ترجيحات واسعة بإبقاء أسعار الفائدة الأميركية ثابتة الأسبوع المقبل

14 سبتمبر 2023
المستثمرون لا يتوقعون زيادة الفائدة (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأميركية، في أغسطس/ آب الماضي، بأسرع وتيرة لأكثر من عام، بسبب قفزة في تكاليف الطاقة، إلا أنّ الأسعار الأساسية، التي تستثني الطاقة والغذاء، ارتفعت بشكل قليل، وهو ما جعل صحيفة وول ستريت جورنال ترى أنه من المرجح أن تدفع القراءة الأساسية الشهرية مسؤولي مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) لإبقاء أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم الأسبوع المقبل، دون جدل حول ما إذا كانوا سيحتاجون إلى رفعها لإبطاء الاقتصاد والحفاظ على التقدم الأخير بشأن التضخم.

وفي هذا الإطار، أفادت وزارة العمل الأميركية، أمس الأربعاء، بأنّ مؤشر أسعار المستهلك، وهو مقياس التضخم الذي تتم مراقبته عن كثب، ارتفع بنسبة 0.6% في أغسطس مقارنة بالشهر السابق.

ويعود أكثر من نصف الزيادة إلى ارتفاع أسعار البنزين. بيد أنّ ما تسمى الأسعار الأساسية، التي تستثني المواد الغذائية والطاقة، ارتفعت بنسبة طفيفة نسبياً بلغت 0.3% الشهر الماضي، بعد قراءات أقل في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز.

ورفعت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية سعر الفائدة القياسي في يوليو إلى نطاق يراوح بين 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى خلال 22 عاماً، وكانت أحدث توقعاتها تشير إلى زيادة أخرى في سعر الفائدة لعام 2023.

من جانبها، ذهبت وكالة بلومبيرغ الأميركية إلى ما ذهبت إليه "وول ستريت جورنال" بأنّ الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، التي تحدد معدل الفائدة للاحتياط الفيدرالي، في الفترة من 19 إلى 20 سبتمبر، لن يشهد زيادة في أسعار الفائدة.

ونقلت "بلومبيرغ" عن روبيلا فاروقي، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في شركة "هاي فريكونسي إيكونوميكس"، أنّ هذه البيانات تدعم التوقف المؤقت في سبتمبر، ومع ذلك، من غير المرجح أن تعلن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة النصر حتى ترى المزيد من الأدلة على التحسن نحو هدف 2%، مضيفة أنهم سيظلون منفتحين لمزيد من رفع أسعار الفائدة إذا لزم الأمر.

كما نقلت عن عمير شريف، رئيس شركة "إنسايت إنفليشن" المعنية بتحليل بيانات التضخم، قوله إنه في حين أنّ التضخم الأساسي قد يكون أخف في سبتمبر، إلا أنه يعتقد أنه ستكون هناك زيادة في سعر الفائدة الأساسي في الربع الرابع من هذا العام، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى المضي في رفع سعر الفائدة مرة أخرى في اجتماع ديسمبر/ كانون الأول.

وكان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول قد أشار، في أواخر أغسطس، في مؤتمر المجلس في كانساس سيتي بجاكسون هول في ولاية وايومنغ، إلى أنّ التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، وأنّ محافظي البنوك المركزية على استعداد لتشديد السياسة النقدية أكثر إذا لزم الأمر.

من جانبها، نظرت كاثي بوستيانسيك، كبيرة الاقتصاديين في شركة "نيشن وايد لايف إنشورنس"، نظرة تشاؤمية لأرقام أغسطس، وقالت إنّ مؤشر أسعار المستهلك الأساسي لشهر أغسطس مخيب للآمال بعض الشيء، وهذا سيبقي مجلس الاحتياط الفيدرالي في حالة تأهب ويشير إلى إمكانية رفع سعر الفائدة في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول المقبلين.

وحول انعكاسات البيانات الجديدة على تصور المستثمرين في الولايات المتحدة بشأن رفع معدلات الفائدة وما لها من تداعيات على استثماراتهم، ذكرت "بلومبيرغ" أنّ المستثمرين ليسوا متأكدين من حدوث ارتفاع آخر في معدل الفائدة، مضيفة أنهم يرون أنّ مجلس الاحتياط الفيدرالي سيترك أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعهم في سبتمبر.

ولتعزيز ما ذهبت إليه "بلومبيرغ"، فقد تطرّقت إلى عوائد السندات الأميركية التي تستثمر فيها كثير من الدول والجهات، حيث لفتت الوكالة إلى أنّ عوائد سندات الخزانة لم تتغير كثيراً بعد الكشف عن البيانات الأخيرة، وهو ما يعكس أنّ المستثمرين لم يغيروا وجهة نظرهم بأنّ الاحتياط الفيدرالي لن يغير معدل الفائدة في اجتماعه المقبل.

ويمكن أن يؤدي ارتفاع تكاليف الطاقة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات غير المرتبطة بالطاقة، وتؤثر أسعار الطاقة والغذاء بشكل كبير على الطريقة التي ينظر بها العديد من الأميركيين إلى التضخم ويمكن أن تؤثر على سلوكهم، بما في ذلك الأجور التي يطلبونها من أصحاب العمل. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة طفيفة بلغت 0.2% في أغسطس على أساس شهري، وهي نفسها وتيرة شهر يوليو.

وأشارت "بلومبيرغ" إلى أنّ سوق العمل الذي لا يزال مشدوداً (عدد الوظائف أكبر من المتقدمين لها) يمكن أن يبقي الأسعار مرتفعة لبعض الوقت، حيث إنّ وجود وظائف أكثر من عدد المتقدمين إليها يشير إلى أنّ هناك نشاطاً اقتصادياً يؤدي إلى المزيد من فتح فرص التوظيف، كما أنّ عدم وجود العدد الكافي لمن يملأ هذه الوظائف يؤدي إلى تفاوض المتقدمين لهذه الوظائف على رواتب أعلى، وهو ما يؤدي إلى صرف أكبر ورفع للأسعار.

ويسعى مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى تهدئة النشاط الاقتصادي وتهدئة سوق العمل لما له من أثر كبير في خفض التضخم. وذكرت "وول ستريت جورنال" أنّ سوق العمل الهادئ يمكن أن يساهم في خفض التضخم، ونسبت إلى جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في مجموعة "آي إن جي" المصرفية، قوله إنّ ارتفاع معدلات البطالة قد يقلق المستهلكين ويخفف الإنفاق، وهو ما قد يؤدي إلى إبطاء زيادات الأسعار وبالتالي انخفاض التضخم.

المساهمون