يطيح تفشي جائحة فيروس كورونا في تونس بآمال العاملين في القطاع السياحي بعودة الزائرين هذا العام، ما يفاقم من الخسائر التي تكبدوها خلال العام الماضي بفعل الجائحة التي تسببت في موجة إغلاقات عالمية وتوقف السفر لأشهر طويلة.
وتظهر المؤشرات أن تداعيات الموجة الجديدة من كورونا أشد قسوة، خاصة في ظل تأخر الحصول على اللقاحات المضادة للفيروس، ما يضعف الآمال في إمكانية توافد السائحين، بينما عمدت دول تعتمد في أنشطتها على السياحة، خاصة في أوروبا، على إعطاء الأولوية في توفير اللقاحات للمناطق السياحية التي توفر فرص عمل وتدر عائدات للدولة.
وتعرض القطاع في تونس لضربة موجعة خلال العام الماضي، بعدما انخفضت إيراداته بأكثر من 65%، لتتسبب الجائحة في موجة تسريح كبرى في صفوف العاملين في النُزل (المنشآت الفندقية)، والمهن المرتبطة بالقطاع.
تعرض قطاع السياحة في تونس لضربة موجعة خلال 2020، بعدما انخفضت إيراداته بأكثر من 65%، لتتسبب الجائحة في موجة تسريح كبرى في صفوف العاملين
وقال ظافر لطيف، وهو كاتب عام جامعة وكالات الأسفار (الأمين العام)، إن "القطاع يقترب من سنة بيضاء جديدة (خالية من السائحين)، لانتشار الوباء وتواصل غلق الحدود من الجزائر، فضلا عن تراجع الطلب الليبي على السياحة في جنوب تونس خوفاً من العدوى".
وأضاف لطيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مؤشرات تعرض السياحة لأزمة جديدة هذا العام تتأكد يوماً بعد يوم"، منتقدا ما وصفها بـ"ضعف الجهود الرسمية من أجل تحريك الطلب على الوجهة التونسية".
وتابع: "الجهد الدبلوماسي الرسمي مهم جداً في إقناع الأسواق السياحية على اختيار الوجهة التونسية، فكان لا بد من ضمان حصة تونس من السوق الروسية بهدف إنقاذ القطاع من موسم خسائر ثان".
وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لعمال القطاع السياحي في الحصول على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من أجل طمأنة الأسواق الخارجية، فضلا عن إحياء البروتوكول الصحي الذي جرى اعتماده في الموسم الماضي وفقا للمعطيات الصحية الجديدة من أجل تشجيع الوافدين.
وقطاع السياحة من أكبر القطاعات الاقتصادية المتضررة من الجائحة في تونس، حيث ارتفع تسريح العاملين فيه بنسبة 3288% خلال العام الماضي مقارنة مع 2019، وفق بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية، بينما زادت نسبة التسريح في مختلف القطاعات بنحو 783%، وهي أعلى نسبة تسجلها البلاد.
ووفق بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن المؤسسات لجأت بجانب التسريح إلى تقليص عدد ساعات العمل كواحدة من الآليات للضغط على مصاريفها، كذلك زادت عمليات الإحالة على المعاش المبكر بنسبة 198%.
ومقابل النظرة التشاؤمية للعاملين في السياحة، يبدي الجانب الرسمي تفاؤلا بانفراجة قريبة للقطاع، حيث أعلن وزير السياحة الحبيب عمار أن أخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا ليس شرطاً لدخول البلاد، مشيرا إلى أن تقديم فحص "بي سي آر" سالب يعد مستندا كافيا للسياح الراغبين في دخول تونس.
تونس تستعد، الصيف القادم، لاسترجاع القطاع السياحي تحت شعار (تونس جاهزة وآمنة) وفق تصريحات الوزير الحبيب عمار
وأوضح الوزير، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية على هامش زيارة عمل إلى روسيا، بداية إبريل/ نيسان الجاري، أن "تونس تستعد، الصيف القادم، لاسترجاع القطاع السياحي، وسنأخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية كل من يزور تونس وكل الشعب التونسي، وشعارنا هو (تونس جاهزة وآمنة)".
وسمحت السلطات الروسية للخطوط الجوية "إيروفلوت" بالقيام بسبع رحلات أسبوعية إلى تونس، فضلا عن السماح لشركتين أخريين بتسيير رحلات غير منتظمة إلى مطارات تونسية، وفقا لقرار وكالة النقل الجوي الفدرالية في روسيا أخيراً.
وسجلت عائدات القطاع السياحي التونسي تراجعا بنسبة 55% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب بيانات رسمية للبنك المركزي التونسي.
وأظهرت البيانات، التي نشرها البنك المركزي، مؤخرا، أن حجم عائدات القطاع السياحي التونسي بلغ في نهاية أبريل/ نسيان الماضي 439.2 مليون دينار (162.66 مليون دولار)، مقابل 975.5 مليون دينار (361.29 مليون دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وانكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 8.8% خلال العام الماضي، وهو أكبر انكماش في تاريخ البلاد، بسبب آثار الأزمة على قطاعات حيوية، مثل السياحة والطيران والتصدير.
وتوقع صندوق النقد الدولي، في وقت سابق من العام الجاري، أن يعود الناتج المحلي إلى النمو بنسبة 2.3% في 2021، مقلصا بذلك توقعاته السابقة عند نحو 4%.
وقال صندوق النقد، في تقرير حول آفاق الاقتصاد الإقليمي بعنوان "النهوض من الجائحة بناء مستقبل أفضل"، إن نشر اللقاحات في تونس سيكون ضرورياً للتعافي في البلدان التي تعتمد على السياحة اعتماداً كبيراً، مصنفاً تونس من بين البلدان البطيئة والمتأخرة في التطعيم الذي قد يستمر إلى عام 2023 لتلقيح كل السكان.