استمع إلى الملخص
- **تأثيرات العوامل الاقتصادية والسياسية**: انخفاض أسعار النفط بسبب المخاوف الاقتصادية العالمية، لكن الأسعار انتعشت بنحو 5 دولارات للبرميل. بنك ستاندرد تشارترد يشير إلى أن الارتداد الصعودي قد يظل محدوداً.
- **العوامل الدافعة لارتفاع الأسعار**: شح المعروض النفطي، التعقيدات السياسية في ليبيا، التزام "أوبك+" بخفض الإنتاج، تراجع سعر صرف الدولار، واضطرابات الشرق الأوسط.
توقعت مؤسسات بحثية وبنوك استثمار كبرى أن تتجه أسعار النفط فوق 80 دولاراً لخام برنت قبل نهاية العام الجاري. وتتوقع نشرة إيكونومست أنتليجنس يونت البريطانية في تقريرها الصادر في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري أن يتراوح متوسط سعر برميل خام برنت بين 83 و84 دولارًا للبرميل. ووفقاً للفترة طويلة المدى، وما بعد عام 2026 تتوقع النشرة أن يرتفع السعر إلى 115 دولاراً للبرميل.
وفي المقابل، توقع بنك سيتي الأميركي، يوم الثلاثاء الماضي، أن يبقى سعر خام برنت فوق مستوى 70 دولاراً للبرميل على الأمد القريب بدعم من تراجع إنتاج النفط في ليبيا وامتثال روسيا الأكبر لالتزامات "أوبك+". كما توقع المصرف الأميركي ارتفاع الطلب الصيني على النفط بواقع 300 ألف برميل يوميًا على أساس سنوي في الربع الأخير من هذا العام، بعد انكماشه في الربعين السابقين. وقدر البنك متوسط سعر خام برنت بـ60 دولارا في 2025، مع تحول السوق إلى فائض يبلغ نحو مليون برميل يوميًا حتى مع افتراض استمرار تخفيضات إنتاج تحالف "أوبك+" النفطي وتراجع الامتثال من قبل روسيا وكازاخستان والعراق.
من جانبها، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن ترتفع أسعار خام برنت إلى 84 دولارًا للبرميل للعام الجاري بأكمله. أما بالنسبة للعام المقبل، فترى المؤسسة التي تحلل أسواق الطاقة للحكومة الأميركية أن متوسط الأسعار سيبلغ 86 دولارًا للعام بأكمله. وجاءت هذه التوقعات في 6 أغسطس الماضي.
أما بنك أوف أميركا، فقد خفض قبل أيام، توقعات أسعار النفط من خام برنت في النصف الثاني من 2024 إلى 75 دولارا للبرميل من نحو 90 دولارا في السابق. وعزا البنك ذلك إلى تراكم المخزونات العالمية وضعف نمو الطلب والقدرة الإنتاجية الفائضة لأوبك+. ووفقًا لمحللي البنك، فإن النمو الضعيف في الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.1 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي أيضا في عام 2025، إلى جانب زيادة إمدادات النفط من خارج أوبك بنحو 1.6 مليون برميل يوميًا، هو ما سيحد من قدرة أوبك+ على زيادة الإنتاج.
على مدى الأسبوعين الماضيين، شابت أسواق النفط عاصفة من المخاوف الاقتصادية الكلية بشأن الاقتصاد العالمي، وبالتالي غذت مبيعات الصفقات النفطية في الأسواق المستقبلية، مما أدى إلى انخفاض كبير في أسعار النفط. وأدى الهبوط الكبير إلى دفع مراكز النفط الخام والمنتجات النفطية إلى التخارج من الصفقات المستقبلية التي تقود عادة مستويات الأسعار الفورية للخامات النفطية، وكانت النتيجة أدنى أسعار للنفط منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وكما كان متوقعًا، تلت ذلك عمليات بيع كبيرة في أسعار النفط، حيث انخفض سعر خام برنت لشهر أقرب استحقاق إلى 68.68 دولارًا للبرميل في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو أدنى سعر منذ 2 ديسمبر 2021، وذلك وفق بيانات نشرة أويل برايس المتخصصة في الطاقة في تقرير يوم الأربعاء.
