شركات اختبارات كورونا في الصين تعاني لتحصيل مستحقات بالمليارات

12 سبتمبر 2022
الصين تستخدم بشكل متزايد اختبارات كورونا لمكافحة تفشي الوباء (Getty)
+ الخط -

تعاني الشركات العاملة في تقديم اختبارات كورونا في الصين، من تحصيل مستحقات تصل إلى مليارات الدولارات ما يعرّضها لأزمات مالية، فيما تعد هذه النوعية من الخدمات جزءاً أساسياً من استراتيجية الصين لاحتواء الوباء الذي دفع النمو الاقتصادي إلى التباطؤ كثيراً في الأشهر الماضية.

تقول شركات التشخيص إن الاختبارات تستنزف مواردها المالية، إذ يستغرق العملاء وقتاً أطول لدفع مستحقاتهم، حيث أفصحت ثمانٍ من كبرى شركات اختبار الفيروسات المدرجة في السوق عن مبالغ مستحقة الدفع بقيمة 14.1 مليار يوان (2 مليار دولار)، اعتباراً من 30 يونيو/ حزيران الماضي، بزيادة تبلغ نسبتها 73% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية.

وحذّرت شركة "ديان دياجنوستيكس غروب"، ومقرها هانغتشو في مقاطعة جيجيانغ شرق البلاد، وهي واحدة من أكبر مزودي اختبارات كورونا في الصين، من أن هناك خطراً متزايداً من شطب بعض الفواتير التي لم تُسدد بعد، واعتبارها ديوناً معدومة.

تأتي "شنغهاي لابواي كلينيكال لابوراتوري" ضمن هذه الشركات، حيث شهدت قفزة كبيرة نسبتها 189% في الديون المستحقة التي لم تسدد في حينها.

نهج حكومي صارم في التصدي للوباء

يؤكد تأخير سداد المدفوعات التكلفة المتزايدة مالياً واقتصادياً واجتماعياً في الصين، بسبب نهج الحكومة الصارم للتصدي لانتشار المتحورات الفرعية من الفيروس.

وتستخدم الصين بشكل متزايد مجموعة من الاختبارات الجماعية، وتفرض عمليات إغلاق على مستوى المدينة عند ظهور حالات إصابة في كل مقاطعة.

في مدن مثل بكين وشنغهاي، التي لم يجر إغلاقهما، يحتاج السكان إلى إجراء اختبارات كل ثلاثة أيام من أجل استخدام المنشآت العامة أو الذهاب إلى العمل.

كما تواجه الحكومات المحلية، المسؤولة عن تغطية تكلفة الاختبار الشامل ضغوطاً، إذ تتضرر الإيرادات المالية من تراجع الأنشطة التجارية، بينما يتزايد الإنفاق المرتبط بكوفيد.

علاوة على الاختبارات، تشمل هذه النفقات بناء مراكز حجر صحي وتقديم إعانات لقطاعات الأعمال المتضررة بشدة. كذلك، تستهدف الحكومات عقاقير جديدة للحد من الأمراض الخطيرة.

تقول ميا هي، محللة الرعاية الصحية لدى وحدة "بلومبيرغ إنتليجنس"، إن أحد الأسباب الكامنة خلف تلك الضغوط يتمثل في ميزانية الاختبارات في بداية العام، والتي ربما لم تُقدر جيداً، بالنظر لعمليات الإغلاق غير المتوقعة التي أعقبت ذلك، وقد يؤدي هذا إلى تأخير الدفع لمُصنّعي الاختبارات.

التقارير المالية ترصد المتأخرات

وصنّفت شركات الاختبار مقدار المدفوعات المستحقة المتزايد ضمن أهم المخاوف في تقاريرها المالية الأخيرة.

ولدى شركة "ديان دياجنوستيكس غروب" وحدها ديون مستحقة بقيمة 10.7 مليارات يوان، ارتفاعاً من 5.4 مليارات يوان قبل عام، وفقاً لتقرير أرباح النصف الأول، الذي قال إن الزيادة "تسلط الضوء على مخاطر الديون المعدومة".

