استمع إلى الملخص
- تفاصيل القرار الأوروبي: وافقت دول الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم تصل إلى 35.3% على السيارات الصينية، رغم التحذيرات من حرب تجارية، حيث دعمت عشر دول القرار وعارضته خمس دول، منها ألمانيا.
- التوترات التجارية والمخاوف الأوروبية: أثارت الرسوم خلافات بين فرنسا وألمانيا، حيث تخشى الأخيرة من تصعيد تجاري مع الصين، بينما تسعى بروكسل لتعزيز التكنولوجيا النظيفة دون إثارة حرب تجارية.
رفضت بكين الرسوم الجمركية التي أقرتها المفوضية الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالح الشركات الصينية، في الوقت الذي وصفت فيه رابطة صناعة السيارات الألمانية القرار بأنه خطوة رجعية للتعاون الدولي.
وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن بلاده حثت المفوضية الأوروبية على إظهار إجراءات ملموسة لتنفيذ إرادتها السياسية والعودة إلى المسار الصحيح المتمثل في حل الاحتكاكات التجارية من خلال المشاورات. وأضاف المتحدث الجمعة، وفقاً لوكالة شينخوا، أن "الصين تعارض بشدة الحكم النهائي المقترح من الجانب الأوروبي، لكنها تأخد أيضاً بعين الاعتبار الإرادة السياسية من الجانب الأوروبي لمواصلة حل القضية من خلال المفاوضات"، مشيراً إلى أن الفرق الفنية من كلا الجانبين ستواصل مفاوضاتها بعد غد الاثنين.
ومنذ نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، عقد الجانبان أكثر من 10 جلسات تشاورية فنية تضم رؤساء إدارات على المستوى دون الوزاري، فضلاً عن جلستين تشاوريتين على مستوى نواب وزراء بشأن تلك القضية. وحثت الوزارة وفقاً للوكالة ذاتها، الجانب الأوروبي على أن يكون على دراية واضحة بأضرار فرض رسوم إضافية، لأن ذلك لن يحل أي مشكلات، بل سيؤدي فقط إلى زعزعة ثقة الشركات الصينية وعزمها على التعاون الاستثماري في أوروبا ويمنعها من هذا التعاون. وأكد المتحدث أن "الصين ستتخذ جميع الإجراءات الممكنة للدفاع بقوة عن مصالح الشركات الصينية".
وفي تموز/يوليو الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية مؤقتة تصل إلى 37.6 % على السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين، قائلاً إنها تستفيد بصورة غير عادلة من الدعم الحكومي. ورداً على ذلك، قدمت بكين شكوى إلى منظمة التجارة العالمية في آب/أغسطس، قائلة إن الرسوم الجمركية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية وتقوض التعاون العالمي بشأن تغير المناخ.
تفاصيل قرار الرسوم الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية
أعطت دول الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر بصورة نهائية الجمعة لفرض رسوم جمركية إضافية كبيرة على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، رغم التحذيرات الألمانية من إمكانية تسبب الخطوة إشعالَ حرب تجارية مع بكين. وبات لدى المفوضية الأوروبية التي اعتمدت الخطوة بصفة مؤقتة في حزيران/يونيو بعدما خلص تحقيق إلى أن مساعدات الدولة الصينية إلى مصنّعي السيارات غير منصفة، الحرية المطلقة في فرض رسوم كبيرة على مدى خمس سنوات اعتباراً من نهاية تشرين الأول/أكتوبر.
أيّدت عشر دول أعضاء في التكتل بينها فرنسا وإيطاليا وبولندا فرض رسوم تصل نسبتها إلى 35.3 %، إضافة إلى الرسوم القائمة حالياً البالغة نسبتها 10%، وفق ما أفاد عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين لوكالة فرانس برس. ولم تصوّت غير خمس دول بينها ألمانيا والمجر ضد الخطوة، بينما امتنعت 12 دولة عن التصويت بما في ذلك السويد وإسبانيا. ورغم أن الرسوم لم تحظ بدعم غالبية البلدان، إلا أن المعارضة لم تكن كافية لمنعها، وهو أمر كان يتطلب تأييد 15 دولة على الأقل تمثّل 65 % من سكان التكتل. ويترك ذلك الخيار بشأن المضي قدماً في أيدي المفوضية الأوروبية المسؤولة عن السياسة التجارية للتكتل، والتي قالت إنها "حصلت على الدعم اللازم لتبني الرسوم الجمركية".