لكن الأسعار انتعشت منذ ذلك الوقت بنحو 5 دولارات للبرميل في الأسبوع الجاري، وفق بيانات "أويل برايس" مساء الأربعاء. وقد أشار محللو السلع الأساسية في بنك ستاندرد تشارترد البريطاني إلى أن هذا الارتداد الصعودي ربما يظل محدوداً نظرًا للحدود القصوى في مراكز المضاربة، ويستدعي ارتفاعًا أكبر لتغطية مراكز البيع المكشوفة.
وفي ما يتعلق بمسار أسعار النفط على المدى القريب، أقر بنك ستاندرد تشارترد بأن الحصول على إشارة اتجاه واضحة على المدى القصير من الأساسيات يكاد يكون مستحيلاً في مثل هذه السوق المضطربة. ولكنه يشير إلى العديد من العوامل الدافعة الصعودية الرئيسية. ومن بين العوامل التي من المتوقع أن تدفع أسعار النفط للارتفاع، يذكر البنك البريطاني خمسة عوامل وهي: أولاً: لا توجد وفرة في العرض، حيث إن شهر سبتمبر/أيلول في طريقه ليصبح الشهر الأكثر شحاً في المعروض النفطي خلال العام الجاري بسبب قوة الطلب الموسمي وانقطاع صادرات النفط الليبية، وكذلك تراجع إنتاج الخليج الأميركي بسبب العاصفة التي ضربت المنطقة. أما العامل الثاني، فهو توقف صادرات النفط الليبي، وتوقع مصرف ستاندرد تشارترد أن تستغرق عودة النفط الليبي للأسواق وقتًا أطول من التوقعات السابقة بسبب التعقيدات السياسية التي تحكم ليبيا في الوقت الراهن.
وفي ذلك الوقت، زعم بنك ستاندرد تشارترد أن الخلافات الدقيقة في المفاوضات المتعلقة بأزمة مصرف ليبيا المركزي كانت أكثر تعقيدا بكثير مما أوحت به تعليقات السوق البترولية، حيث لم يتم إحراز تقدم جوهري يذكر بعد جولتين من المفاوضات بين السلطات المعترف بها دوليا في طرابلس وقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في شرقي ليبيا. وتراجعت صادرات النفط الخام الليبي بنحو 550 ألف برميل يوميًا، أي ما يقرب من نصف مستوى ما قبل الأزمة المصرفية البالغ حوالي 1.2 مليون برميل يوميًا. ويرى بنك ستاندرد تشارترد أن الانخفاض في الإنتاج سيستمر لفترة أطول بكثير مما تتوقعه السوق حاليًا، مما يشير إلى أن السوق قد تقدمت على نفسها في تسعير الحل الفوري لأزمة لم يتم حلها فعليًا.
وثالث العوامل التي تدفع باتجاه زيادة سعر النفط هو أنه من غير المحتمل حدوث وفرة في العرض البترولي في الربع الرابع من عام 2024 والنصف الأول من عام 2025 على الأقل، بسبب التزام منتجي "أوبك +" بخفض الإنتاج. وفي الأسبوع الماضي، أفاد بنك ستاندرد تشارترد بأن أسواق النفط تتجاهل الإزالة الوشيكة لمزيد من البراميل من الأسواق في الأشهر المقبلة. وفي يوليو/تموز الماضي، قدمت روسيا والعراق وكازاخستان خطط التعويض الخاصة بها إلى أمانة أوبك عن كميات النفط الخام الزائدة عن الحد التي ضختها في السوق خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2024.
ووفقًا لمنظمة أوبك، سيتم تعويض الكميات الزائدة في الإنتاج بالكامل على مدار الخمسة عشر شهرًا القادمة من خلال سبتمبر/أيلول 2025، حيث "تسدد" روسيا إجمالي 480 ألف برميل/اليوم، والعراق 1.184 مليون برميل/اليوم، وكازاخستان 620 ألف برميل/اليوم.
أما العامل الرابع فهو تراجع سعر صرف الدولار الذي يساهم في ارتفاع الطلب النفطي العالمي، خاصة في آسيا. ويكمن العامل الخامس في توقعات زيادة سعر النفط في اضطرابات الشرق الأوسط التي تتفاعل مع الحرب الوحشية على قطاع غزة والهجمات على لبنان.