ريف تونس يجذب السياح... وتحركات لإزالة العقبات

28 ابريل 2024
إقبال كبير على السياحة الريفية (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تونس تشهد تحولاً في قطاع السياحة نحو تطوير السياحة الريفية، خاصة في المحافظات الغربية، استجابة للتنوع الطبيعي والتاريخي، مع تسجيل نسبة اختراق للسوق فاقت 9% ووجود حوالي 2000 منشأة سياحية بديلة.
- اهتمام متزايد من السياح الأجانب والمحليين بالإقامات الريفية، مما يدفع نحو تطوير الإطار التشريعي والقوانين لتشجيع الاستثمار وتنويع العرض السياحي، مع التركيز على تسهيل الإجراءات وتعزيز التعاون بين الوزارات.
- السياحة البديلة في تونس تواجه تحديات مثل البيروقراطية وصعوبات التمويل، لكنها تقدم فرصاً واعدة لتنمية القطاع، مع تأكيد الخبراء على أهميتها في تنويع الأنشطة الاقتصادية، مكافحة البطالة والفقر، وتحويل المناطق الأقل تنمية إلى أقطاب جذب سياحي.

يتحوّل ريف تونس إلى مناطق جذب سياحية، مدفوعاً باهتمام المستثمرين المحليين في محافظات الشريط الغربي باستقطاب جزء من صناعة السياحة نحو مناطقهم التي تتميز بتنوّع طبيعي وتاريخي كبير.

وخلال السنوات الأخيرة، زاد اهتمام المستثمرين بإحداث مشاريع سياحية في مناطق بعيدة عن الشريط الشرقي بنسبة اختراق للسوق فاقت 9 بالمائة، وفق بيانات حديثة كشف عنها المجمع المهني للإقامات البديلة.

وأبرزت دراسة حول القطاع أعلن عن نتائجها الأسبوع الحالي أن 78 بالمائة من حرفاء الإقامات البديلة هم من السياح الأجانب وأن 52 بالمائة ممن جرى استجوابهم أكدوا أن المنتجعات في ريف تونس تناسبهم للراحة والاستجمام، بينما أكد 39 بالمائة من التونسيين أن أسعار الإقامات السياحية البديلة مناسبة وأن 44 بالمائة منهم يعتمد عليها للترفيه.

2000 منشأة بديلة في ريف تونس

قدّر رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة حسام بن عزوز عدد مؤسسات السياحة البديلة في ريف تونس بنحو 2000 منشأة، مشيراً إلى أن عددها في تطوّر واضح سنوياً، مدفوعاً بالطلب على هذا الصنف من الإيواء الذي يأخذ مكانة مهمة داخل القطاع.

وتحدّث رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة في تصريح لـ"العربي الجديد" عن أهمية تطوير الإطار التشريعي والقوانين المنظمة للقطاع من أجل تشجيع الاستثمار في هذا المجال وإزاحة العقبات أمام تنويع العرض السياحي خارج مناطقه الكلاسيكية.

ووصف بن عزوز القوانين التي يعتمد عليها القطاع حالياً بغير الكافية، لافتاً إلى أن المهنيين قدموا مقترحات لسلطة الإشراف من أجل وضع كرّاس شروط لمنشآت السياحة البديلة وتسهيل الإجراءات لدفع الاستثمار في هذا القطاع، والبحث عن صياغة تعاون مع مختلف الجهات ومنها وزارة الفلاحة ووزارة الثقافة والتراث.

تنويع العرض السياحي

ومؤخراً أعلنت وزارة السياحة عن خطة عمل مشترك مع وزارة الزراعة تهدف إلى زيادة ديناميكية القطاع عبر تنويع العرض السياحي وتحسين قدرات السياحة الريفية والفلاحية، في إطار استراتيجية يمتد إلى عام 2035.

وقالت الوزارة في بلاغ أصدرته حينها إن النية تتجه نحو التشجيع على الاستثمار في قطاعي السياحة والصناعات التقليدية والمواقع الفلاحيّة، ومزيد تثمين المواد الأوّليّة الطبيعية في الصّناعات التّقليديّة.

وأكدت الوزارة "مناقشة قوانين تتعلق بالاستثمار، لا سيما في مجال الإيواء السياحي البديل، خاصة في ريف تونس وفي مجال السياحة الصّحراويّة والأيكولوجيّة، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على الأراضي الفلاحيّة والثروات الطبيعية للبلاد".

