يمثل الشتاء موسماً خاصاً للترويج السياحي في سلطنة عمان، المصنفة عالمياً ضمن أفضل الوجهات التي تتميز بعناصر جذب سياحية فريدة من نوعها، والتي تشمل مناطق طبيعية خلابة، منها السواحل والبحار والجبال والصحاري والعيون الساخنة والكهوف والأودية، ما جعلها ضمن التصنيف الدولي الأبرز لوجهات السياحة عام 2023.
واختارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية محافظة ظفار تحديداً من أفضل الوجهات الموصى بزيارتها خلال العام، كما رفعت وكالة فيتش سوليوشنز الدولية توقعاتها الإيجابية لانتعاش السياحة في السلطنة خلال العام، مع توقع نمو أقوى للقطاع بين عامي 2024 و2026.
وأشار تقرير للوكالة، أصدرته في أغسطس/آب الماضي، إلى انتعاش ملحوظ لقطاع السياحة في عُمان بدأ منذ أواخر الربع الرابع لعام 2021، مع توقعات باستمرار النمو على مدى السنوات القادمة، مستفيدة من أجندة التنويع الاقتصادي لرؤية عُمان 2040 وخطط التنمية السياحية التي تنفذها الحكومة، من خلال برامج التعافي من تأثيرات جائحة كورونا ومبادرات التسويق الرقمي والإعلان عن استثمارات جديدة بخاصة في القطاع.
مع ذلك، لا يساهم قطاع السياحة سوى بنسبة 3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، حسب ما أعلن وزير التراث والسياحة سالم بن محمد المحروقي، وهو ما لا يتناسب مع ما يمثله القطاع من مصدر حيوي للمساهمة بشكل جذري وملموس في التنويع الاقتصادي، إلى جانب رفع مستوى المعيشة والرفاهية.
وتتمثل المشكلة الأبرز أمام تنشيط السياحة في السلطنة في تمويل منشآت الضيافة والبنية التحتية والخدمات، فضلاً عن بعض العوائق الإجرائية والتشريعية.
ويمثل إنشاء صندوق التنمية السياحية أحد الحلول المقترحة لمعالجة مشكلة التمويل، أما مشكلة التنظيم، فتجرى حاليا مراجعة قانون السياحة لمعالجتها، والذي من المتوقع صدوره في الربع الأول من العام الجاري، إضافة إلى مراجعة عقود الانتفاع لحث المستثمرين على الالتزام بتنفيذ المشاريع السياحية.
وفي السياق، أعلنت حكومة عُمان إعفاء مواطني 103 دول من شرط الحصول على تأشيرة الدخول المسبقة، بالإضافة إلى السماح للمقيمين في بقية دول مجلس التعاون الخليجي بدخول السلطنة من دون تأشيرة مسبقة، وذلك في إطار تنشيط السياحة وتلبية الطلب المتنامي على تأشيرات الزيارة.
كما نظمت وزارة التراث والسياحة حملة ترويجية لاستقطاب السياح من خلال مجموعة من البرامج المنفذة في بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى الهند وبعض دول آسيا، واستضافت مجموعة من مكاتب السفر والسياحة من مختلف دول العالم للتعريف بسلطنة عمان ومقوماتها الطبيعية.
وتركز تلك البرامج على التراث العماني بوجه عام، والأزياء التقليدية بوجه خاص، والباقات السياحية التي تقدمها الشركات السياحية لزيارة السلطنة، إضافة إلى الرياضات والمهرجانات المتنوعة التي تنظمها في المحافظات.
وإزاء وجود مساحات صحراوية شاسعة ذات حدود جبلية خلابة المنظر، تعتبر حكومة السلطنة "سياحة المغامرات الصحراوية" أحد أهم روافد تنشيط القطاع، وتهتم بحضور أهم فعالياتها، وآخرها مشاركتها، الأحد الماضي، في معرض السفر والمغامرات في العاصمة الأميركية واشنطن، وهو أكبر معارض السياحة في الولايات المتحدة، حسب ما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
وانطلق المعرض البارز منذ 18 عاماً، ويشمل برامج متنوعة للجمهور وندوات مصاحبة عن مجالات السفر والسياحة والإعلام والاستثمار.
كما تشهد السلطنة حاليّاً إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة السياحية في مختلف المحافظات تزامنًا مع موسم السياحة الشتوي، الذي يبدأ من شهر أكتوبر/تشرين الأول ويستمر حتى شهر إبريل/نيسان من كلّ عام، بهدف إبراز تنوع التضاريس والمقومات الطبيعية التي تتميز بها.
تتمثل المشكلة الأبرز أمام تنشيط السياحة في السلطنة في تمويل منشآت الضيافة والبنية التحتية والخدمات
ومن هذه الفعاليات مهرجان المغامرات الصحراوية وسباق الرجل الحديدي للفروسية، وغيرها من الأنشطة التي تحقق عوائد مالية للدولة ولشرائح مجتمعية واسعة، وتعزز السياحة الداخلية.
كما نجحت وزارة التراث والسياحة العمانية في استقطاب العديد من كبرى الشركات المسيرة للسفن السياحية إلى عدة موانئ، كميناء صلالة، وميناء السلطان قابوس في مسقط، وميناء خصب، حسب ما نقلت الوكالة العمانية عن مدير دائرة الأنماط السياحية في الوزارة خالد بن محمد العزري.
ويمثل قطاع السفن السياحية أهمية كبيرة للترويج لسلطنة عُمان كإحدى الوجهات البارزة إقليميّاً وعالميّاً، والاستفادة من وجود هذه الفئة من السياح عن طريق تنظيم الرحلات والبرامج السياحية للمقاصد المختلفة، بخاصة مع تركيز وسائل الإعلام العالمية على فرص الازدهار السياحي في السلطنة عام 2023.
وكان عدد زوار السفن السياحية في عمان قبل جائحة كورونا قد بلغ 280 ألف زائر سنوياً. ومع عودة القطاع والتعافي من الجائحة، من المتوقع أن يصل عدد السفن السياحية خلال العام الجاري إلى 200 سفينة، وفق توقعات رسمية.