بين ترامب وهاريس... الاقتصاد كلمة السر في الانتخابات الرئاسية الأميركية

17 اغسطس 2024
ترامب يواصل حملته في ولاية مونتانا، 9 أغسطس 2024 (ميشيل سيغالو/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **سياسات ترامب الاقتصادية والتعريفات الجمركية**: يركز ترامب على فرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية لحماية الصناعات الأميركية، لكن الخبراء يحذرون من زيادة التضخم وتفاقم الحرب التجارية مع الصين.

- **سياسات كمالا هاريس الاقتصادية ومكافحة التضخم**: تركز هاريس على خفض الأسعار من خلال محاصرة الشركات التي ترفع أسعار البقالة بشكل غير مبرر، لكنها تواجه انتقادات لتجاهلها التضخم النقدي.

- **التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الأميركي**: سياسات ترامب قد تؤدي إلى اضطراب في سلسلة التوريد وزيادة التضخم، بينما سياسات هاريس قد تسبب نقصًا في السلع.

يبدو أن الاقتصاد سيكون سر النجاح في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي باتت على الأبواب في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني. وبينما يركز ترامب حملته على التعرفة الجمركية وخفض الضرائب على الشركات، تركز كمالا هاريس على خفض الأسعار، عبر محاصرة الشركات التي ترفع أسعار البقالة بسبب الجشع ومقاضاتها قانونياً. ووفق تحليل بمجلة فورتشن، يوم الجمعة، تعرض الرئيس السابق دونالد ترامب لضغوط بسبب مقترحاته العدوانية بشأن التعريفات الجمركية، حيث حذر الخبراء من أنها قد تؤدي إلى حرب تجارية متبادلة مع الصين، أو تؤدي إلى تفاقم التضخم، أو حتى المساعدة في إثارة الركود الاقتصادي في أسوأ السيناريوهات. 

ترامب يضاعف خطته

وعلى الرغم من هذه الانتقادات، ضاعف ترامب خطته لتنفيذ "تعريفة أساسية عالمية" على معظم الواردات إذا انتُخب، فضلاً عن تعريفة بنسبة 60% أو أكثر على جميع الواردات الصينية. وقال الرئيس السابق في تجمع حاشد في ولاية كارولينا الشمالية يوم الأربعاء: "سنفرض رسوماً جمركية بنسبة 10% إلى 20% على الدول الأجنبية التي كانت تخدعنا لسنوات". ويعتقد ترامب أن "الحروب التجارية جيدة ومن السهل الفوز بها"، وأطلق على نفسه اسم "رجل التعريفات الجمركية"، واعترض لسنوات على خسارة وظائف التصنيع في الولايات المتحدة بسبب استيراد السلع الأجنبية الرخيصة، خاصة من الصين. ولكن في حين أن التعريفات الجمركية يمكن أن يكون لها مكانها في السياسة الاقتصادية للمساعدة في حماية الصناعات الناشئة أو ذات الأهمية الدفاعية، يقول الخبراء إن التعريفات الواسعة يمكن أن تكون خطيرة، ويرجع ذلك في الغالب إلى أنها ستجبر الدول المتضررة على الرد.
وأجرى الاقتصادي يواكيم كليمنت، الخبير الاستراتيجي للاستثمار في بنك بانمور ليبروم الاستثماري ومقره المملكة المتحدة، تقييماً بحساب التأثير المحتمل لسياسات التعريفات الجمركية التي ينتهجها ترامب، والحرب التجارية التي يعتقد أنها ستسببها على الأرجح. ووجد، في تقريره، أن التعريفة الشاملة التي اقترحها ترامب بنسبة 10% على الواردات الأجنبية، وتعريفة بنسبة 60% على جميع الواردات الصينية، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة قدرها 1.2 نقطة مئوية في التضخم في العام الأول بعد توقيعها.
وقال لمجلة فورتشن عبر الهاتف يوم الخميس: "سأشعر بالقلق بالتأكيد بشأن صدمة تضخمية كبيرة". وتابع "نفترض بشكل أساسي أن التضخم في العام المقبل في الولايات المتحدة سيبلغ 2.5% في المتوسط، ومع الحرب التجارية، سيرتفع إلى 3.7%".
وقال كليمنت، الذي ينشر كتاباً فرعياً بعنوان "كليمنت حول الاستثمار" إنه لا يتوقع حرباً تجارية تدفع الولايات المتحدة إلى الركود العام المقبل، ولكن التأثير على الاقتصاد الأميركي إذا حدثت سيعتمد على شدتها واستجابة بنك الاحتياط الفيدرالي لارتفاع التضخم الذي يتبعها. وقال "من الواضح أن المشكلة هي أنه إذا دفعت الحرب التجارية التضخم بالقرب من مستوى محتمل وربما أعلى من 4%، فهذا يعني أنه يتعين على بنك الاحتياط الفيدرالي الرد". وأوضح أن هذا يعني أن بنك الاحتياط الفيدرالي قد يضطر إلى البدء برفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
وتتمتع الولايات المتحدة بتاريخ طويل في تفعيل حزم التعريفات الجمركية الواسعة. كان أول تشريع رئيسي وقعه جورج واشنطن بعد التصديق على الدستور هو قانون التعريفة الجمركية لعام 1787، والذي فرض رسوماً بنسبة 50 سنتاً لكل طن على البضائع التي تستوردها السفن الأجنبية للمساعدة في حماية الصناعة التحويلية الناشئة في الولايات المتحدة ورفع مستوى الإيرادات. 