وفي تونس تسيطر السياحة الشاطئية على القسط الأكبر من نشاط القطاع الذي يشكل 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مستفيدةً من خيارات تركيز الزخم السياحي على الشريط الشرقي للبلاد منذ أكثر منذ ما يزيد عن أربعة عقود.

التعجيل بإصدار القوانين

ويقول رئيس لجنة السياحة بالبرلمان التونسي ياسين مامي إن السلطة لم تحل بعد على أنظار مجلس نواب الشعب مشاريع قوانين بشأن تنظيم السياحة البديلة، غير أن اللجان بصدد مناقشة هذا الملف من أجل بلورة مقترحات تساهم في تنويع العرض السياحي في البلاد.

وأكّد رئيس لجنة السياحة بالبرلمان التونسي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه سيكون من المهم جداً التعجيل في إصدار القوانين المنظمة للقطاع من أجل تجاوز العثرات التي تعرقل المستثمرين، معتبراً أن عامل الوقت مهم جداً في زيادة صلابة صناعة السياحة.

ويشكو مستثمرون في قطاع السياحة البديلة من البيروقراطية ومركزية القرار وطول الإجراءات الإدارية من الجهات المختصة، فضلاً عن صعوبات أخرى تتعلّق بالتمويل وغيره.

يؤكد العديد من المستثمرين والمهتمين بالقطاع السياحي البديل أن تشجيع الاستثمار في هذا المجال الاقتصادي الواعد، خاصة في الجهات الداخلية، يتطلب توفير أرضية ملائمة عبر إحداث إطار تشريعي يساهم في تبسيط الإجراءات الإدارية التي تعتبر من بين أهم المكبلات في القطاع.

يقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن تحويل جزء من صناعة السياحة نحو الشريط الغربي للبلاد سيساعد على خلق مواطن شغل ومكافحة البطالة والفقر في تلك المناطق التي تصنّف أقل تنمية.

وأكد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن خلق ديناميكية سياحية في الشريط الغربي للبلاد سيساعد على توطين السكان والحد من الهجرة الداخلية نحو الشريط الشرقي، في إطار البحث عن الشغل.

وتابع "يعتمد الشريط الغربي للبلاد على النشاط الفلاحي والرعي، وهي قطاعات أصبحت هشة بفعل التغيرات المناخية، وسيكون من المهم جداً تنويع الأنشطة الاقتصادية في تلك المناطق وتحويلها إلى أقطاب سياحية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

واعتبر الخبير الاقتصادي أن تنويع العرض عبر الإيواء البديل وتوسيع المسالك يساعد أيضاً على مكافحة هشاشة القطاع السياحي الذي تعرض إلى ضربات قاسية خلال السنوات الماضية بفعل الإرهاب وجائحة كورونا.

ولاحظ المتحدث أن تنويع العرض في مختلف القطاعات يخلق قيمة إضافية جديدة للاقتصاد التونسي تساعد على نسب النمو العامة، على اعتبار أن السياحة الشاطئية هي سياحة ظرفية ومحدودة المردود، وفق قوله.

وأضاف: "ما زال مجال الإيواء السياحي المتصل بالأنشطة البديلة والإيكولوجية وما شابهها من المسالك الواعدة والخصبة وينتظر المزيد من الاستثمار وتكثيف المبادرات والتدخلات، ففي تونس تتجاور المشاهد والمنظومات الإيكولوجية المختلفة من جزر وصحراء وغابات وغيرها في مناطق متجاورة، بما يسهل عملية افتتاح أشكال جديدة من المنتجات والخدمات السياحية".

لكن في المقابل يعاني اقتصاد البلاد من صعوبات في زيادة نسب النمو التي هبطت إلى 0.4 بالمائة خلال العام الماضي مقابل ارتفاع معدلات البطالة إلى 16.6 بالمائة.

وتساعد عائدات القطاع السياحي على تحسين رصيد العملة الصعبة، حيث سجلت الإيرادات زيادة طفيفة بنسبة 7.6 بالمائة، لتصل إلى 1.3 مليار دينار منذ بداية السنة إلى غاية 19 إبريل/ نيسان الحالي وفق بيانات رسمية للبنك المركزي التونسي.

ووفقاً لذات المصدر ساعدت إيرادات السياحة تحويلات التونسيين في المهجر على تغطية 54 بالمائة من خدمة الدين الخارجي لتونس، حتى 10 إبريل/ نيسان 2024.

المساهمون