في أمر شراء قياسي يؤكد الطلب المتزايد على السفر الجوي الذي يغذيه النمو الاقتصادي الهندي، أبرمت شركة الطيران الهندية منخفضة التكلفة "إنديغو" IndiGo صفقة لشراء 500 طائرة ركاب من شركة "إيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات.
وبموجب هذه الصفقة التي أعلن عنها اليوم، تشتري شركة الطيران المهيمنة في الهند "إنديغو" طائرات من طراز "إيه 320"، فيما وصفته الشركات بأنه أكبر اتفاق شراء فردي في تاريخ الطيران التجاري، حسبما أوردت "أسوشييتد برس".
وأعلن المسؤولون التنفيذيون في الشركتين عن الاتفاق في اليوم الافتتاحي لمعرض باريس الجوي "لوبورجيه" Paris-Le Bourget أكبر حدث في العالم يركز على صناعة الطيران والفضاء. إلا أن المسؤولين لم يكشفوا عن قيمة أمر الشراء، لكنه يربو على الأرجح على عشرات المليارات من الدولارات، وفق الوكالة نفسها.
وفي شتى الأحوال، فإن حجم صفقة "إنديغو" التي تتخذ من نيودلهي مقراً لها يتجاوز صفقة أخرى ضخمة وقعتها شركة طيران الهند قبل أشهر لشراء 470 طائرة من كل من "إيرباص" ومنافستها "بوينغ" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً.
لكن "فرانس برس" نقلت بهذا الخصوص أن طلبية شركة "إنديغو"، وفقاً للرئيس التنفيذي للشركة "بيتر إلبيرز"، إن قيمتها تبلغ 55 مليار دولار، بحسب لائحة الأسعار الرسمية، لتكون هي الأكبر من نوعها في تاريخ الطيران المدني وخطوة "تاريخية" للشركتين، فيما من المتوقع تسليم الطائرات بين 2030 و2035.
وقال الرئيس التجاري لشركة "إيرباص" كريستيان شيرير، في بيان، إن الصفقة تسلط الضوء على عمل الشركتين على "إضفاء الطابع الديمقراطي على السفر الجوي بأسعار معقولة لملايين الأشخاص في سوق الطيران الأسرع نمواً في العالم".
وتُعد "إيرباص" واحدة من أكبر الشركات في فرنسا وأوروبا، وينظر إلى أدائها في معرض باريس الجوي على أنه مهم لصورتها العامة في فرنسا.
وبحسب "فرانس برس"، فقد انضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حشد كبير من المشاركين في الحدث العائد بعد 4 سنوات إثر جائحة كورونا.
ودشنت الطلبية الهندية انطلاقة "معرض الانتعاش الجوي"، كما طاب للمنظمين تسميته بعد أن شل فيروس كورونا القطاع في العام 2021، وتسبب بإلغاء معرض "لوبورجيه" التجاري الذي يقام كل عامين، والذي نُظمت آخر نسخة منه في 2019.
ووصل ماكرون على متن مروحية H160، وهي أحدث إضافة إلى مجموعة مروحيات "إيرباص"، في ما أراد قصر الإليزيه من خلاله التأكيد على ضرورة إزالة الكربون في قطاع الطيران في مواجهة تغير المناخ، إذ أن المروحية تزود بوقود طيران مستدام بنسبة 30% من أصل غير أحفوري.
وشاهد ماكرون أولى العروض الجوية عندما قامت مروحيات وطائرات "رافال" القتالية وحتى من طراز "إيرباص إيه 321 إكس إل آر"، النسخة الطويلة المدى من الطراز الأفضل مبيعاً، بعروض في سماء ملبدة بالغيوم.
وعلى الأرض توجهت الوفود الأجنبية المدنية أو بالزي الرسمي إلى مواقع الشركات حيث يحدث كل شيء في سرية تامة.
ومنذ الفجر توجه الزوار الى موقع الحدث الذي يستمر حتى يوم الأحد، محاولين تفادي ازدحام السير الخانق في محيط مطار "لوبورجيه" التاريخي بالقرب من باريس.
ويتميز المعرض الأكبر في العالم من حيث عدد الزائرين، حيث يتوقع حضور 320 ألف شخص وسيتاح للجمهور الدخول إلى المعرض اعتباراً من يوم الجمعة، بطلبات ضخمة من الطائرات وعروض الطيران والعروض التكنولوجية.
وتنظم النسخة الرابعة والخمسون في ظل أزمة المناخ والضغوط المجتمعية التي تمارس على قطاع يساهم في نحو 3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
واستفاد ماكرون من زيارته للدفاع عن نموذج اقتصادي واجتماعي قائم على "الابتكار" و"الإستراتيجية الصناعية" لتحقيق رصانة بيئية "معقولة" و"شفافة" و"غير عقابية"، في مواجهة نموذج يرغم على "التخلي عن النمو".
ويشارك في هذا الملتقى 2500 عارض ويلتقي ماكرون بعضاً من 1130 من الشركات الفرنسية المشاركة والتي تجعل من قطاع صناعات الطيران والفضاء المساهم الأول في الميزان التجاري الفرنسي (22.7 مليار يورو في 2022).
وسبق للرئيس الفرنسي أن أعلن الجمعة خطة بقيمة 2.2 مليار يورو لمواكبة التكنولوجيا التي تسمح بخفض بصمة الطيران الكربونية. ويمرّ ذلك خصوصاً عبر تطوير وقود مستدام للطيران.
واستعرض ماكرون في جناح "إيرباص" خارطة الطريق التكنولوجية للمجموعة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو هدف يصبو إليه قطاع الطيران العالمي.
ومعرض "لوبورجيه" الذي يقام كل سنتين يقدَّم على أنه "معرض الانتعاش" بعد الجائحة التي أدّت إلى نضوب خزائن شركات الطيران وأحدثت اضطرابات طويلة في سلاسل توريد المصنّعين.
رئيس مجموعة "إيرباص" وتجمّع صناعات طيران والفضاء الفرنسية الذي ينظّم المعرض، غيوم فوري، قال: "إنها عودة إلى الحماسة التي يولّدها المعرض".
يظهر الاهتمام الكبير بالمعرض أن "الشغف بالسفر جواً ما زال موجوداً وهذا نبأ سار"، كما أوضح المدير العام لشركة "إيزي جيت" لفرنسا ودول البنلوكس، برتران غودينو، لـ"فرانس برس".
لكن من منظور 14 منظمة غير حكومية تعنى بحماية البيئة، يجسد معرض باريس الجوي على العكس "إنكاراً لمشكلة المناخ". وأضافت المنظمات أنه "من دون الحد من حركة الملاحة الجوية لن نتمكن من الحد من الانبعاثات أو الضوضاء أو التلوث الناجم عن هذا القطاع في الوقت المتاح".
وفيما حركة الطيران العالمية بصدد العودة إلى مستواها ما قبل كورونا، تسعى الشركات إلى تجديد أسطولها من خلال طائرات أكثر مردودية تستهلك كميات أقل من الوقود وتُصدر انبعاثات أقل من ثاني أوكسيد الكربون لتلبية شرط تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)