واليوم، يواجه كل من ترامب وهاريس دعوات، كما فعلت واشنطن ذات يوم لفرض تعريفات جمركية لحماية القطاعات الناشئة أو ذات الأهمية الدفاعية في الاقتصاد، مثل أشباه الموصلات أو بطاريات السيارات الكهربائية. وقد أبدى كلا المرشحين استعدادهما لاستخدام التعريفات الجمركية. ومن المعروف أن ترامب أشعل حرباً تجارية مع الصين في عام 2018 بقراره تطبيق تعريفات جمركية شاملة على تلك الدولة، وكذلك كندا والمكسيك والهند ودول أخرى. وعلى الرغم من استخدام خطاب أقل إثارة للجدل، حافظت إدارة بايدن على تعريفات ترامب الجمركية على الواردات الصينية، حتى إنّ المسؤولين سنّوا تعريفة جديدة على بطاريات السيارات الكهربائية القادمة من الصين في وقت سابق من هذا العام.

وقالت نانسي تشيان، أستاذة الاقتصاد في جامعة نورث وسترن، لمجلة فورتشن، إن هذا يعني أنه على الأرجح أياً كان المنتخب، فسوف تستمر التعريفات المرتفعة على البضائع الصينية، وسيكون حجم ونطاق هذه التعريفات هو الفرق الرئيسي بين ترامب وهاريس. وقالت: "أتوقع أن تكون إدارة هاريس أكثر منهجية واستهدافاً. لقد أطلقوا على استراتيجيتهم اسم السياج العالي والفناء الصغير، مما يعني أنهم يريدون تعريفات عالية ويريدون فقط حماية عدد قليل من القطاعات، مثل أشباه الموصلات والمركبات الكهربائية".
هذه الرسوم الجمركية المفرطة في الاتساع هي ما يثير قلق الخبراء، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها تجبر الصين على الرد. وأوضح تشيان أن "الصينيين، سواء أرادوا ذلك أم لا، عليهم أن يستجيبوا - فقط لأنهم لا يستطيعون أن يفقدوا ماء وجههم، ولا يمكنهم أن يفقدوا مكانتهم المحلية". وحذرت تشيان من أن القطاع الزراعي الأميركي سيكون ضحية لتعريفة ترامب، لأنه من المرجح أن يستهدف من قبل الصينيين، رداً على التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب، خاصة صناعة الألبان كمثال. واستقبلت الصين 13% من إجمالي واردات الألبان الأميركية في عام 2023، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية. وتستمر شهية الأمة ذات الكثافة السكانية العالية للحليب والزبادي في التزايد، مما يجعلها سوقاً جذابة لمنتجي الألبان الأميركيين.

