل على تفعيل مذكرة التفاهم التي وقعت سنة 2014 وفعّلت في سنة 2019 والتي تؤكد تقاسم الضرر مع دول الجوار في الملف المائي مع توفير حصة عادلة من دول المنبع الى دول المصب وفق ما جاء في هذه المذكرة".

يُذكر أنّ تقريراً سابقاً للأمم المتحدة حول الأمن المائي عربياً بيّن أنّ 17 دولة في العالم العربي على خط الفقر المائي، من بينها 12 دولة ترزح بالفعل تحت خط الفقر المائي المدقع منها العراق. لكنّ العراق نجح في عامَي 2019 و2020 في تحقيق اكتفاء ذاتي في أكثر من 10 محاصيل زراعية، أبرزها القمح والشعير، وتراجعت بعدها مساحات الزراعة بفعل انحسار المياه، الأمر الذي أدّى إلى رفع الحظر عن استيراد تلك المواد مرّة أخرى وبدء تدفّقها من إيران وتركيا تحديداً.

المساهمون