كما حذرت شركة "غوانغتشو كينجمد دياجنوستيكس غروب" في تقريرها المالي من أن تسوية بعض رسوم الاختبار قد تتأخر، مضيفة أن كوفيد قد يفاقم سوء إدارة بعض المؤسسات والعيادات الطبية الخاصة، بالتالي زيادة احتمالية ظهور ديون معدومة.

من جهتها، أدرجت شركة "شنغهاي روندا ميديكال تكنولوجي" الحسابات المدينة المتزايدة باعتبارها أحد الأخطار الرئيسية لديها. وقالت في تقرير أرباحها إنها تشهد "فترات أطول لتلقي مدفوعات من العملاء وتواجه ضغوطاً متزايدة بسبب هذا الأمر".

ولاحظ المستثمرون هذا الأمر، إذ يجري تداول أسهم "شنغهاي لابواي" بالقرب من أدنى مستوياتها منذ مارس. وعزت الشركة سبب صافي التدفق النقدي السلبي في الأنشطة التشغيلية إلى التكاليف الخاصة بفترة السداد الطويلة لاختبارات كوفيد المعملية، وفقاً لبيانها المالي.

انخفاض أسهم الشركات

وانخفضت أسهم "ديان دياجنوستيكس" بنسبة 15% منذ أعلى مستوياتها في مايو/أيار الماضي، فيما أغلقت أسهم شركة "كينجمد دياجنوستيكس" الأسبوع الماضي، عند أدنى مستوياتها في أكثر من عامين.

ولا شك أن هذه الضغوط ستتصاعد على الأرجح وسط اتخاذ الصين نهجاً أكثر شدة للحد من تفشي الفيروس. وأغلقت البلاد نحو 33 مدينة بشكل كلي أو جزئي في ظل التفشي الحالي، وفقاً لوسائل إعلام محلية، مشيرة إلى أن أكثر من 65 مليون مواطن علقوا وسط تفشي الوباء.

وفي مواجهة الميزانيات المحدودة، يحاول مسؤولو الصحة أيضاً زيادة مواردهم المالية، وربما يعطون الأولوية للتمويل المقدم لمجال تطوير وتصنيع عقاقير كوفيد على اختبارات (PCR) هذا العام، إذ تعد العقاقير المضادة للفيروسات خط الدفاع الأخير ضد العدوى الشديدة، بحسب ميا هي المحللة في وحدة "بلومبيرغ إنتليجنس".

تراجعت الإيرادات العامة الوطنية بنسبة 10.2% في النصف الأول من العام عن العام السابق، بينما ارتفعت النفقات العامة بنسبة 5.9%. وزاد الإنفاق على الرعاية الصحية بنسبة 7.7%.

وزادت بكين إنفاقها بنسبة 24% لدعم تدابير الوقاية من كوفيد، وتبنّت شنغهاي "الدفع المعجل" للمشاريع الرئيسية مثل الوقاية من كوفيد.

ورغم تصاعد مستحقات شركات اختبارات كوفيد، فإنه لا يُرجّح أن تفشل هذه الشركات في تلقي مدفوعات مقابل خدماتها، حتى لو تزايدت حالات التأخير في السداد، وفق جيالين تشانغ، المحلل في مؤسسة "نومورا هولدينغز" المصرفية اليابانية، مشيراً إلى أن الحكومات المحلية ستتعرض لضغوط لدفع أجور شركات الاختبار في الوقت المناسب، وذلك بحسب مواردها المالية.

وانكمش الإنتاج الصناعي في الصين، في أغسطس/آب الماضي، وسط ضعف الصادرات وطلب المستهلك، حسبما أظهر مسح لوكالة الإحصاء الوطنية، نهاية الشهر الماضي، إذ سجل مؤشر الإنتاج 49.4 نقطة. والمستوى الأقل من 50 نقطة يعني تقلص النشاط، بينما الأعلى منه يشير إلى النمو.

المساهمون