وحذر تشيان من أن "هذه صناعة أميركية أساسية يمكن أن تتضرر بشدة في حرب تجارية"، مشيراً إلى أن الصين قد تحاول استهداف قطاعات مثل الزراعة، الأمر الذي من شأنه أن يضر ترامب سياسياً إذا فرض تعريفات جمركية مرتفعة. ولن تكون صناعة الألبان فقط هي التي تتعرض للتهديد، بطبيعة الحال. وأوضح كليمنت أنه عندما تفرض الدول تعريفات جمركية واسعة النطاق، يصعب على الشركات العثور على موردين جدد بين عشية وضحاها. وهذا يؤدي إلى اضطراب هائل في سلسلة التوريد، ويعطل الصادرات بشكل كبير. وقال: "هذا يفعل شيئين: إنه يخلق صدمة تضخمية، ويقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير". وفي دراسته، وجد كليمنت أن النسخة المتطرفة من اقتراح ترامب بشأن التعريفة الجمركية، تتمثل في فرض تعريفة شاملة بنسبة 20% على الواردات الأجنبية، بالإضافة إلى حرب تجارية لاحقة، من شأنها أن تقلل الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنحو 0.3% على المدى المتوسط، والناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 0.4% على المدى المتوسط. نفس الفترة. وعندما يقترن ذلك بارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى مشاكل. وأشارت إلى أنه "إذا كنت بالفعل في وضع ضعيف، لأن الاقتصاد بشكل عام لا ينمو بهذه القوة، فقد يدفع ذلك دولة مثل الولايات المتحدة إلى الركود".

كمالا هاريس... هل تستغل الاقتصاد؟

على صعيد سياسة هاريس الاقتصادية فهي تسير حتى الآن على خطى  الرئيس بايدن وخطابه للقضاء على أسعار المواد الغذائية المرتفعة للغاية، من خلال اقتراح أول حظر فيدرالي على الإطلاق على "التلاعب بالأسعار في الشركات في صناعات الأغذية والبقالة". وكتبت حملة هاريس في بيان: "هناك فرق كبير بين التسعير العادل في الأسواق التنافسية، والأسعار المفرطة التي لا علاقة لها بتكاليف ممارسة الأعمال التجارية"، مضيفة: "يمكن للأميركيين رؤية هذا الفرق في فواتير البقالة الخاصة بهم". كما أن ما قدمته هاريس، وفق تحليل بموقع زيرو هيدج المالي الأميركي لحل مشكلة التضخم سياسة اشتراكية لا تتماشى مع النهج الأميركي. ولدى سؤال هاريس عن كيفية التعامل مع التضخم اكتفت بالاعتراف بالمشكلة دون تقديم أي حلول ملموسة. وبدلاً من ذلك، وعدت بمواجهة "الشركات الكبرى" المتورطة في "التلاعب غير القانوني بالأسعار"، وأصحاب العقارات من الشركات، وشركات الأدوية الكبرى.

وسيدعو خطاب هاريس السياسي أيضاً لجنة التجارة الفيدرالية ومحامي الولاية إلى فحص الشركات التي تنتهك قواعد تحديد الأسعار. ومن المتوقع أن تعكس تصريحاتها تصرفات بايدن وخطابه، خاصة مع حربه ضد شركات تصنيع اللحوم التي يزعم أنها مسؤولة عن ارتفاع أسعار البرغر في السوبر ماركت.

تجادل حملة VP Harris بأن خفض تكاليف الأميركيين هو إحدى وظائف التحكم في الأسعار على النمط الاشتراكي. ومع ذلك، فهذه هي الطريقة الأسرع لفهم أن فريق هاريس الاقتصادي ليس لديه فهم فعلي للتضخم. الفكرة التي ناقشتها ماهاري جاءت من نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي سُئلت مؤخراً عن خطتها لمكافحة التضخم. وانتقد مهاري ردها الذي وصفه بـ"سلطة الكلمات"، لافتاً إلى أنها اكتفت بالاعتراف بالمشكلة دون تقديم أي حلول ملموسة. وبدلاً من ذلك، وعدت بمواجهة "الشركات الكبرى" المتورطة في "التلاعب غير القانوني بالأسعار"، وأصحاب العقارات من الشركات، وشركات الأدوية الكبرى.

جادل ماهاري بأن نهج هاريس يتجاهل السبب الجذري للتضخم، وهو التضخم النقدي المدفوع بخلق الأموال من قبل الاحتياطي الفيدرالي. واستشهد ببيانات عجز ميزانية يوليو، كاشفاً أن إدارة بايدن أنفقت 574 مليار دولار أخرى في شهر واحد فقط، مما أدى إلى عجز قدره 243 مليار دولار. وشدد ماهاري على أن التضخم لا ينجم عن جشع الشركات بل عن الإفراط في إنفاق الحكومة واقتراضها. وأوضح أن "تضخم الأسعار هو أحد أعراض التضخم النقدي، الذي له علاقة كاملة بإنشاء الأموال من قبل الاحتياطي الفيدرالي". وحذر من أن سياسات هاريس المقترحة، بما في ذلك التحكم في الأسعار، من المرجح أن تؤدي إلى نقص وتفاقم المشكلة بدلاً من حلها.

المساهمون