أثارت رسوم الاتحاد الأوروبي خلافات بين فرنسا وألمانيا، إذ تصر باريس على أنها ضرورية لتحقيق تكافؤ بين مصنّعي السيارات في الاتحاد الأوروبي ونظرائهم الصينيين. واستثمرت ألمانيا المعروفة بقطاع سياراتها القوي ومصنّعيها الرئيسيين بما في ذلك "بي إم دبليو" و"فولكسفاغن" و"مرسيدس" في الصين بشكل كبير، وحضّت المفوضية على عدم المضي قدماً بالخطوة. وقال وزير المال الألماني كريستيان ليندنر على منصة "إكس" إن "على المفوضية الأوروبية.. ألا تثير حرباً تجارية رغم التصويت لصالح" الرسوم. وأضاف "نحتاج إلى حل متفاوض عليه".
النهج الخطأ
تملك برلين حججاً قوية تدعم موقفها، إذ هددت بكين بالرد بقوة وفتحت بالفعل تحقيقات بشأن البراندي ومنتجات الألبان والأجبان والخنزير المستوردة من أوروبا. حاولت الصين من دون نتيجة منع تطبيق الرسوم عبر الحوار، لكن المحادثات فشلت حتى الآن في الوصول إلى اتفاق يرضي الاتحاد الأوروبي.
وأفادت المفوضية بأنه يمكن بأن يتم رفع أي رسوم جمركية لاحقاً إذا تعاطت الصين مع مخاوف الاتحاد الأوروبي.
وقال الناطق باسم المفوضية المعني بشؤون التجارة أولوف غيل إن "الاتحاد الأوروبي والصين يواصلان العمل جاهداً للبحث عن حل بديل".
وحضّت مجموعة تمثّل الشركات الصينية في أوروبا الاتحاد الأوروبي على "تأجيل" تطبيق الرسوم الجمركية "الحمائية".
وجاء في بيان لغرفة التجارة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي "نشجّع الاتحاد الأوروبي بقوة على.. منح أولوية لحل النزاعات والتوترات التجارية عبر المشاورات والحوار".
ويسود انقسام بين مصنّعي السيارات الفرنسيين والألمان بشأن الرسوم. وانتقدت رئيسة رابطة صناعة السيارات الألمانية هيلديغارد مولر، قرار فرض رسوم جمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية. وقالت في بيان السبت وفقاً لوكالة شينخوا، إن هذه الخطوة ليست سوى خطوة رجعية للتعاون الدولي، داعية الجانبين إلى مواصلة المفاوضات وتجنب المزيد من التصعيد والصراعات التجارية المحتملة. وفي الوقت نفسه، أشادت بموقف ألمانيا المناهض لفرض هذه الرسوم، واصفة إياه بـ"النداء الصحيح".
وقالت مجموعة "فولكسفاغن" الألمانية العملاقة لصناعة السيارات إن الرسوم تعد "النهج الخطأ ولن تحسّن التنافسية في قطاع السيارات الأوروبي" بينما دعت إلى محادثات مع بكين لتجنّب نزاع تجاري.
في الأثناء، قالت مجموعة صناعة السيارات الأميركية الفرنسية الألمانية "ستيلانتيس" إنها "أخذت علماً" بالتصويت، مشددة على التزامها حيال "منافسة حرة ومنصفة"، في تكرار لتصريحات حذرة مشابهة صدرت عن "الرابطة الأوروبية لمصنّعي السيارات". وتطبّق أيضاً رسوماً إضافية، بمعدلات مختلفة، على المركبات المصنوعة في الصين من قبل مجموعات أجنبية مثل تسلا والتي ستكون عرضة لرسوم نسبتها 7.8%.
محاولة أوروبية للموازنة
تفيد بروكسل بأنها تهدف إلى حماية مصنّعي السيارات الأوروبيين في قطاع أساسي يوفر فرص عمل لحوالي 14 مليون شخص في أنحاء الاتحاد الأوروبي، لكنه لا يستفيد من حزم الدعم الحكومية الكبيرة كتلك المتوفرة في الصين. فرضت كندا والولايات المتحدة في الشهور الأخيرة رسوماً أعلى بكثير تبلغ 100 % على واردات السيارات الكهربائية الصينية.
وفي مؤشر على كيفية انتشار المخاوف في أوروبا قبل التصويت النهائي، تراجع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن الدعم الذي قدّمه بداية للخطوة وطلب من بروكسل الشهر الماضي "إعادة النظر" فيها. كما عارضتها المجر بوضوح. وقبل التصويت انتقد رئيس الوزراء فيكتور أوربان الرسوم الجمركية واصفاً إياها بأنها "الخطوة التالية في الحرب الاقتصادية الباردة" التي قال إنها "تهديد ضخم للمجر".
ولا يقتصر التوتر التجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية، إذ تستهدف التحقيقات التي أطلقتها بروكسل أيضاً حزم الدعم الصينية للألواح الشمسية وتوربينات الرياح. يواجه التكتل مهمة صعبة في وقت يحاول تعزيز قطاع التكنولوجيا النظيفة والاستثمار في الانتقال الصديق للبيئة من دون إثارة حرب تجارية مع الصين.
(فرانس برس، العربي الجديد)