رغم تفوقها على اليابان كثالث أكبر اقتصاد في العالم.. لماذا ألمانيا محاصرة بالركود؟

16 فبراير 2024
الاقتصاد الألماني أصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم (فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من كل المشاكل والتوقعات الاقتصادية، أعلن أخيراً عن تفوق ألمانيا، البالغ عدد سكانها 84 مليون نسمة، على اليابان، لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، رغم الفارق في عدد السكان مع الأخيرة، التي وصل عدد سكانها في أحدث تعداد إلى أكثر من 126 مليون نسمة. 

وأرجع المحللون ذلك إلى ضعف الاقتصاد في طوكيو، بعد انكماشه خلال الربعين الأخيرين، وضعف الين الياباني، الذي يعتبر بدوره أحد أعراض الضعف الأساسي في النمو.

وترى الحكومة الألمانية أن اقتصاد البلاد يضعف، حيث خفض وزير الاقتصاد هذا الأسبوع من توقعاته للنمو لحدود 0.2 % فقط، وباتت البلاد محاصرة بالركود. فما أسباب ذلك؟

قال رئيس معهد "إيفو" كليمنس فوست، أمس الخميس، في مقابلة مع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية: "لسوء الحظ نحن عالقون في فخ الركود، وبالطبع يرتبط ذلك بعوامل قصيرة المدى مثل أسعار الفائدة وأسعار الطاقة وتكاليف العمالة وضعف الطلب المحلي، ولكن لدينا أيضا مشاكل طويلة المدى أهمها هيكلية، وفي مقدمِها قطاع صناعة السيارات الذي يمر بعملية تغيير".

وأشار فوست إلى أن هذا تسبب في خفض وظائف في شركات على تماس مباشر مع هذا القطاع، بينها كونتينتال وبوش وغيرها، ناهيك بالتغير الديمغرافي الذي ستكون له تبعاته، وتقلص القوى العاملة، مؤكداً أن هذا أكثر ما يثير قلق المستثمرين.

وأضاف: "ترى ثلاث من كل خمس شركات تقريبا أن إطار السياسة الاقتصادية يمثل خطرا على التجارة".

ومع اتفاق وزيري المالية كريستيان ليندنر والاقتصاد روبرت هابيك على أن الشركات الألمانية تواجه أوقاتا عصيبة بسبب العبء الضريبي المرتفع وتكاليف الطاقة مقارنة بالدول الأخرى، توقعت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن ينكمش الاقتصاد مرة أخرى هذا العام، مشيرة إلى أن استطلاع آراء أعد أخيرا، وشاركت فيه أكثر من 27 ألف شركة من جميع القطاعات والمناطق، بيّن أن الانكماش سيكون بنسبة 0.5%. وكان العام الماضي قد شهد انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 %.

وستكون هذه المرة الثانية فقط في تاريخ ما بعد الحرب التي ينكمش فيها الاقتصاد الألماني في عامين متتاليين، حيث كانت المرة الأولى في عامي 2002 و2003، وفق ما بينته شبكة "دويتشه فيله" الإخبارية. ويعتزم وزير المالية تقديم مفهوم جديد لتعزيز موقع الشركات المحلية خلال فصل الربيع.

ومع وصف وزير المالية ليندنر ضعف النمو بـ"المحرج والخطير اجتماعيا"، اعتبر المدير فوست أن "اتفاقيات الأجور المنتظرة أمر يثير قلق البنوك المركزية على وجه الخصوص، ومن الممكن أن يكون هناك المزيد من الضغوط التضخمية".

وأوضح ليندنر أن الضغوط التضخمية "قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف وبالتالي الأسعار، وهو ما تتعين محاربته بحزم".

وأشار ليندنر إلى أن الأجور ليست وحدها المحرك الأساسي للتضخم، وأن هناك عوامل أخرى، بينها على سبيل المثال أسعار المواد الغذائية التي تلعب بالطبع دورا كبيرا ولا تزال ترتفع بشكل حاد في الوقت الحالي.

وأكد فوست أنه لا يتوقع أن يصبح كل شيء أرخص، وإنما يرى ضرورة إبطاء الزيادة الإضافية في الأسعار، التي ارتفعت بشكل حاد خلال الفترة الماضية، مع الحفاظ على أسعار مستقرة بعدما تراجعت أسعار الطاقة خلال الفترة الأخيرة.

وبخصوص موعد تخفيض أسعار الفائدة، أشار فوست إلى أن الخطوة الأولى كانت التوقف عن رفع الفائدة، وهو ما تم بالفعل. وبيّن أن البنك المركزي الأوروبي سيتحرك بصورة تدريجية، بخفض الفائدة نصف أو ربما ربع بالمائة، على أن نصل في نهاية العام إلى 3.5%.

وأكد فوست أن زمن أسعار الفائدة الصفرية أو السلبية انتهى إلى غير رجعة.

المساهمون