المغرب وتونس يترقبان ارتدادات اليورو: مخاوف على التحويلات وفوائد للديون

18 يوليو 2022
تأثيرات مباشرة على تجارة المغرب وتونس مع القارة العجوز (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

يتعرض كل من المغرب وتونس لتأثيرات مباشرة من التراجع التاريخي لسعر اليورو مقابل الدولار، بعضها إيجابي والآخر سلبي. ويتابع المغرب تطور اليورو في علاقته بالدولار، فقد تحسن سعر صرف الدرهم إزاء العملة الأوروبية، ما من شأنه أن يؤثر على إيرادات الصادرات وعائدات تحويلات المغتربين، بينما قد يكون مفيدا لخدمة الدين المسعر باليورو.
ذهب بنك المغرب، في تقريره الأسبوعي أول من أمس إلى أن سعر صرف الدرهم تحسن بنسبة 0.30 في المائة مقابل اليورو، وانخفض بـ0.98 في المائة أمام الدولار، وذلك خلال الفترة ما بين 07 و13 يوليو/ تموز الجاري.

ويحدد البنك المركزي قيمة الدرهم المغربي على أساس سلة عملات، مكونة من اليورو والدولار على التوالي بنسبة 60 و40 في المائة، مع هامش تقلب في إطار التعيين في حدود 5 في المائة، بنسبة 2.5 في المائة نزولا أو صعودا.

وحسب الاقتصادي علي بوطيبة في تصريح لـ"العربي الجديد" فإن ارتفاع قيمة الدرهم في علاقته باليورو له علاقة بتراجع الأخير إزاء الدولار، ما يفسر بتأثير طبيعة سلة العملات التي يتحدد على أساسها سعر صرف الدرهم، المكونة من العملة الخضراء والعملة الأوروبية.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أول شريك تجاري للمغرب، فقد بلغت المبادلات التجارية الثنائية للسلع بين المغرب والاتحاد الأوروبي في العام الماضي حوالي 43 مليار دولار، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين المملكة وذلك الفضاء الاقتصادي.

وبالعودة لبيانات ما قبل الأزمة الصحية، يتجلى أن الاتحاد الأوربي مثل 66 في المائة من صادرات المغرب و54 في المائة من الواردات و71 في المائة من الاستثمارات الخارجية المباشرة وأكثر من 70 في المائة من الإيرادات السياحية ومثلها من تحويلات المغتربين.
غير أنه خلف هذه الصورة داخل الاتحاد الأوروبي، يتجلي أن فرنسا وإسبانيا تمثلان بالنسبة للمبادلات التجارية حول 60 في المائة، متبوعين بإيطاليا وألمانيا.
وأشار رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، جواد الكردودي، إلى أنه في حال تواصل تراجع سعر صرف اليورو في علاقته بالدرهم في الفترة المقبلة، فإن المغتربين المغاربة في البلدان الأوروبية، قد يختارون الانتظار قليلا قبل القيام بالتحويلات بالوتيرة المعتادة.
ويذهب الكردودي إلى أنه إذا كان قيمة تحويلات المغاربة بالدولار من الولايات المتحدة ودول الخليج سترتفع في السياق الحالي، فإن تحويلات المغاربة من البلدان الأوروبية الي تعمل بالعملة الموحدة قد تنخفض قيمتها.
ويتجلى أن التحويلات من البلدان الأوروبية تشكل النسبة الأعلى ضمن مجمل التحويلات التي يتوصل بها المغرب، كما في العام الماضي عندما بلغت 9.5 مليارات دولار.
وجاءت تلك التحويلات بشكل خاص من بلدان مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، حيث مثلت على التوالي 32.3 في المائة و14.2 في المائة و10.7 في المائة.
ويعتبر الكردودي أنه في ظل تراجع سعر صرف اليورو، ينتظر أن تنخفض خدمة الدين الذي يوجد في ذمة المغرب والمسعر بالعملة الأوروبية الموحدة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويتجلى من بيانات مديرية الخزانة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، أن المديونية الخارجية المسيرة باليورو تمثل 60.5 في المائة في العام الماضي من مجمل المديونية مقابل 30.6 في المائة للدولار.
غير أن الاقتصادي علي بوطيبة، ينبه إلى أنه من أجل خدمة الدين بالعملة الأوروبية في الفترة المقبلة، يجب أن يكون المغرب قادرا على التصدير إلى تلك السوق. ويتصور مسؤول من المصدرين، فضل عدم ذكر اسمه، أن الدرهم فقد بعضا من قيمته في الفترة الماضية.
ويرى أن ارتفاع قيمة الدرهم يعني انخفاض الدراهم التي سيحصل عليها المصدرون، حيث يمكن أن يكون سلبيا بالنسبة لهم، غير أن ذلك يبقى مرتبطا بالقطاعات المصدرة.
وعلى جانب آخر، تصعد أزمة اليورو بمشاكل المالية العامة في تونس التي تشكو عجزا بنحو 10% بالمائة بسبب ضغط جديد على كلفة وحدات المواد الأساسية من طاقة وغذاء وأودية، بينما تغيب التقديرات الأولية عن الحاجيات التمويلية الجديدة لمجابهة هذه الأزمة.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن تونس واقعة تحت التأثير المباشر لمحنة اليورو الذي يسجل تراجعا قياسيا في قيمته إزاء الدولار هي الأعنف منذ 20 عاما.
ويؤكد الخبير الاقتصادي معز الجودي أن هذه الأزمة لها انعكاسات مباشرة على المعاملات التجارية مع الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس.

تصعد أزمة اليورو بمشاكل المالية العامة في تونس التي تشكو عجزا بنحو 10% بالمائة بسبب ضغط جديد على كلفة وحدات المواد الأساسية من طاقة وغذاء وأودية


ورجح الجودي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يكون تراجع قيمة العملة الأوروبية الموحدة مكلفة لتونس، وأن يزيد ذلك في الضغوط التضخمية المستوردة سيما وأن العالم يشهد ندرة في مواد أساسية خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال الخبير الاقتصادي إن كلفة تسديد الديون الدولارية لتونس وخدمة الدين ستزيد فضلا عن زيادة كلفة واردات الطاقة التي تدفع بالدولار.
واعتبر أن ضغوط ارتفاع قيمة الدولار تضعف هوامش تحرك الحكومة التي لم تتمكن بعد من تحصيل اتفاق مع صندوق النقد الدولي لها بالنفاذ إلى السوق المالية العالمية لتعبئة موارد لا تقل عن 4 مليارات دولار لتسيير النفقات في ما تبقى من السنة.
في المقابل، يرى الخبير المالي معز حديدان أن تونس قادرة على الاستفادة من ارتفاع قيمة الدولار مقابل اليورو وذلك بزيادة قيمة تحويلات التونسيين في الخارج بالدولار.
وقال حديدان لـ"العربي الجديد" إن زيادة قيمة الدولار ستحفز تحويلات التونسيين في دول الخليج العربي والبلدان الدولارية، ما يساعد البنك المركزي على زيادة احتياطاته من الدولار لمواجهة أقساط الدين والواردات الأساسية.
وأظهرت بيانات رسمية للبنك المركزي التونسي أن تحويلات المغتربين زادت خلال النصف الأول للعام الحالي بنسبة 17 بالمائة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي لتصل إلى 3.7 مليارات دينار.

المساهمون