سورية: ارتفاع تكاليف المعيشة 80 ضعفاً

27 ديسمبر 2022
تدهور القطاع الزراعي بسبب ارتفاع كلف الإنتاج والحرب (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت بيانات حديثة عن قفزة تكلفة المعيشة في سورية بحوالي 80 ضعفاً خلال سنوات الحرب، ويأتي ذلك متزامناً مع ضعف الأجور، وتهاوي العملة المحلية مقابل الدولار.
ويقول أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال، طلال عليوي، إنه رغم القرارات الحكومية الوقائية والسريعة، فإن الأسواق السورية شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار من دون مبررات حقيقية، كما شهدت زيادة في أسعار الأدوية وانقطاعاً في بعض المواد نتيجة احتكارها كالزيت.
وحسب المسؤول النقابي، تواصل الأسعار ارتفاعها من دون وضع حدّ لهذا الارتفاع، بسبب تبريرات البعض بأنَّ الارتفاع عالمي.
ويشير عليوي، خلال تصريحات، أول من أمس، إلى أن هناك عوامل عدة أدّت إلى رفع مؤشر تكاليف الحياة لأكثر من ثمانين ضعفاً خلال سنوات الحرب، إذ باتت تحتاج الأسرة المكونة من 5 أشخاص من (1.5-2) مليون ليرة لسدّ نفقات معيشتها، وتراجعت القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود بنسبة تزيد عن 90% بسبب الارتفاعات الكبيرة في أسعار السلع التي تجاوزت مستويات بعضها 100 ضعف عما كانت عليه قبل الحرب (الدولار = نحو 6200 ليرة).

ولا يستبعد رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، أسامة القاضي، دور العقوبات الخارجية في تردي الواقع لـ"درجة الانهيار والإفلاس"، لكنها سبب إضافي إن لم نقل ثانويا، حسب رأيه، لأن تهديم البنى الاقتصادية، وتهجير الرساميل والكفاءات، وخراب الحرب المعلنة على الثورة، هي الأسباب الحقيقية لموجات الغلاء وتدهور معيشة المواطنين.
ويشير القاضي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن نقاط قوة الاقتصاد السوري، ما قبل عام 2011، تحولت إلى أهم نقاط ضعفه اليوم، سواء الزراعة التي كانت تمثل 32% من الناتج الإجمالي المحلي، وكان القمح على سبيل المثال يفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي، إذ كان متوسط الإنتاج 3.5 ملايين طن سنوياً في حين لا يزيد عن 1.3 مليون طن منذ عامين، وأوقع البلاد بعجز بنحو مليون طن.
وأضاف: كما تراجعت مساهمة الصناعة من 30% بالناتج المحلي، حسب تقارير رسمية، إلى أقل من 10%.
ولكن، يستدرك القاضي أن تبدل النفط، من إنتاج 380 ألف برميل، يصدّر منها نحو 150 ألف برميل عام 2011، إلى إنتاج نحو 20 ألف برميل حالياً، واستيراد أكثر من 150 ألف برميل، هو أهم أسباب تعرية الاقتصاد السوري.
ولم يبتعد التقرير الاقتصادي لمجلس الاتحاد العام لنقابات العمال بسورية عن تلك الأسباب، حسب المستشار السابق باتحاد العمال، عماد الدين المصبح. وركز التقرير العمالي على الفساد والعقوبات الخارجية، أكثر مما فصّل بنتائج الحرب التدميرية، وفق المصبح.

لا يستبعد رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، أسامة القاضي، دور العقوبات الخارجية في تردي الواقع لـ"درجة الانهيار والإفلاس"


ووصف التقرير العمالي الصادر، أول من أمس، الاقتصاد الوطني بأنه "يمر بأزمة حادة للغاية ولا يمكن تجاوزها إلا بعد الانتهاء من هذه الحرب واستئناف تصدير النفط"، مشيرا إلى ضرورة وقف كل أشكال العبث والفساد والنهب للموارد العامة والخاصة.
وركز التقرير على خسائر القطاع الزراعي وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة كلفة النقل والتأمين.
ويشير التقرير الصادر عن اتحاد العمال بدمشق، إلى أن القطاع الصناعي "كان رائداً سنوات قبل الحرب، لكنه تراجع بشكل ملحوظ، ووصل الأمر إلى عمليات إغلاقٍ وإفلاسٍ على نطاقٍ واسع، مترافقة مع تخريبٍ كبيرٍ طاول الشركات والبنية التحتية.
ويؤكد المصبح، خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن قرارات حكومة بشار الأسد، برفع أسعار المحروقات والمواد الداخلة بالإنتاج الزراعي والصناعي، كان لها الدور الأهم بتراجع مساحة ومردود الزراعة، وهروب المستثمرين الصناعيين.
فنظام الأسد برأيه "تعامل طيلة فترة الحرب بذهنية المنتصر المحافظ على الكرسي، وليس بعقلية تنمية الدولة التي يجب أن تستفيد من مواردها الاقتصادية والبشرية".

المساهمون